التسوية الروسية الأميركية للحرب في سوريا وحالة الذروة

russia-USA

مجلة تحولات اللبنانية ـ
رياض عيد:
تعيش سوريا والمنطقة حالة الذروة من الاحتقان والاصطفاف السياسي والعسكري بين محوري الصراع في المنطقة: محور اميركا – الاطلسي ووكلاؤه قطر والسعودية وتركيا ودول ما سُمي بالربيع العربي, ومحور المقاومة الممتد من المقاومة في لبنان الى سوريا الى العراق وايران والمدعوم من روسيا والصين ومنظمة شنغهاي للتعاون ودول البريكس.
وتعيش المنطقة ايضاً حالة الذروة من جس النبض التفاوضي للتسوية بين هذين المحورين على نار الحرب الاهلية الحامية التي تدار في سورية وعليها. فكل الجبهات باتت متأهبة, واي خطأ في الحسابات يؤدي الى ان تنفلت الامور الى حرب اقليمية شاملة تعيد خلط الاوراق السياسية في المنطقة وترسم الخرئط الجغرافية الجديدة لها فإما تقسيم المقسم وإما العكس, اذ يبدو ان خرائط تقسيم سايكس بيكو العام 1916 قد استنفدت مهامها والمنطقة تستدعي خرائط جديدة على اساس الاثنيات والمذاهب ومواقع الغاز والطاقة. فالمنطقة لم تعد تتحمل ادارة الازمات, والملفات الإقليمية والدولية المتداخلة فيها لم تعد تحتمل التأجيل فاما تسوية شاملة تشمل كل الملفات او انفجار شامل لا يعلم احد حدوده. وللدلالة على ذلك لا بد من قراءة التطورات الاخيرة وحركة الاتصالات السياسية في المنطقة لتحضير المسرح السياسي لهذين الاحتمالين:
زيارة الرئيس الاميركي اوباما للكيان الغاصب اسرائيل وتهديده حزب الله وايران ووصمهما بالارهاب, وتجديد التزامه بأمن اسرائيل وتصريحه بان اسرائيل (دولة اليهود أعادها 5 مرات) هي اقوى دولة في المنطقة تدعمها اميركا اقوى دولة في العالم, وإلزام نتنياهو بالاتصال بأردوغان بوجوده والاعتذار منه, لإعادة احياء الحلف الاميركي التركي الاسرائيلي, وكان سبقت ذلك مصالحة تركية مع حزب العمال الكردستاني ورسالة عبدلله اوجلان بعيد النيروز وتشديده على فتح صفحة جديدة من السلام بين الاكراد وتركيا مما افقد سوريا ورقة الأكراد المهمة في الضغط على تركيا. وزيارة اوباما كذلك الى الاردن وضغطه على الملك الاردني للاصطفاف بالتحالف لإسقاط الرئيس بشار الاسد واعطائه ضمانات لحماية “عرشه” من الاخوان المسلمين. وإرسال وزير خارجية اميركا جون كيري الى بغداد والطلب من المالكي تفتيش كل الطائرات الايرانية المتوجهة الى سوريا ومنع تمرير الاسلحة والمساعدات جواً وبراً اليها. وفي الوقت نفسه استقال نجيب ميقاتي من رئاسة الحكومة مبرراً ذلك بعدم التمديد لأشرف ريفي, حيث يصعب جداً تصديق هذا السبب, فاستقالة الحكومة اكبر من لبنان وهي قرار اقليمي دولي للضغط على حزب الله ومحور المقاومة, وميقاتي يعرف أن للاستقالة علاقة مباشرة بتطورات اقليمية مقبلة وربما خطيرة في الملف السوري، وفي العلاقة الأمنية بين سوريا ولبنان بسبب التطرف السلفي… وقد وجد رفض التمديد سبباً للهروب, تستطيع السفيرة الأميركية مورا كونيلي أن تعبر عن مفاجأتها من الاستقالة، لكن هناك معلومات تقول بان الأميركيين كانوا على علم بالاستقالة، وكانوا في طليعة المتصلين، وكذلك الفرنسيين, وهل فعلا سفير السعودية في لبنان زار ميقاتي صباحاً فقط ليحمل له شكر الأمير مقرن على التهنئة بتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء؟ هذا اضافة الى اعتراض الرئيس ميشال سليمان على قصف الجيش السوري مواقع للقاعدة على الحدود اللبنانية السورية واعتباره ذلك مساً بالسيادة اللبنانية في حين كانت الطائرات الاسرائيلية تستبيح الأجواء اللبنانية لمدة ثلاثة ايام قبل القصف ولم يلاحظ ذلك الرئيس سليمان ولم يعترض, فحصل على رسالة تأييد من اوباما بعد اتصال سليمان بوليم بيرنز نائب جون كيري. وهذا ما أطاح بسياسة النأي بالنفس التي اعلنتها الحكومة وبات لبنان الرسمي في الاصطفاف المعادي لسوريا نفسه وخاضعاً لارادة اميركا. وأخيراً أتت قمة الدوحة وتتويج معاذ الخطيب وغسان هيتو باحتلالهما مقعد سوريا في القمة الغربية, ومحاولة توحيد المعارضة المشتتة التي تقلق اميركا وحلفاءها خاصة بعد سيطرة جبهة النصرة وتنظيم القاعدة على المشهد العسكري السوري المعارض.
