التنافس الصيني الأميركي على جنوب المحيط الهادئ

صحيفة الوطن السورية-

دينا دخل الله:

لم تكتف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإثارة المشكلات والتمدد في أوروبا الشرقية بل هي تفتح جبهة أخرى تحاول من خلالها منافسة الصين في السيطرة على جنوب المحيط الهادئ.

يرى البيت الأبيض أن الصين لديها نفوذ قويٌ في منطقة جنوب المحيط الهادئ ما دفعه إلى إعادة توطيد علاقات واشنطن القديمة والمهملة مع بلدان المنطقة، حتى إن أصغر الجزر وجدت اهتماماً من واشنطن إذ وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي إلى مملكة تونغا لافتتاح السفارة الأميركية في العاصمة، والوزير بلينكن هو أول مسؤول في إدارة أميركية يزور تونغا، ومن المقرر أن يشارك مسؤولون آخرون في زيارة مناطق أخرى مثل بابوا غينيا الجديدة وميكرونيزيا وبالاو وأماكن أخرى في الأسابيع المقبلة في محاولة لسد الفجوة في منطقة يعترف مسؤولو الإدارة بحصولها لمصلحة تمدد النفوذ الصيني.

أهملت واشنطن هذه المنطقة بعد انتهاء الحرب الباردة ما ساعد على توسع النفوذ الصيني فيها بشكل كبير، فهل ستنجح إغراءات واشنطن في استمالة المنطقة والتقليل من النفوذ الصيني فيها؟

أصبحت منطقة جزر سليمان بالفعل ضمن المعسكر الصيني بعد أن وقع قادتها اتفاقيات دفاع مع الصين على الرغم من اعتراض واشنطن، وقد وافقت فيجي على قانون يعطي للمسؤولين الصينيين سلطات واسعة على أراضيها مع أن الحكومة الجديدة وعدت بإلغاء القانون، ومن ناحية أخرى يرى قادة المنطقة أن واشنطن ليست جادة في العلاقة معهم.

قال بلينكن للصحفيين يوم الاربعاء الماضي بعد اجتماعه بكبار قادة تونغا إن «الولايات المتحدة مصممة على أن تكون شريكاً قوياً وأن تونغا وجزر المحيط الهادئ الأخرى لها الحرية في اختيار شركائها بما في ذلك الصين»، لكنه أضاف إنه «قلق من سلوك الصين تجاه المنطقة»، وقال إن أميركا ترى أن «السلوك الصيني في المنطقة سلوك إشكالي يعتمد على التمويل المفترس وعسكرة بحر الصين الجنوبي والاستثمار الذي يقوض سيادة الدول الاخرى».

تأتي أهمية جزر المحيط الهادئ بالنسبة للأمن القومي الأميركي من كونها تتمتع بموقع جيوسياسي مهم إذ تقع في منطقة لها أهمية في أي صراع تشارك فيه الصين، كما أن لها موقعاً جيواستراتيجياً مهماً حيث تمتد هذه الجزر على مساحة أكبر بثلاث مرات من الولايات المتحدة القارية ما يجعلها تسيطر على معادن قاع البحر ومصائد الأسماك.

يرى الأميركيون أن الفائدة الكبيرة التي حظيت بها الصين من علاقاتها مع جزر جنوب المحيط هي أن الكثير من هذه الجزر تخلت عن اعترافها بتايوان لمصلحة علاقتها مع الصين، كما أن الصين أصبحت قريبة جداً من القاعدة الأميركية في غوام.

ولعل المفارقة التي حصلت خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى تونغا أن الاجتماعات بين المسؤولين وبلينكن حصلت في مبنى حكومة سانت جورج الذي تم بناؤه في عام ٢٠١٥ بمنحة مقدارها١١ مليون دولار من الحكومة الصينية.

في الوقت الحالي هناك فقط ديبلوماسيان أميركيان يتناوبان في تونغا مع سفير لم يرشح بعد والخطة النهائية تقتضي بإرسال أربعة أو خمسة ديبلوماسيين للمنطقة، فهل هذا يكفي لإعادة الجزر إلى الفضاء الأميركي؟

تقول الأستاذة في جامعة ماسي النيوزيلندية آنا باولز التي تدرس الأهمية الجيوسياسية لمنطقة جنوب المحيط الهادئ إن «أشياء كثيرة ستحدد مدى فعالية الدبلوماسية الأميركية في المنطقة، الأمر لا يتعلق فقط بفتح السفارات بل بالطريقة التي تمارس بها الدبلوماسية».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.