الشاعر.. معركة “الاستعادة الثانية”.. الجيش السوري يطوّق الحقل النفطي.. ويؤمن مطار “تي فور”

syria-t4airport

صحيفة السفير اللبنانية ـ
علاء حلبي:
لم يكد تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” – “داعش” يسيطر على حقل الشاعر للغاز في الريف الشرقي لحمص، حتى شنت القوات السورية، بقيادة العقيد سهيل الحسن، المشهور بلقب “النمر”، هجوماً واسعاً استطاعت خلاله تطويق الحقل.
وكانت آثار سقوط الحقل بدأت بالظهور للعلن: أزمة في التيار الكهربائي، ضغوط على أهم المطارات العسكرية ومركز انطلاق سلاح الجو في سوريا (مطار “الشهيد عمر أياس” المعروف شعبياً باسم “تي فور”)، سقوط عدد كبير من الشهداء (وثّق منهم نحو 40 شهيداً وصلوا إلى حمص)، بالإضافة إلى وقوع أسرى (لم يعرف عددهم بدقة) بيد التنظيم.
ودفعت هذه العوامل القيادة العسكرية إلى تسريع عمليات استعادة السيطرة على الحقل المهم، الذي ينتج نحو 3 ملايين متر مكعب من الغاز، تغطي نسبة كبيرة من عمليات توليد الطاقة الكهربائية في سوريا.
العملية العسكرية التي بدأت فجر الأحد، بحسب مصدر ميداني، جاءت بعد يومين من وصول “النمر”، وتوليه رئاسة غرفة عمليات استعادة الحقل، حيث بدأ العمل على تثبيت مراكز انطلاق الجيش، ليخوض الجيش والفصائل المؤازرة له معارك عنيفة استمرت ساعات عدة دفعت مسلحي “داعش” للتراجع عن مواقع سيطرتهم، ويتمكن الجيش السوري من تطويق كامل حقل الشاعر، والسيطرة على التلال الاستراتيجية المحيطة به (أبرزها تلة زملة مهر المعروفة باسم “السيريتل”)، استعداداً لاقتحام النقاط التي سيطر عليها التنظيم (المحطة الأم ونحو سبعة آبار).
وفي السياق ذاته، يشير مصدر عسكري، في حديث إلى “السفير”، إلى أن قوات الجيش السوري سيطرت على طريق تدمر، كما قامت بتأمين محيط مطار “تي فور” والمنطقة الممتدة من الفرقلس إلى المطار، في حين كثف الطيران الحربي غاراته على مواقع “داعش” وتحصيناته، ما دفع المسلحين للانسحاب من محيط حقل حجار، ومحيط حقل الشاعر والتراجع نحو خطوط خلفية. كما تم استهداف رتل للمسلحين في منطقة قصر ابن وردان. وأوضح أن تحصينات “داعش” انهارت في حقل الشاعر، ما يبشّر بسرعة إنهاء المعارك واستعادة الحقل.
وعن سبب سرعة “انهيار تحصينات داعش” في حقل الشاعر، أشار المصدر إلى أن كثافة النيران وتوزع نقاط الهجوم المضاد من محاور عدة على المنطقة وضع عناصر التنظيم في “محرقة حقيقية”، تسرّع عملية استعادة الحقل الذي يغذي معمل حيان للغاز.
ومع تولي “النمر” غرفة العمليات، يتوقع المصدر أن “يستعاد الحقل بسرعة كبيرة نظراً لخبرة العقيد السوري في ميادين المعارك، والجدارة التي أثبتها منذ بداية الحرب، إضافة لكونه يستعمل قوة نارية كبيرة تساهم بضرب خطوط دفاع العدو قبل الاقتحام البري الذي يكون سريعاً في العادة”، موضحاً أن تعزيزات من قوات النخبة الخبيرة في القتال في الصحراء والتي تحمل اسم “صقور الصحراء” انطلقت من حمص نحو الحقل قبل يومين، إلا أنها لم تتمكن من الوصول حتى فجر الأحد بسبب انقطاع الطريق المؤدية إلى الحقل إثر نشوب اشتباكات، حيث ساهم وصولها في فرض سيطرة تامة على محيط الحقل.
وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد أيام عدة من سقوط الحقل المهم، للمرة الثانية، بيد مسلحي “داعش”، في تكرار جزئي لسيناريو السقوط الأول (في تموز الماضي)، والذي تسبب حينها بمقتل نحو 350 جندياً وموظفاً، قبل أن يستعيد الجيش السوري السيطرة على الحقل.
ومع وصول “النمر” إلى جبهة حقل الشاعر، أوضح المصدر، أن تحقيقاً عسكرياً رفيع المستوى تم فتحه لدراسة أسباب السقوط الثاني، ومن يتحمل مسؤوليته، والبحث في سبل تحصينه بعد استعادته.
ويقع حقل الشاعر على بعد 120 كيلومتراً شرق حمص، ويغذي حقل حيان للغاز، الذي يغذي الشبكات الأرضية للساحل والمنطقة الجنوبية. وقال مصدر، في معمل غاز الفرقلس لـ”السفير”، إن الحقل هو أحد الحقول الرئيسة وليس الوحيد الذي يغذي معمل حيان القريب منه، وتكمن أهميته الاستراتيجية في كونه يكشف المنطقة المحيطة، موضحاً أن معمل حيان تأثر جزئياً نتيجة توقف حقل الشاعر ولكن مازال يعمل بالغاز الذي يأتيه من الحقول الأخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.