“الجَيش الرّوسي” المَجيد.. ساعِد العَرب والشّعوب

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:
عندما نتحدث عن الجيش الروسي، فإن أول ما يتبادر الى الذهن هو إنتصاراته الباهرات التي سجّلها بأحرف من نور ونار عبر التاريخين الروسي والعالمي. فهذا الجيش قاد العالم بلا توقف من نصر مؤزر الى نصر مؤزر أخر حتى خلال الحقبة القيصرية، ومن بعدها السوفييتية، وراهناً البوتينية الخلاّقة، فقد كان له أن أحرز انتصارات لافتة بفضل 27 مليوناً من شهدائه وشهداء الوطن الروسي والسوفييتي، الذين فقدوا حياتهم لتأكيد النصر على الطاعون البُنّي، ولتواصل جهوزية وتميّز هذا الجيش الذي به تم بالذات وليس بغيره من الجيوش والدول، تخليص الدنيا من النازية ووباء الفاشستية والداعشية الامبرطورية اليابانية في الحرب الكونية الثانية. وها نحن نشهد اليوم على حقبة مماثلة لداعشية القرن الـ21، حين أعلن القائد العام لهذا الجيش رفيق الطريق فلاديمير بوتين، انتصاره التاريخي على تنظيمات القاعدة والداعشية وعصابات الخدمات الخاصة الدولية، بالتعاون الوثيق مع دول وقوى الحُلفاء العرب.
الأجيال العربية التي وُلدت بعد حقبة البيريسترويكا لا تعرف تاريخ هذا الجيش الجبّار وانتصاراته المتواصلة على الأراضي الروسية والاوروبية والعربية، ويعود ذلك الجهل – للأسف – الى الضحالة والجهالة الثقافية والسياسية والإعلامية السائدة في العالم العربي، ولإغلاق المؤسسات الروسية التي تُعنى بالثقافة والإعلام الناطق بالضاد، إضف الى ذلك التعتيم الغربي والرجعي المُمَنهج المُمَارس على الإرث العسكري العظيم للجيش الروسي، وعلى تلكم الصفحات المجيدة التي سطّرها عسكريوه ونضالاتهم بنكران ذات في سوح المعارك، حتى على أرض شبه جزيرة كوريا المعذبة، لدحر العدوان الدولي الأمريكي والغربي.

وفي المجال العربي، تم إرساء تعاون وثيق ما بين الجيش الروسي والجيوش العربية، وبخاصة على الساحتين السورية والمصرية في حقبة ما بعد حرب 1967، ومروراً بِ “حرب الاستنزاف”، وحرب 1973، بل أن الاردن أيضاً كان ومازال يستفيد من الخبرات العسكرية الروسية كثيراً، وما أزال أذكر الخبراء العسكريين الروس الذين قدّموا الى بلادنا التي عاشوا فيها ردحاً طويلاً من الزمن في سبعينات القرن الماضي، وما زالوا يقدّمون للآن خبراتهم العسكرية والعسكرية التقنية الثمينة، ويواصلون إنتاجهم الحربي في الاردن وللاردن والعالم، من خلال الاردن الذي أعتقد بأنه شرع مؤخراً باستدارة ملموسة ومهمة بإتجاه روسيا بوتين.
إن الاحتفال بعيد الجيش والقوات المسلحة الروسية في الاردن بالذات، والذي أقامته الملحقية العسكرية الروسية لسفارة روسيا الفيديرالية لدى المملكة الاردنية الهاشمية، في ظروف إنفراج الأزمة السورية وانسحاق فلول الارهاب الدولي على أراضي الجمهورية العربية السورية، والبدء فيها بإنجازات سلمية ملموسة، إنما يَعني بداية مرحلة جديدة مهمة جداً في علاقاتنا الاردنية والعربية مع روسيا البوتينية، التي لن تتوقف على علاقات دبلوماسية ولن تنحصر في زواياها فقط، بل ستتعدّاها وتتوسع منها الى مناحي جد متشعّبة، تعيدنا الى أمجاد سابقات وأمجاد أخرى حاليات تُجترج على أرض سورية البطولة والفداء، تشهد على امتزاج الدماء العربية والروسية في النضال من أجل المستقبل الآمن والاستقلالية والسيادة الناجزة، ومن أجل إعادة إصلاح الخراب الذي اعترى الطريق العربي الروسي القديم وخط الأساطيل البحرية الحربية الروسية الى لبنان لمساندة ثوار لبنان وجبل لبنان ضد الاستعمار الدولي، ولبعث التأريخ الجديد لأُمتين كانتا إرتبطتا عبر الأزمان بعُرىً وُثقى بسبيل تجاري، “حريري عربي روسي” عريق طال أمده، إذ أنه امتد من الشام الكبرى الى “أرباط موسكو” المجاور لعَمَائر وزارة الخارجية الروسية، التي نجحت بجهدها وجهادها المحمودين، في إرساء دبلوماسية سيرغي لافروف المتميّزة والرفيعة المُستوى وفي شأن تدعيمها للاستقلالية العربية والسورية، وبتقديم نمط دبلوماسي جديد للعالم، هادىء ومتوازن ولافت وجدير بأن يُحتذى دولياً.