هل هذه التطورات تشير الى ان اميركا مصمّمة حتى النهاية بخططها لإسقاط سوريا والمنطقة عسكرياً بعد العودة الى خططها القديمة بإعادة تفعيل الحلف الاميركي الاسرائيلي التركي, وبعد إكمال طوق التحالفات حول سوريا من كل الجبهات؟
وهل أميركا تخلت عن تسوية جنيف وتستطيع اسقاط سوريا وترتيب وضع المنطقة منفردة ضاربة عرض الحائط الملفات المتشابكة بالمنطقة ومصالح روسيا وايران والصين والطاقة؟
أم أن ما يجري هو تجميع لأوراق التفاوض والضغط على الرئيس الاسد قبل اللقاء المرتقب بين بوتين واوباما بعد 4 أشهر لإقناعه بتخفيض شروط التفاوض وتمهيد الطريق لانتقال سياسي سريع؟

توازن الردع دولياً
الواقع أن الولايات المتحدة الأميركية أخفقت في تحقيق الأهداف التي كانت تتوخاها من وراء الخطة التي كانت مقررة لسوريا، وإن كان هناك ثمة من لا يزال يكابر ويرفض الإقرار بتطور الأمور في الميدان وفي الأروقة الدولية أو يجهل ذلك. لم تخسر واشنطن بطبيعة الحال كلّ الأوراق التي بيدها، وهي لم تربح بالمقابل هذه المعركة، لكنها أنجزت بعض المكاسب، وإن لم تتمكن من استكمال عملية تنفيذ مخططها في المنطقة والذي يبدأ في سوريا ويمتد الى ايران وروسيا والصين. أرادت الإدارة الأميركية تكوين هيكلية منظمة ومسلحة تحظى بمعاضدة تركيا واسرائيل ودول الخليج لضرب نظام الرئيس بشار الأسد وتدمير سوريا وتسليمها الى الاخوان المسلمين. تأتي بعدها المواجهة مع حزب الله ومن ثم الحرب على إيران، والرهان هنا على المحور المناهض للأخيرة في الجبهة الإسلامية السنية وحتى الأصولية الجهادية. وتكتمل الصورة بالعمل على إخراج روسيا من الشرق الأوسط والانكفاء عن المتوسط وغازه ومساراته, بل تفجير روسيا بتوسيع رقعة الحراك المتمدد للتنظيمات الجهادية الإسلامية ونقله إلى داخلها, وتطويق الصين بالتحكم بمصادر الطاقة وببوابة طريق الحرير الى اوروبا. في الواقع تمكنت الولايات المتحدة من استقطاب الجهاديين من شتى أصقاع الكرة الأرضية وإقحامهم في المحرقة المتواصلة على الأراضي السورية. وهي بذلك نجحت بالتخلص من خطر التهديد الذي يمثله حمَلة هذا الفكر الأصولي على مصالحها في مناطق أخرى، أو على الأقل حصرت نطاق التمركز والتحرك للتيارات الجهادية والأصولية في دائرة محددة. كما نجحت أيضاً في تدمير، أو بالحد الأدنى إضعاف قدرة الدولة السورية على خوض الحرب ضد العدو الصهيوني والصمود والترقي لفترة غير قصيرة، فأزالت بذلك احتمالات وجود دولة قوية على مقربة من إسرائيل، كانت قادرة باحتضانها المقاومات وبالدعم الايراني والتحالف مع روسيا على إلحاق الهزيمة بها إلى حدّ تغيير وجه المنطقة بالكامل.
