«الجحيم» الذي تحضّر له #داعش: اعترافات موقوفين عن مخططات التفجير في #لبنان

 

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
رضوان مرتضى:
وقع في قبضة الأجهزة الأمنية اللبنانية عناصر بارزون في تنظيم «الدولة الإسلامية»، تبيّن أنّ عدداً منهم مرتبط بقيادة التنظيم في الرقة، وتحديداً مجموعة العمليات الخارجية التي تتولى تنفيذ تفجيرات واغتيال. المسؤول المباشر عنها يلقب بـ«أبو الوليد السوري» ويتبع لـ«أبو البراء العراقي»، أحد معاوني «أبو محمد العدناني» (المسؤول الأول في تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والمتحدث الرسمي باسم التنظيم).
فتكشّفت من خلال اعترافات الموقوفين أساليب عمل التنظيم وأهدافه المستقبلية. والثابت في هذه الاعترافات أنّ «أبو الوليد» و«أبو البراء العراقي» هما المسؤولان الرئيسيان عن الساحة اللبنانية، والمخططان لتفجيرات برج البراجنة والعمليات التي حصلت في باريس أيضاً. وقُتل «أبو الوليد» في غارة أميركية، ليخلفه «الشيخ أبو أنس» الذي كُلِّف الساحة اللبنانية.
وكشفت التحقيقات أن تنظيم «الدولة الإسلامية» يبحث عن عناصر «نظيفة» أمنياً، أي من غير المطلوبين للأجهزة الأمنية، ومن غير أصحاب السوابق. وأنّ هؤلاء يستأجرون شققاً في مناطق بعيدة عن الشبهة (الأشرفية والدورة مثلاً، كما في حالة تفجيرات برج البراجنة). وكانت غاية هذه الشقق تخزين متفجرات، واستقبال انتحاريين سيرسلهم «أمير أمني» مسؤول عن الساحة اللبنانية، لتنفيذ عمليات ضد لائحة أهداف محددة سلفاً. كان هذا الأمير «أبو الوليد» قبل مقتله. وتبين أن عناصر «الدولة» أيضاً كانوا يتواصلون مع تجار أسلحة لشراء بنادق حربية وأسلحة رشاشة. إذ إنّ الغاية ليست تنفيذ تفجيرات فحسب، بل إنّ المخطط كان أكثر دموية.
بعد «أبو الوليد»، بدأ «أبو أنس» مهمته باندفاع. أعاد التواصل مع الخلايا النائمة، فبدأ التخطيط للمرحلة المقبلة. كلّف «أبو أنس» عناصره في لبنان تحديد أهداف لتجمعات أجانب، ولا سيما من الجنسيات الأميركية والفرنسية والبريطانية بغية استهدافها.
كذلك تبيّن أنّ الموقوفين كُلّفوا استطلاع تجمعات سكنية، لتحديدها كأهداف. وورد في الاعترافات أنّ رُسُلاً من التنظيم جالوا في البقاع وبيروت وضاحية بيروت الجنوبية لتحديد الأهداف المطلوبة. وتولّى بعضهم المراقبة في الضاحية وصيدا وصور بعد التستّر في أعمال جانبية، كالعمل في بيع المياه، لرصد الأهداف.
كذلك بيّنت الاعترافات أنّ قيادة التنظيم تُعدّ لإرسال مجموعة انتحاريين، طالبة من عناصرها الموجودين في لبنان تهيئة منازل لاستقبالهم. وتبيّن أنّها بصدد إرسال أحزمة ناسفة مخبّأة داخل سيارة بطريقة يصعب كشفها. وذكر أحد الموقوفين أنّ تعليمات إفراغ السيارة من الأحزمة الناسفة كانت ستُرسل مصوّرة في مقطع فيديو، علماً بأن أسلوب عمل هؤلاء في حال تسلّمهم سيارة محمّلة بأحزمة أو متفجرات أو أي اغراض مخبأة في سيارة، يقتضي أن يكون السائق يحمل «فلاش ميموري» تحتوي على تعليمات عن كيفية استخراج تلك المواد من السيارة. كذلك صار هؤلاء يحرصون على تفخيخ السيارات بشكل مخفي يصعّب اكتشافها.
أجمعت اعترافات الموقوفين على أن قيادة التنظيم كانت على علم بأنّ الوضع الأمني صعب بسبب استنفار الأجهزة اللبنانية. وبسبب صعوبة ارتداء حاملي الأحزمة الناسفة ثياباً شتوية، برز اقتراح بأن يُستَعان بانتحاريات، لأنهنّ يسهل عليهنّ إخفاء الأحزمة الناسفة تحت ثيابهن، فضلاً عن أنّ انتقال السيدات أكثر سهولة من الشبان. أما أخطر الأوامر التي رُصدت، فتتعلّق بتأمين منازل وإعدادها لاستقبال انتحاريين، ينفّذون عملياتهم بإطلاق النار على الأهداف، قبل تفجير أنفسهم عندما تفرغ ذخيرتهم. ولائحة الأهداف التي باتت موجودة في حوزة الأجهزة الأمنية تتضمن رجال دين وسياسيين ورؤساء بلديات وباصات للجيش والأمن العام، إضافة إلى توصية باستهداف التجمعات البشرية التي تلي التفجيرات، ومسيرات التشييع!
أما اللافت في اعترافات الموقوفين، فكان الاقتراح «الطويل الأمد» الذي تلقته قيادة التنظيم بالرقة. ويقضي هذا الاقتراح بإدخال عناصر من التنظيم إلى الأجهزة الأمنية، وتجنيد جنود من الجيش، ليتمكنوا من تنفيذ عمليات داخل المؤسسة العسكرية، ولدفع عدد كبير من الجنود إلى الانشقاق. إلا أن قادة التنظيم في الرقة رفضوا هذا الاقتراح، لأن التجارب السابقة في لبنان لم تكن مشجّعة. لذلك يفضل التنظيم العمل سراً وبأقل عدد ممكن لتجنب الأخطاء السابقة.
وكشفت تحقيقات الأجهزة الأمنية اللبنانية أنّ معظم العناصر الذين يُنتقَون للعمل الأمني أو الانتحاري من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية»، يخضعون لدورات عسكرية وأمنية لأشهر داخل معسكرات في الرقة. يُقسم بعدها هؤلاء وفق اختصاصات محددة، ثم يُرسلون في مهمات استطلاعية وأمنية إلى الداخل اللبناني. وبيّنت التحقيقات أنّ الخطط تُرسم في الرقة، ومن هناك يُختار الانتحاريون ويجري تحضيرهم للعملية. كذلك يُدرّب هؤلاء على إعداد المتفجرات قبل تكليفهم المهمة. وقد أفاد موقوفون بأنّهم كانوا يخضعون لتدريبات تتركز على كيفية صناعة صاعق متفجر من المواد الكيميائية وكيفية صناعة حزام ناسف من المواد المتفجرة نوع C4، حيث إن عملية التدريب على صناعة الحزام الناسف كانت على شكل دروس تطبيقية. كذلك يخضع هؤلاء لدورات على وسائل التواصل، علماً بأنّ وسيلة التواصل المعتمدة غالباً ما تكون عبر تطبيق الـ»تيلغرام». أما المحادثات التي تُجرى عبر برامج الكمبيوتر المحمول، فيجري تشفيرها ويخضع هؤلاء لدورات لتعليمهم على أسس التشفير لاتصالات أكثر أمناً.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.