الأميركي الدخيل في أوكرانيا

usa-russia-stop

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
لا نعرف ما هو الرد المؤلم الذي وعدت به روسيا الولايات المتحدة، لكننا نعرف أن الروس لا يمزحون ولا يلعبون في القضايا المصيرية، وخصوصا عندما تتعلق المسألة بروح روسيا وشعبها.
من المؤسف ان الأميركي سيظل على عنجهيته بعدم تمايزه بين الدول، فروسيا ليست دولة صغيرة أو نامية أو غير قادرة على حماية نفسها أو محتاجة اقتصاديا أو تائهة في جو عالمها، هي دولة، بل قطب كبير، مستواه الأعظم، يجعله صاحب فعل متمكن، ولأنه قطب فهو بالتالي معادلة حتمية للولايات المتحدة، القطب الآخر.
ثم ان روسيا على عظمتها سباقة على الولايات المتحدة، فهي كذلك منذ بطرس الأكبر وما قبله، انها موجودة بحكم قوتها في العالم وبحكم تراثها، ان لم نقل بحكم ميزتها الدينية أيضا .. الاميركي جاءنا البارحة، جاء هجوميا مباغتا، فعل فعلته في الحروب فهانت عليه الدول، وحتى العالم بأسره. ربما من حقه ان يرى في ذاته بعض العظمة نتيجة قدراته التكنولوجية وقوته العسكرية والاقتصادية واختراعاته المفيدة في بعضها والضارة في بعضها الآخر.
لن يستطيع الأميركي تقليم اظافر الروسي لأنه يلعب في ملعبه، ويتحرش بجغرافيته، هو التوهان في أمور الآخر، في مكانه، في ساحته، هو اللعب غير النظيف ضد هذا الآخر الذي يريد لدولته ان تظل على حرية خيارها، وقد اختار اهل القرم من يحكمهم، بل يبدو ان جزءا كبيرا من اوكرانيا يماشي القرم ايضا.
يسعى الأميركي على ما يبدو إلى تحسين شروط حرب اهلية في اوكرانيا كي يوظف وجوده الفاعل فيها .. تلك لعبة اميركية عتيقة كثيرا ما نفذها في اماكن مختلفة. من المؤسف ان يقع الاوكرانيون اسرى لأميركي لا يعرف وجدانه معنى حرية الآخر، انما نظرة مصالحه هي المحترمة والمحتمة برأيه، وسيظل هذا الأميركي على ادائه في اوكرانيا، ومثلما جاء إلى العراق محتلا وهو بعيد آلاف الكيلومترات عنها، يجيء اليوم إلى موقع مشابه بعيد آلاف الكيلومترات، حاملا أملا بأن يخذل الروس وحتى الأوروبيين، انه يشتري المكان كي يتمكن من القفز إلى الداخل الروسي، ثم إلى ما هو ابعد في كل اوراسيا.
يخطئ الأميركي اذا لم يكن قادرا على معرفة الروسي على حقيقته .. هو يشتري الوقت الضائع، وروسيا تلعب الوقت الأساسي .. انه ملعبها، مطرحها، مكانها الأمين مهما تطورت الأمور. لا يمكن للروسي ان يتراجع عن اوكرانيا التي تشكل رئتيه، لكنه ايضا لا يريد ولا يسعى إلى اخضاع اوكرانيا بما لا تريده أو تشاؤه.
ويخطئ الأميركي في السماح لنفسه بأن يكون وصيا على اوكرانيا وأن يتخذها رهينة يأتي إليها ساعة يشاء، ويرسل إليها من يشاء من قادته باعتباره تمكن من الاختراق الذي هو طبيعته الدائمة في كل مكان يجد فيه مآربه.
الكل ينتظر طبيعة الرد المؤلم كما وعد الروس الاميركيين، وكما نعتقد انه سيكون. تملك روسيا شتى الأساليب والطرق وحتى الظروف التي تتيح لها ان تؤلم الاميركي الذي جاء دخيلا إلى اوكرانيا مع ان الشعب الأوكراني لم يطلبه بأن يكون متدخلا في شؤونه الداخلية ولا في علاقاته مع الأخت الكبرى الحنون روسيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.