فاميركا رغم انها تخوض الحرب على سوريا تسليحاً وتمويلاً وتحشيداً عبر عملائها في المنطقة, لا تستطيع إسقاط تسوية جنيف لان البديل عنها حرب اقليمية وربما عالمية, لا هي ولا الغرب يستطيعان خوضها وتحمل نتائجها في ظل ازماتها الاقتصادية التي لازالت تداعياتها دون حل, الدين الاميركي أصبح 16.4 تريليون دولار أي 109.8% من الناتج القومي, واوروبا مفلسة وتستجدي الدعم الصيني والروسي لتجاوز اعلان الافلاس وازمة اليونان وقبرص الاخيرة خير دليل. والحرب في سوريا ستكون شاملة المنطقة من لبنان الى ايران, هذا ما أكدته ايران وروسيا التي ترابط اساطيلها وغواصاتها على الساحل السوري في المتوسط منذ أشهر, الإشارات العسكرية الروسية واضحة. أي عمل عسكري مباشر لإسقاط الأسد بالقوة سيقابل برد عسكري. السياسة «الردعية» التي تكثفها موسكو والتي جعلت من شرق المتوسط مسرحاً لسفنها والبوارج تفي بالغرض. ولو عدنا بالذاكرة إلى مرحلة نشر الصواريخ الروسية في كوبا في العام 1961، ثم إلى أزمة الصواريخ السورية في البقاع في العام 1981، ومواقف السوفيات في العام 1983 وما بعدها، لتأكدنا أن موسكو تستعيد ذاك التاريخ ولن تتردد في أي موقف ديبلوماسي أو عسكري لأنها تعتبر معركة دمشق هي معركتها على المسرح الدولي. والحرب الشاملة تعني ضرب ايران للقواعد الاميركية في الخليج وإقفال مضيق هرمز, اي وقف مرور 45% من النفط الى الاسواق, اي سعر برميل النفط قد يتجاوز 200 $. هل يتحمل الغرب والعالم كارثة كهذه؟ الصين وروسيا تجزمان ان اميركا وحلفاءها لا يستطيعون اشعال الحرب, وكل ما يجري تهويل لتحسين شروط التفاوض. فبعد قمة قطر واعلان حكومة المعارضة وطلب معاذ الخطيب نشر صواريخ الباتريوت لحماية الجيش الحر, وتهويل فرنسا بتسليح المعارضة اعلنت روسيا أن هذا الإجراء يقوض فرص التسوية وينهي مهمة الابراهيمي. فسارعت اميركا وقائد حلف الاطلسي للقول إن لا خطط أطلسية اميركية لدخول الحرب او نشر الباتريوت. وبعدها تراجعت فرنسا عن قرار تسليح المعارضة بحجة عدم وجود ضمانات بعدم وصول السلاح الى جبهة النصرة.

أميركا سعودية العام 2020
هذا اضافة الى ان الرئيس أوباما اتجه نحو تغيير استراتيجيته الدولية بشكل كامل بعد بدء ولايته الثانية, فاولويات الادارة الاميركية باتت اولا التصدي للعجز التجاري والدين العام, وثانيا التفرغ لمواجهة العملاق الاقتصادي الصيني المنافس لها والمتوقع أن يساوي ناتجه القومي الناتج الاميركي العام 2015 وسيتجاوزه قبل العام 1920. ولهذا اصبحت خطط اميركا واستراتيجيتها اخلاء الشرق الاوسط لوكلائها الجدد الاخوان المسلمين والاتجاه شرقاً, والاتفاق مع الروس على تسوية نزاعات الشرق الاوسط. والسبب في ذلك ان الشرق الاوسط لم يعد في سلم اولويات الولايات المتحدة, وهي على وشك ان تصبح من اكبر المنتجين والمصدرين للنفط والغاز في العالم بعد الاكتشافات للاحتياطات الكبيرة من الغاز الصخري والبترول المستخرج من الرمال النفطية, اضافة الى الاحتياط النفطي في خليج المكسيك وفي الغرب الاميركي في الالسكا وكذلك في بنسلفانيا واوهايو, حيث يصل هذا الاحتياط الى 3 تريليونات برميل نفط غير مستغل وهو رقم يفوق الاحتياط النفطي في العالم.