إضاءة فندق رويال في عمان بألوان العلم الروسي
ويتضح للمتابعين والمثقفين والمهتمين، أن الجيش الروسي نفّذ كل المهام الكونية الكبرى التي عُهد بها إليه، لذلك هو جيش جماهيري قدير ويستحق أن يُمجّد عالمياً على المدى. وفي الاحتفالية التي أُقيمت بمناسبة عيد الجيش والقوات المسلحة الروسية في عمّان، جاء في كلمة العقيد الركن فاليري كوتشيتكوف الملحق العسكري والجوي والبحري لدى سفارة روسيا الاتحادية في الاردن، تشديده على أن هذا الجيش قد ورث أفضل تقاليد “الجيش الأحمر”، وبأنه سيستمر يُحافظ على تقاليده المجيدة، والى جانب ذلك كان لافتاً للغاية أيضاً، أن فندق “لو رويال”، الذي يُعد واحداً من أضخم وأشهر فنادق “عمّان الكُبرى”، قد بادر مساء يوم الخميس الـ22 من شباط/ فبراير 2018 وبمناسبة عيد الجيش والقوات المسلحة الروسية، إلى أن يُشكّل بأضوائه الساطعة وللمرة الأُولى في تاريخ الاردن والأولى في هذا العام أيضاً، صورة عَلم روسيا الفيديرالية بألوانه كلها على كامل طوابقه الكثيرة، التي تُشاهد بجلاء من كل نقطة في العاصمة الاردنية الشاسعة، فكان ذلك مِيزة إيجابية جديدة وإضافة نوعية مُنيرة للايجابيات المُتراكمة التي تندرج ضمن العلاقات الاردنية الروسية.
الجيش الروسي والقوات المسلحة الروسية بجميع فروعها، أكدت مجدداً في العهد البوتيني جدّيتها المعهودة وتوجّهاتها الاستراتيجية الثابتة في العالم العربي، الذي هو برمّته تخوم روسيا الجنوبية سوياً مع أسيا الوسطى السوفييتية سابقاً والشام الكُبرى – وهذه الشام ببلدانها المُعَاصِرة ومُجمل مِيزاتها، هي بوابة موسكو تاريخياً وجيوسياسياً وسيكولوجياً وروحياً دينياً وثقافياً، أما أوروبا الغربية وأمريكا أو أُقيانوسيا فليست كذلك لروسيا إطلاقاً..

*#مروان_سوداح: مؤسس ورئيس رَابِطَة الَقَلَمِيِّين الاَلِكْتْروُنِيّةِ لحُلفاء #روسيِّهَ ومُحِبِّيِ #بُوُتِيِن ومتخصص أردني قديم بالشأن الروسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.