التغريبة العربية بعد الفلسطينية

jaafar-sleem1-taghriba

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:
في العام 1936 انطلقت ثورة فلسطينية ضد الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية التابعة له، وخاض الفلسطينيون أشهر اضراب على الإطلاق في العالم حينها، واستمر لمدة ستة أشهر تخلله اشتباكات بالأسلحة المتوفرة مع جنود الاحتلال وعصاباته في الكثير من المناطق الفلسطينية التي كانت بقيادة الشيخ عز الدين القسام (من سوريا) والقائد عبد القادر الحسيني، وغيرهم من الوطنيين الفلسطينيين والعرب.
ونتيجة تخاذل ملوك وأمراء عرب مع الحلفاء الغربيين ووقوفهم ضد الدولة العثمانية والقضاء عليها في بلاد العرب وفي تركيا، وبعد تعهّدهم بإنشاء كيان يهودي في فلسطين، والقبول بقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة، كان لا بد من مكافأة هولاء بإنشاء ممالك وإمارات وتعيينهم عليها.
وكانت النتيجة تهجير الفلسطينيين من مدن الوسط والشمال باتجاه البلاد المجاورة والضفة الغربية وغزة وشرق القدس حيث ستقام الدولة الفلسطينية الموعودة، وبدأ ما يسمى بجيش الانقاذ العربي بالانسحاب من المدن الرئيسية في وقت بثت الإذاعات العربية أخبار المجازر الصهيونية في القرى والمدن وعلى رأسها مجزرة دير ياسين، ما ساهم ـ وبشكل كبير ـ في توجه المدنيين في الساحل إلى المرافىء القريبة وركوب سفن كانت جاهزة لنقلهم إلى المرافىء العربية القريبة.
أما المدنيون من قرى الشمال فتوجهوا سيراً على الأقدام أو الدواب إلى لبنان.

اليوم ترتكب عصابات عربية، مدعومة من أنظمة عربية، وترفع شعارات إسلامية، مجازر جديدة بحق المدنيين، ونشهد هجرة عربية وإسلامية جديدة من سوريا والعراق وليبيا والصومال، إضافة إلى أفغانستان، إلى الدول الأوروبية، بعد لجوئهم إلى دول مجاورة لم تبذل الحد الأدنى من الجهد لتوفير الأمن والأمان والعيش الكريم لهم، ما اضطرهم للمخاطرة بحياتهم في قوارب الموت للوصول إلى أوروبا التي وصفت ما يجري بالهجرة الثانية منذ الهجرة الأولى بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، ونحن نصفها بالهجرة العربية الثانية بعد الهجرة الفلسطينية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ألا تكفي الأموال العربية التي تصرف على شراء الأسلحة وتخزينها أو إرسالها إلى ما أسموهم “الثوار” لإطلاق ثورة صناعية شبيهة بالثورة الصناعية في أوروربا، وأوصلتها إلى ما وصلت إليه اليوم من قوة اقتصادية وملجأ للمضطهدين والباحثين عن حق من حقوق الانسان، وهو حق الحياة.
*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.