ويتوقع الكاتب في صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية إدوارد لوس، المعروف برصده انحدارات أميركا أكثر من نجاحاتها، أن تتفوق أميركا بحلول العام 2020 على السعودية في إنتاج النفط. وهكذا بدأ العلماء يتكلمون عن أميركا سعودية بحلول العام 2020 بـ15 مليون برميل في اليوم. اي ما يوازي انتاج السعودية وايران والعراق. ويرجع الفضل في هذا إلى المستثمرين في القطاع الخاص الذين استفادوا من ارتفاع أسعار النفط في العقد الماضي ليبحثوا عن وسائل للتنقيب عن النفط الخام في أماكن غير مكتشفة سابقاً، وقد حالفهم الحظ أخيراً. إضافة إلى ذلك، ترشح احتياطات الغاز الطبيعي أميركا لتصبح أكبر مصدر له، كما أن لدى أميركا الشمالية الإمكانية في أن تصبح من أكبر مصدري النفط الخام لعقود، بل لأجيال مقبلة.
يعني هذا أن نظرية كارتر (1980) التي تقوم على اعتبار تأمين طرق الوصول إلى نفط الخليج إحدى ضرورات الأمن القومي الأميركي, قد أصبحت بحكم الميتة. شأنها في ذلك, شأن اتفاقية (كوينسي) الموقعة العام 1945 القاضية بالتزام واشنطن بحماية سلالة آل سعود طالما استمر هؤلاء بمنحهم حق الوصول إلى نفط شبه الجزيرة العربية.
لذا فقد حان الوقت اميركياً لتنفيذ انسحاب ضخم من الشرق الاوسط يسمح بإعادة انتشار القوات الأميركية في شرق آسيا بهدف احتواء النفوذ الصيني انسجاماً مع اولويات اوباما.
وكذلك تسعى اميركا لفعل كل شيء يفضي إلى منع نشوء تحالف بين روسيا والصين. لذلك من المناسب إتاحة الفرص أمام روسيا من شأنها أن تحرف أنظارها عن الشرق الأقصى.
وفي نهاية المطاف, تشعر واشنطن بالاختناق من علاقتها الفضفاضة مع اسرائيل. هذه العلاقة الباهظة التكاليف, وغير المبررة على الصعيد الدولي, والتي تجعل كل الشعوب الإسلامية تقف ضد الولايات المتحدة.

ولاية أوباما الثانية تغييرات إدارية واستراتيجية
هذه العوامل هي التي دفعت باراك أوباما ومستشاريه كي يقترحوا على فلاديمير بوتين اتفاقاً للحل في سوريا يترك بموجبه لروسيا أن تستقر في الشرق الاوسط, وان يتقاسم معها السيطرة على هذه المنطقة, بعد الاعتراف الضمني لإدارة اوباما بفشلها في إسقاط الاسد.
ولتأكيد جدية باراك أوباما بالسير بحل جنيف, اطلق بعيد انتخابه عملية تنظيف واسعة في ادارته, كان من أولى ضحاياها الجنرال ديفيد بترايوس, مصمم الحرب السرية في سورية, وقد أجبر على تقديم استقالته من منصبه كمدير (سي.آي.ايه) إثر وقوعه في فخ جنسي فاضح نصبته له فتاة تعمل في جهاز الاستخبارات العسكرية. تمّ بعده إحالة دزينة من الرتب العالية إلى التحقيق بتهم فساد, من بين هؤلاء الأميرال جيمس سترافيديس, القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) وخلفه المعين الجنرال جون آلين, وكذلك الجنرال باتريك أوريللي, قائد وكالة الدفاع الصاروخي أي الدرع الصاروخية. وأخيراً, سوزان رايس وهيلاري كلينتون اللتين تعرضتا لانتقادات واسعة من قبل نواب في الكونغرس بسبب إخفائهما معلومات تتعلق بموت السفير كريس ستيفنز, الذي اغتيل في بنغازي على يد مجموعة اسلامية من المحتمل أنها تقع تحت سيطرة الموساد.
