الجيش الإسرائيلي يلغي تدريب الاحتياط: نقص الميزانية يثير تساؤلات بشأن الجاهزية

israel - army - tadrib

كسَرَ رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس الصمت بشأن النقص في ميزانية الدفاع والإعلان عن إلغاء التدريبات لقوات الاحتياطي في الجيش.
وفعلاً ألغيت أوامر الاستدعاء التي كانت موجّهة للقوات الاحتياطية للمشاركة في المناورات. وأعلن وزير الدفاع موشي يعلون أن جاهزية الجيش في خطر وأن هناك من يعمل على نزع الشرعية عن الجيش.

وهكذا بعد أسابيع طويلة ترك فيها غانتس الحلبة ليعلون ولضباط كبار للحديث عن مخاطر النقص في ميزانية الدفاع، أعلن أمس الأول، أمام الجيش، وأمس في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلية، أن القوات الاحتياطية لن تتدرب.

وقال إن «سلّم الأولويات الوطني يتغير، ومعه للأسف تتغير القرارات الوطنية المتصلة بالأمن»، مضيفاً أنه «نتيجة لذلك نتصارع مع تحديات موارد مركّبة، لم يسبق لها مثيل، ويمكن أن تكون لها عواقب مثيرة على الجيش الإسرائيلي».

وأقرّ غانتس: «نحن نضطر هذه الأيام لاتخاذ قرارات مؤلمة، تؤثر على كل المنظومات وفي كل الميادين، في الاحتياطي، النظامي، وفي التدريبات. ولست رجل البشرى. ففي هذا الوقت، لا يمكن هذا العام تنفيذ الخطط المهمة جداً من ناحية أمنية وتتعلق بمنظومة الاحتياط. خلال العام لن تتدرب قوات الاحتياطي. فقد فضّلنا تدريب القوات النظامية على تدريب الاحتياطي، ليس لأنها غير مهمة، ولا لأنها غير ضرورية، وإنما لاضطرارات ميزانية. وأقول لكم بصدق، إنني قلق من الجاهزية».

وتهديدات غانتس ليست فارغة. فقد ألغيت فعلاً تدريبات الاحتياطي حتى نهاية العام، من ضمنها تدريبات الوحدات الكبيرة المخطط لها هذا الصيف.

وكانت الحملة ضد وزارة المالية تقاد من جانب يعلون، الذي حمل بشدة على وزير المالية يائير لبيد، معتبراً أنه يعمل على نزع الشرعية عن الجيش وأن المساس بالميزانية يجعل جاهزية الجيش متدنية جداً.

وأضاف يعلون أنه بسبب التقليصات ليس مؤكداً أن الجيش بوسعه استيعاب منظومة «عصا الساحر» المضادة للصواريخ متوسطة المدى في السنة المقبلة.

وتابع «أنا لا أهدد ولا أخيف أحداً. ولكن ثمة خطراً جوهرياً على إسرائيل. مئة ألف صاروخ من الشمال وعشرات الآلاف الأخرى من قطاع غزة. ليس مؤكداً أننا سنتزود ببطاريات عصا الساحر في العام المقبل. وإذا اضطررنا سنوقف تطوير المنظومة. ولكن هذا يكلف أموالاً هي غرامات ندفعها للشركات».

وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي إلى أن الجيش ليس المسؤول عن الميزانية وإنما الحكومة، وأن «وزارة الدفاع بقيت من دون رصيد. المجلس الوزاري قرر الحفاظ على الجاهزية. ميزانية الدفاع تتقلص من عام لآخر. هناك من قرر أن نتلقى أموالاً أقل».

يذكر أن الجيش الإسرائيلي يعلن أنه لا يملك أموالاً لتسيير الشهرين المقبلين بسبب العجز. كما أن جاهزية القوات الاحتياطية كانت بين أهم مواضع الخلل التي أشار إليها تقرير «فينوغراد» عن حرب لبنان الثانية في العام 2006. وتشكل القوات الاحتياطية 80 في المئة تقريباً من القوة العسكرية الإسرائيلية في حالات الحرب. وفي إطار التقليصات ألغى الجيش التشغيل الميداني لـ18 كتيبة احتياط واكتفى بعقد لقاء لأفرادها للحفاظ على العلاقات ولمنع انقطاعهم عن الإطار العسكري.

وبين الألوية التي ألغيت تدريباتها، لواء «ألكسندروني» المفترض قيامه بالتدريبات لمدة أسبوع في الأسبوع المقبل. ورأى أحد جنود اللواء أن «هذا ليس اعتيادياً، لأن هذا لواء عمق سيحارب في لبنان، وقد تلقينا أوامر إلغاء».

وأشار آخر إلى أن «كتيبة بكاملها ألغيت خططها في لحظة واحدة، ثلاثة أيام قبل الموعد، أبلغونا بإلغاء التدريبات. كان يفترض أن نتدرب على أسلحة جديدة وهذا تأجل لعام ونصف العام، كما ألغيت تدريباتنا في منطقة مأهولة، ولكن إذا طرأ أمر في لبنان فنحن غير جاهزين. كيف يفعلون أمراً كهذا؟».

واشتكى مؤخراً الكثير من قادة وأفراد القوات الاحتياطية من نقص التدريبات، الأمر الذي يقلل جاهزيتهم وهم يشيرون إلى أن الوضع حالياً أقرب ما يكون إلى ما ساد قبل حرب لبنان الثانية.

وفي اعتراض على وقف تدريبات الاحتياطي، اعتبر رئيس «رابطة أنصار القوات الاحتياطية» عضو الكنيست يوني شطبون أن «هذه خطوة خطيرة، اضطر لها الجيش نتيجة التقليص الوحشي في ميزانية الدفاع. يستحيل توقع أن الجندي غير المتدرب يكون جاهزاً في لحظة الحقيقة».

واعتبر شطبون أن «وزير المالية ربما يريد الظهور بمظهر القادر على تغيير سلم الأولويات الاجتماعية، لكنه يفقد كل منطق في تعامله مع ميزانية الدفاع. عليه أن يتذكر أن أمن إسرائيل ليس لعبة شخصية وعلاقات عامة، وإنما حاجة وجودية لدولة تتعرض لتهديد دائم».

وشدّد على أن خطورة هذه الخطوة تكمن في أن عواقبها «قد تكون بالغة الخطورة جداً. لذلك أدعو وزير المالية لترك الجيش ينتصر، فإلغاء التدريبات ليست وصفة للانتصار وإنما وصفة للهزيمة في المعركة».

ولا تقتصر مظاهر نقص الميزانية على وقف تدريبات القوات الاحتياطية في إسرائيل، بل إن إسرائيل اعتذرت رسمياً لأسباب تتعلق بالميزانية عن المشاركة في مناورات كبيرة تجري في الولايات المتحدة. وقد أوقف الجيش طباعة عدد خاص من مجلة «بمحانيه» العسكرية مكرس للقوات الاحتياطية لدواع ميزانية برغم اكتمال مواده.

وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الجيش يمر حالياً «بعملية إعادة تنظيم لأسباب تتعلق باضطرارات ميزانية، والأمور لم تحسم بعد».

حلمي موسى – صحيفة السفير اللبنانية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.