الإنتخابات النيابية، بين الإلتزام الحزبي والولاء للفَرد

موقع قناة المنار-

أمين أبوراشد:

السياسة في العالم قائمة على الحياة الحزبية بإستراتيجيات كل حزب وبرامج عمله، سواء كان في الحكم أو خارجه، في المولاة أم في المعارضة، وشهِد العالم شخصيات بحجم قامات، طبعت الحياة السياسية وباتت مدرسة، لكن المسألة في لبنان تبدو لدى البعض نزاعاً شخصياً داخلياً في الخيارات، نتيجة الموروث الثقافي الذي يُدِين بالولاء للزعيم، بصرف النظر عن أدائه وسيرته الذاتية ومسيرته السياسية، ورواسب هذه النزعة التي كانت سائدة من في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ما زالت موجودة ولو بنسبة قليلة، وتقليد حمل الزعيم على الأكتاف أيضاً متوارث من باب الترحيب، لدرجة أن زعيماً كانت تُرمَّم الأرض الترابية في القرية من أجل خاطر قدوم سيارته، وممنوع أن يمشي من السيارة الى البيت المقصود كي لا يتغبَّر حذاؤه، ونحن من جيل عايش بعض هذه المشهديات ولا غُبار على ذاكرتنا.

وكما تقييم الأفراد على المستوى القيادي، كذلك الأمر في تقييم الأحزاب ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو التمييز بين الحجم الجماهيري لهذا الحزب، وانتظام العمل ضمن كوادره وعلاقة قيادته بالقاعدة، وحزبٍ آخر، يكتفي بالحصول على “العلم والخبر” شهادة براءة لوجوده في الحياة السياسية ولو عبر بضع مئات أو آلاف من المؤيدين، وهذا النوع من الأحزاب هو الذي نُعاني منه في لبنان ويُمارس سياسة “لا” دائمة ووضع العصي في الدواليب دون القدرة على طرح بدائل عملية.

أما وإننا على أبواب الإنتخابات النيابية – إن حصلت – في ربيع العام 2022، فإن اللافت فيها أنها تختلف جذرياً عن أية دورات سابقة، بالنظر الى الأجواء المعيشية الخانقة وغير المسبوقة التي يعيشها الشعب اللبناني؛ والحصار الإقتصادي الظالم لم ينعكس فقط على الحياة اليومية، بل بات يرخي بكوابيس القلق على مستقبل أجيال، وفي ظل غياب حق الإستفتاء الشعبي في الدستور اللبناني، تكتسب الإنتخابات النيابية أهميتها المزدوجة، وبالتالي تغدو مسؤولية الناخب مزدوجة.

مواقع التواصل تزدحم بالتعليقات والآراء، وبعضها فكاهية، عن المال الإنتخابي، لكن واقع المال الإنتخابي موجود في لبنان وكل دول العالم، مع اختلاف وجهة الصرف، لكن الرشوة الإنتخابية التي أتت بالكثيرين الى المجالس النيابية في لبنان، وأعطت بعض الكتل أكبر من حجمها الجماهيري، دفع اللبنانيون وسوف يدفعون أثمانها في زمانهم وفي زمن الأجيال القادمة، ما دام بعضهم يرتضون بيع الأصوات على بسطة البازار الإنتخابي، على أن يبدأ العويل على مدى أربع سنوات تلي الإنتخابات.

على أمل وعي القواعد الناخبة، كائناً ما كانت مشاربها الإجتماعية وثقافتها الحزبية والسياسية، أن الإنتخابات النيابية ذات أهمية لا تُعوَّض، وكل صوتٍ في صندوق الإقتراع يجب أن يكون خطوة محسوبة واعية على أمرٍ هام: التحالفات الإنتخابية لتشكيل اللوائح تحصل في كافة المناطق ولكن، لا لتحالف إنتخابي دون انسجام سياسي بين المتحالفين، والرفقة الإنتخابية لتجيير الأصوات حصراً، تأتي بعدها الفُرقة عشية صدور النتائج، بما يعني أن الرهان يبقى ليس على الأفراد بل على الأحزاب كما في سائر ديموقراطيات العالم…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.