الخاسر في إنتخاب رئيس العراق

صحيفة الوفاق الإيرانية-

سيد صادق حسيني:

ماراثون تشكيل الحكومة العراقية بعد أحداث مختلفة وعنيفة، بعد عام واحد على إجراء الجولة السادسة من انتخابات مجلس النواب العراقي، انتهى أخيرًا بتفاهم، وعبد اللطيف جمال رشيد، 78 عامًا، عضو الحزب الوطني الكردستاني فاز بأغلبية الأصوات في الجولة الثانية على منافسة برهم صالح وأصبح رئيساً للجمهورية وعين محمد شياع السوداني البالغ من العمر 52 عاماً بتشكيل الحكومة.
الجميع مطلع على خبر ائتلاف التيار الصدري مع قائمة أولويات الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي (البارتي)، وشروط مقتدى الصدر لتشكيل مجلس الوزراء، واحتلال الصدريين للبرلمان، واحتجاجات عنيفة في بغداد، وطلب حل مجلس النواب واعادة انتخابه واستقالة جميع نواب التيار. لكن مع تقديم السوداني، رئيس الوزراء الجديد، أدرك المشهد السياسي العراقي إخفاقاته ونجاحاته واكتسب تقييمًا محدثًا للقوة السياسية وقدرة الأحزاب والجماعات، وهو أمر مثير للاهتمام.

الناجحون في تشكيل الحكومة العراقية

من الواضح أن الناجح الرئيسي لتشكيل الحكومة السودانية هو شعب العراق، حيث ستبدأ في نهاية المطاف الأنشطة الأساسية للحكومة. على الصعيد السياسي، نجحت الأحزاب والجماعات التي شاركت في عملية تشكيل الحكومة وتمكنت بشكل نهائي من استكمال موضوع تشكيل الحكومة العراقية من خلال الحوار والتفاهم في اجتماع مجلس النواب العراقي الجديد يوم الخميس 13 اكتوبر 2022.

الخاسرون في تشكيل الحكومة العراقية: مقتدى الصدر ومسعود بارزاني

بغض النظر عن مقتدى الصدر، الخاسر الأساسي اليوم في العراق، الذي بسبب توجهه العنيد ومطالبته الشمولية، وحرمانه تياره من المشاركة في العملية السياسية لتشكيل الحكومة، حرّم في بيانه الأخير وجود قواته في حكومة السوداني الجديدة، فان مسعود بارزاني هو أيضا من الخاسرين الرئيسيين في تشكيل الحكومة في العراق، والذي لا يستطيع إخفاء خسارة وخيبة أمله وراء ابتساماته الجليدية الدائمة.

مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي، الذي استقال محبطاً وفي عزلة شديدة من منصب رئيس إقليم كوردستان العراق بعد الهزيمة في استفتاء عام 2016، مع وضوح نتائج الانتخابات العراقية عام 2021. حائزاً على 31 مقعدًا، وشكل ائتلافًا ثلاثيًا مع تيار التقدّم بقيادة الحلبوسي (تيار سني، 37 مقعدًا) ومقتدى الصدر (73 مقعدًا) ليتمكن من تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

بكونه انتهازيًا وأدار ظهره لمؤيديه الدائميين في البيت الشيعي، أسس بارزاني علاقته الجديدة مع مقتدى وسعى لتحقيق هدفين رئيسيين: أولاً، نقل منصب الرئيس من الاتحاد الوطني لكردستان العراق إلى حزب البارتي، وثانيًا. لتقديم عمه هوشيار الزيباري ليكون رئيساً للجمهورية العراق.

مع تنحية زيباري من قبل المحكمة العليا في العراق، بدأ بارزاني جهودًا واستشارات مكثفة لتقديم ريبر أحمد بازاراني، وزير داخلية الإقليم وعضو البارتي، كمرشح رئاسي، لكن في النهاية، وبعد 8 أشهر نكث بوعده واتفاقه مع مقتدى، والتغاضي عن مطالبه واضطر لقبول رئاسة عبد اللطيف رشيد، وهو عضو في الاتحاد الوطني، خصمه التقليدي، والذي تصادف أنه من عائلة لديها مشاكل عميقة مع عائلة البارزاني.

إبراهيم أحمد القائد الشهير لحركة كردستان العراق والكاتب الشهير الذي انفصل عن الملا مصطفى بارزاني بسبب الخلافات، زوّج ابنتيه هيرو وشاناز (شهناز)، لجلال طالباني الكردي، وعبد اللطيف جمال رشيد، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي (يكتي). مع مرور السنين وعدم حل القضايا الجذرية، فإن الشخصيات الرئيسية في الاتحاد الوطني، بما في ذلك هيرو خانم وبافل طالباني، لاتزال تنظر بعين الريبة تجاه الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي (البارتي)، ويقول نشطاء أكراد أن شاناز إبراهيم أحمد، زوجة الرئيس العراقي الجديد، هي أيضًا موالية لأطر توجهات والدها فيما يتعلق بالبارزانيين.

بعبارات أبسط، فشل مسعود بارزاني، زعيم الأكراد البارزانيين ومركة سور وأربيل، أو كما يقول الأكراد “كاك مسعود” في لعبة السياسة بعد الانتخابات: كلا مرشحيه رُفضا، ولم يستطع نقل. المنصب الرئاسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاز منافسة التقليدي بالمنصب، وفقد احترام وثقة أنصاره الشيعة القدامى (رغم مجاملتهم له في العلن) ولم يفي بوعده لمقتدى الصدر و تركه وحده في الساحة. طبعا حقق مسعود انجازا واحداً وحسم حسابه الشخصي مع برهم صالح وعزله من منصب الرئاسة. الحكومة العراقية الجديدة ستتشكل قريباً و “كاك مسعود” يواصل ابتسامته الجليدية المعتادة. إنه الخاسر المبتسم في انتخابات 2022 الرئاسية العراقية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.