“الراي”: “14 آذار” حسمت خيارها “معاً ولا تفرّد في المشاركة” و”8 آذار” تعمل على مطالب عون

 

عشية انعقاد مؤتمر «جنيف – 2»، بدا المشهد اللبناني عالقاً بدوره عند مشارف مرحلة شديدة الخطورة والغموض تجعله متأرجحاً بين احتمالات حصولانفراج جزئي مع المساعي الجارية لتشكيل حكومة جديدة والاستهدافات الأمنية المتواصلة عبر التفجيرات والأحداث الامنية المتجولة.

واذ بددت عطلة الاسبوع المنصرم كل التوقعات المفرطة في التفاؤل بولادة هذه الحكومة، بعدما أشاعت بعض الدوائر معلومات عن احتمال تشكيل الحكومة بين يوميْ السبت والاثنين، بدا الجهد المتصاعد للدفع بهذه العملية مرتكزاً بدرجة عالية الى الموقف الذي اعلنه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري الجمعة الماضي من لاهاي حول استعداده للمشاركة في حكومة مع «حزب الله»، وهو الموقف الذي شكل قوة دفع سياسية لهذه الجهود ولكنه لم يكفل بعد تذليل العقبات المتراكمة في الطريق الصعبة الى استكمال عملية تأليف الحكومة.

وقالت أوساط منخرطة في المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة لـ «الراي» امس ان الاسبوع الطالع سيشهد تزخيماً قوياً لهذه المشاورات والجهود ولكن ينبغي عدم التقليل من الصعوبات التي تعترضها والتي بات يتقدمها وضع مشابه لدى كل من فريقيْ 14 اذار و8 اذار على صعيد الاتفاقات الداخلية بين اطراف كل من الفريقين من جهة بالاضافة الى عدم اكتمال التفاهمات بين الفريقين على تفاصيل جوهرية في المشروع الحكومي من جهة اخرى.

ولفتت الاوساط الى ان قوى 14 اذار تخوض نقاشاً داخلياً بين أطرافها منذ اسبوعين اتخذ ذروة تسارعه بعد موقف الحريري على قاعدة اتُفق عليها هي إما المشاركة جماعياً في الحكومة بكل مكونات هذا الفريق وإما عدم تفرد اي طرف في المشاركة.

ويستند هذا النقاش الى شرط لا يبدو فريق 14 اذار في وارد التراجع عنه ويعتبره الخط الاحمر لتنازلاته المحتملة في مشاركة «حزب الله» في الحكومة وهو شطب معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» من البيان الوزاري وإدراج «إعلان بعبدا» (تحييد لبنان عن الصراعات الاقليمية) اساساً للبيان.

وتؤكد الاوساط استناداً الى المعطيات التي تبلّغها مسؤولون كبار في الساعات الاخيرة ان الحريري سيؤكد هذا الشرط علناً في مقابلته التلفزيونية المقررة مساء اليوم كما سيشدد على ان موقفه الايجابي المرن من تشكيل الحكومة لا يعني استعداده للتفريط بذرة من وحدة قوى 14 اذار مما يعني رمي كرة الاستجابة لموقفه في ملعب قوى 8 اذار والوسطاء الذين رحبوا بموقفه ولا سيما منهم الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط.

في المقابل، تخوض قوى 8 اذار نقاشاً آخر متشعب الجوانب ويحتاج الى مزيد من الانتظار ويتمحور خصوصا حول عقبتين: الاولى عدم موافقة الثنائي الشيعي «امل» و»حزب الله» بعد على مبدأ الخوض في البيان الوزاري قبل التشكيل مما يستتبع استمرار الشكوك في امكان تسليم هذا الفريق بشطب المعادلة الثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» واحلال اعلان بعبدا قاعدة اساسية في البيان. ويستقوي هذا الفريق بذلك بموقف مبدئي مماثل يتخذه الرئيس ميشال سليمان وجنبلاط لجهة تأجيل النقاش حول البيان الوزاري وتركه للجنة الوزارية التي ستتشكل تلقائياً بعد ولادة الحكومة لصوغ البيان الوزاري في مهلة شهر. اما العقدة الثانية فتتمثل في طلائع مشكلة إقناع العماد ميشال عون بالمداورة الشاملة في الحقائب الوزارية التي اتُفق عليها بين مختلف الاطراف الاخرين مما يستتبع تالياً تخلي عون عن حقيبتيْ الطاقة والاتصالات اللتين يصر على الاحتفاظ بهما.

وكشفت الاوساط نفسها ان مفارقة برزت اخيراً في معطيات تحدثت عن خلل في التنسيق حصل بين الفريق الشيعي والجانب العوني خلال الاسبوع الماضي. ففي حين ينفي الفريق العوني ان يكون فوتح بموضوع المداورة او بسواه من تفاصيل التشكيلة الحكومية لوجود العماد عون طوال الاسبوع في زيارة لروما التي عاد منها الجمعة الماضي، تلمح أوساط في 8 اذار الى قطبة مخفية غامضة يجري العمل على تذليلها باعتبار ان الوزير جبران باسيل كان اعلن بنفسه انه يشارك في المشاورات الجارية وان فريقه ليس غائباً عنها ولكنه تجنب اتخاذ اي موقف من مسألة التفاصيل ولا سيما المداورة في الحقائب في وقت رددت معطيات ان هناك طرحاً باستثناء حقيبة الطاقة تحديداً من المداورة لم تؤكده او تنفيه الاوساط المنخرطة في الوساطات الجارية.

وتبعاً لهذه الخريطة للمواقف المتشابكة تقول هذه الاوساط ان البُعد الداخلي لمشروع تشكيل الحكومة لن يكون وحده العامل المؤثر في تحديد التوقيت المحتمل للولادة الحكومية او تعثرها. ففي الايام الطالعة ستتحول الانظار بالكامل الى مؤتمر «جنيف – 2» الذي سيلفح بنتائجه، اياً تكن، الوضع المتفجر في سورية وكذلك في كل الدول المحيطة بها وفي مقدمها لبنان مما يعني ان اي حسم للملف الحكومي سينتظر تلقائياً نتائج هذا المؤتمر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.