بعد أن تمكّن من إبعاد أو تحييد مختلف معارضيه داخل ادارته, أعلن باراك أوباما عن اجراءات تجديد عميقة في الفريق المحيط به, أتى في مقدمتهم تعيين جون كيري على رأس وزارة الخارجية. المعروف عنه استعداده للتعاون العلني مع موسكو في مختلف المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وهو أيضا صديق شخصي للرئيس بشار الأسد.
ثم أعقبه بتعيين تشوك هاغل على رأس وزارة الدفاع. صحيح أنه أحد أعمدة حلف (الناتو) لكنه واقعي, وكان من أشد المنتقدين لجنون العظمة لدى المحافظين الجدد وأحلامهم في الهيمنة الامبريالية على العالم. وهو من (القلائل) الذين يسكنهم الحنين لحقبة الحرب الباردة. تلك الحقبة المباركة التي سمحت لكل من واشنطن وموسكو باقتسام العالم مناصفة بينهما وبأقل التكاليف. وقام هاغل العام 2008, بالتعاون مع صديقه جون كيري بمسعى تنظيم مفاوضات غير مباشرة بين سوريا     واسرائيل تهدف إلى إعادة هضبة الجولان إلى سوريا.
وأخيرا, عين جون برينان على رأس وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.ايه). هذا المحترف للقتل بدم بارد تسكنه قناعة بأن نقطة ضعف الولايات المتحدة تكمن في رعايتها للجهاديين عبر العالم, كما يسكنه هاجس القضاء على السلفية وكذلك على المملكة العربية السعودية, الأمر الذي يشكل في نهاية المطاف راحة لروسيا في شمال القوقاز.
ضمن هذا المناخ تمّ تدوين بنود اعلان جنيف في 30 حزيران 2012. كانت الجهود منصبة في ذلك الوقت على البحث عن مخرج للمسألة السورية غير أن البيت الأبيض لم يوقف مفاوضاته مع الكرملين. هناك كلام كثير أن ما كان يفترض أن يكون مجرد حل بسيط للأزمة السورية, صار مشروعاً واسعاً يتطلب إعادة تنظيم واقتسام الشرق الأوسط . لكن اميركا تفاوض دائما على قرع طبول الحرب لاخذ اكبر المكاسب. ان ضرورة الحل السياسي باتت غير قابلة للتأجيل بعد وصول الاحتقان الى حافة الانفجار, فمحورا الحرب على اهبة الاستعداد للاسوأ. يُحكى عن تحضير كبير للمعركة الفاصلة في المحور التركي الخليجي بعد اكتمال التحشيد قد تنهي النظام بالقوة. وهناك معلومات أيضاً، أن الجيش السوري أعد خططاً دقيقة لمعارك كبرى يتوقعها أو قد يبادر إليها. لا تفاصيل كثيرة عن الأمر. الأكيد أن دمشق باتت محصنة بأكثر مما يُقال. اعتقد أن هذه المعركة إن حصلت ستكون آخر المعارك الكبيرة التي تخوضها القوى التكفيرية وستكون مفصلية لمصلحة النظام وستلزم بعدها اميركا أزلامها بالقبول بالحل وفق شروط الرئيس الاسد. تشبه الحالة اليوم ما حدث في 14 اوكتوبر العام 1961 وما بات يُعرف بأزمة الكاريبي, يوم نصب الروس صواريخهم المتوسطة المدى من طراز ار- 12 وار- 14 في كوبا رداً على نصب اميركا صواريخ متوسطة المدى في تركيا مقابل الاتحاد السوفياتي. يومها حبس العالم أنفاسه إيذاناً ببدء الحرب حيث طوّقت اميركا كوبا مهددة بقصفها واجتياحها فتم الاتصال الاميركي بالروس واتفقوا على حلّ تم بموجبه سحب الصواريخ من الجانبين وعلى حلول حكمت العالم حقبة طويلة من الزمن وكان ذلك استكمالاً لمؤتمر يالطا. فهل نحن اليوم امام يالطة جديدة ترسم الحل المنشود للملفات الإقليمية والدولية المتداخلة في سوريا والشرق الاوسط وتؤسس لمرحلة استقرار بات العالم بأمس الحاجة إليها؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.