السعودية ترفع الغطاء عن ’داعش’

Al-Qaeda teaches on Twitter how to ‘kindly’ cut off human head

موقع العهد الإخباري –

آية صالح:

لا يُحسد أمير داعش “أبو بكر البغدادي” على مشاغله هذه الأيام، فالرجل المنهك في حرب الردة ضد جماعات مسلحة تشاطره النهج الوهابي ولكن تخالفه في البيعة، لا تنقصه شغلة البال التي أتته من وراء المحيطات. لقد تمادى نظيره السعودي سعود الفيصل في تصريحاته هذه المرة في مؤتمر جنيف اثنين، يظن البغدادي ان الفيصل لم يراعِ لقبهما المشترك “الأمير”، وتمرّد عليه في أمرين: الفيصل اعتبر ان “داعش” صنيعة النظام السوري ويجب القضاء عليها، وهو بذلك يرفع الغطاء عن التنظيم، أما الأمر الثاني فهو عندما خاطب الفيصل رئيس الائتلاف السوري المعارض “أحمد الجربا” بـ “فخامة الرئيس”، وهو بذلك يضفي شرعيته على إئتلافٍ يعتبره البغدادي طائفة كفرٍ ورِدة.

لن يحرق البغدادي نفسه في معارك جانبية الآن، لديه قضية أساسية: إقامة الدولة الكبرى في العراق والشام، بلاد الشام كلها لكن لم يُعرف ما اذا كانت فلسطين المحتلة ضمن هذه الدولة. الأمير الداعشي الذي يستنزف جهوده في صراعٍ على الغنائم مع النصرة والحر حيناً، وفي لعب كرة القدم برؤوس مدنيين حيناً أخرى، يحاول وضع خطةٍ بديلة في حال لم تجرِ الأمور في سوريا على ما غُرِّر به وأُوحيَ له، وكل المعطيات الميدانية والسياسية تقوده الى هذا الإستنتاج.

تكويعة آل سعود تجاه داعش إعلامياً لم يجدها ابو بكر مستغربة، ولكن ماذا لو لم تكن فقط للإستعراض؟ ماذا لو شحّ الدعم المادي واللوجستي والعسكري وتحوّل لأبناء الجربا؟ أين سيكون محط رحال الداعشيين الذين يجذبون الشباب المراهق من الرياض وصولاً الى الشيشان في حال أصبحوا كبش فداء تحت مسمى مكافحة الإرهاب؟ أسئلةٌ تدور في رأس البغدادي الذي لم يعتبر تصريح وزير خارجية آل سعود لحظة تخلّي لا سيما بعد النهاية التي كُتبت لـزميله ماجد الماجد، فكان لا بد من خارطة طريق: هل المملكة قابلة للإستدعاش؟

بما أن مملكة الخير تُصدّر كالرمال لسوريا الأسود الجياع -شرابهم الدماء وأنيسهم الأشلاء- فهذا يعني ان الداعشيين اصحاب الفكر الوهابي أوْلى بالسكن في بلد المنشأ اي السعودية، سيناريو يكتبه البغدادي على مهل وطيف المعلم الكبير بن لادن يلازم افكاره، في حال أخلّ آل سعود بالإتفاق القاضي بأنهم يتكفلون بعائلات “المجاهدين” داخل المملكة وخارجها، وعدم تضييق الخناق على المجاهدين، فإن التنظيم سيبقي نار الجهاد بعيدةً عن السعودية.
البندريون في المملكة يدركون أنهم خلقوا وحشاً تفرّع وسرعان ما سيتفرعن عليهم، من أجل ذلك أفردوا الفضائيات والمفتين وقادة الرأي لتمجيد الظاهرة الداعشية واخواتها، وهم بذلك يصيبون دعُّوشيْن بساطورٍ واحد: الأول هو جمع كل المتطرفين والأعداء الإفتراضيين مستقبَلاً في مكان واحد “سوريا” مطلقين عليها إسماً له مفعول سحري عند هؤلاء “ساحة جهاد”، من جهةٍ ثانية يدعمونهم بالمال والسلاح ويعززون الإنقسام بينهم كي يقضي بعضهم على بعض، هذا الإنشغال كفيلٌ بإبقاء شرّ خليقة آل سعود عن شرور الأسرة الحاكمة.

حملاتٌ إعلامية بدأتها القنوات المحلية السعودية بإيعازٍ من السلطة العليا لنقد الظاهرة الداعشية، تارةً بالتهجم على رجال الدين الذين يشجعون هذه الظاهرة، وتارة اخرى عبر استضافة عائلات إلتحق أبناؤهم بالتنظيم في سوريا للتحدث عن معاناتهم ورفضهم القاطع لهذا الأمر. فالمملكة لا مانع لديها فيما يخص ممارسات الجماعات المسلحة الدموية التي تدعمها خارج أراضيها لا سيما في أراضي خصومها السياسيين الذين يعارضونها في المبادئ، لكن سرعان ما تصبح هذه الجماعات نفسها في مرمى نار جيش آل سعود في حال فكّرت ان تطأ أقدام عناصرها أرض شبه الجزيرة العربية.

فهل تُعتبر المملكة صيداً ثميناً أو هدفاً محتملاً للجماعات المسلحة؟ هل تمتلك مقومات ان تصبح أرض جهاد لا سيما انها تشارك هذه الجماعات ذات الفكر الوهابي؟

إذا استثنينا وضع المرأة السعودية المتدعوِشة منذ زمنٍ طويل من قيادة السيارات أو العمل أو الإنتخاب، يمكن القول إن النظام السعودي هدفٌ مشروع، فهو منذ نشأته مرتبط إرتباطاً عضوياً بل تبعياً بـ”الكفار الأمريكان” إن عبر صفقات السلاح التي تصدأ في المخازن او عبر اللقاءات الحميمة وجلسات شرب الخمر بين خادم الحرمين الشريفين ومحتلّ العراق جورج بوش.

أسبابٌ عديدة تغري داعش واخواتها لإستهداف المملكة أكثر من المصادفات العديدة التي جمعت أمراء آل سعود بالصهاينة لا سيما الزيارات السرية أو العلنية بين الطرفين وطلب الموساد من الأمير تركي الفيصل إلقاء خطاب في الكنيست، فمن غير ذاك الأمير السعودي يملك اكبر شبكة قنوات تعتبرها الجماعات التكفيرية قنوات فسق وفجور، ومن مثل اولئك الأمراء الشباب في العائلة الحاكمة اكثر براعةً في لعب الميسر ومجالسة الفتيات من مختلف الجنسيات؟ إذاً توفرت المقومات: خمرٌ وفسقٌ وميسر، ولا ضير إن أُضيف النفط والأموال لتيسير أمور “المجاهدين” الذين سينشرون دينهم باللسان وإن لم يقبل السعوديون فبالسيف، أليس هذا شعار محمد بن عبد الوهاب؟ الجماعات المسلحة تعلم جيداً أن طابخ السم آكله وفي حال ارادت اجتياح السعودية، لا يمكن التكهن ما اذا كان الجيش السعودي قادرٌ على الصمود وهو الذي لم يعتد خوض الحروب يوماً، فما الذي تُعده مملكة الرمال من خيرٍ لشعبها المنقسم أساساً حول الولاء لها بعد الخير الأحمر الذي طمرت فيه الشعوب العربية، وهي العالمة انه مع القاعديين لا مجال للإستعراض، فهل من صفقة قريبة أم صفعة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.