الصحف الاجنبية: اوباما تخلى عن سياسة تغيير النظام في سوريا

اعتبر صحفيون اميركيون ان ادارة اوباما تخلت عن سياسة تغيير النظام في سوريا نتيجة التقدم الميداني الاخير للجيش السوري وحلفائه وكذلك الهجمات الارهابية التي شنتها داعش في باريس.

هذا واستبعدت تقارير اعلامية اميركية اي تصعيد اميركي في سوريا لمصلحة الجماعات المسلحة رغم انتصارات الجيش السوري، وذلك في الوقت الذي اعتبرت فيه معارضة الرياض أن واشنطن قد تخلت عنها بالكامل.

من جهة اخرى، اشار موقع اميركي الى تخوف عدد من المسؤولين الاميركيين من ان تركيز العمل العسكري ضد داعش ادى الى تقوية تنظيم القاعدة.

الاستراتيجية الاميركية تقوي القاعدة على حساب داعش

نشر موقع “Daily Beast” تقريراً بتاريخ الثامن من شباط/فبراير الجاري كشف فيه عن قلق متزايد لدى مسؤولين اميركيين استخباراتيين وعسكريين من ان تركيز الضربات العسكرية الاميركية على داعش تقوي تنظيم القاعدة.

وقال التقرير ان القاعدة قد استغلت تركيز الضربات ضد داعش وبالتالي ازدادت قوة، موضحاً ان ذلك تسبب بخلافات متزايدة داخل اجهزة الامن القومي الاميركي بشأن الضربات التي يشنها التحالف بقيادة اميركا ومن هو المستهدف بهذه الضربات. واشار الى وجود تخوف لدى بعض المسؤولين الاستخباراتيين والعسكريين الاميركيين من ان تركيز الاهتمام على هزيمة داعش جعل الولايات المتحدة غير متيقظة حيال اعادة صعود القاعدة.

ولفت التقرير الى ان الحملة الجوية الاميركية لا تستهدف جبهة النصرة، وهي الجماعة التابعة للقاعدة في سوريا. كما استشهد بتصريح القائد العسكري الاميركي المسؤول عن الحرب ضد داعش الجنرال “Sean MacFarland” مؤخراً، الذي اعترف فيه بأن “اضعاف داعش قد يفيد جبهة النصرة”.

واشار التقرير الى ان المعارضين لضرب النصرة يعتبرون ان الاخيرة هي من المجموعات المقاتلة القليلة المتبقية التي يمكن ان تمنع الحرب في سوريا من ان تتحول الى معركة بين الرئيس السوري بشار الاسد و داعش، وهو ما يعني بحسب ما جاء في التقرير ان “الولايات المتحدة قلقة من نتائج خسائر القاعدة”.

في المقابل كشف التقرير نقلاً عن مسؤولين اثنين في وزارة الحرب الاميركية  ان القيادة المركزية الاميركية (المسؤولة عن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا) تقود الحملة المطالبة بالقيام بالمزيد ضد جبهة النصرة وتنظيم القاعدة. ونقل عن مسؤول رفيع في وزارة الحرب الاميركية قوله ان “هناك قلقا لان جبهة النصرة والقاعدة تعيدان بناء نفسيهما”، كما اضاف هذا المسؤول وفقاً للتقرير ان “الضربات والفوضى في المنطقة قد فتحت الباب لهم”.

التقرير اشار الى ان النصرة قاتلت الى جانب جماعات “متمردة” محلية في سوريا تتلقى السلاح والدعم من الولايات المتحدة، “ما يجعل من فرع القاعدة في سوريا احياناً مستفيدا غير مباشر من التدخل الاميركي في النزاع”. ولفت في هذا الاطار الى ما طرحه المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “CIA” “ديفيد بترايوس ” من ان يتم العمل مع “المعتدلين” في جبهة النصرة من اجل محاربة داعش، مضيفاً  بنفس الوقت ان كل ذلك يحصل على الرغم من اعلان واشنطن النصرة تنظيماً ارهابياً اواخر عام 2012.

ونقل التقرير عن مسؤول استخباراتي اميركي انه وعلى الرغم من “خسائر قيادية كبيرة، فإن بعض اتباع القاعدة سعوا الى توسيع موطىء قدمهم من خلال استغلال النزاعات المحلية”. واعتبر التقرير ان ذلك حقق نجاحاً في سوريا واليمن، حيث قال المسؤول ان القاعدة استغلت “عدم الاستقرار المتزايد” في البلاد “من اجل تعزيز التجنيد والاستيلاء على الاراضي”.

كما قال التقرير ان القاعدة تجد نفسها امام “اعداء غربيين” غير مستعدين لمهاجمتها في سوريا وخارجها، واشار كذلك الى عدم قيام السعودية بشن الضربات في جنوب اليمن حيث تسيطر القاعدة. وأضاف انه وبينما يقول المسؤولون العسكريون الاميركيون ان تعزيز قوة القاعدة سيدفعها الى محاربة داعش، اكد ان ذلك لم يحصل حتى الآن، اذ قامت القاعدة في المقابل بالعمل على كسب الاراضي وبناء النفوذ حول المنطقة. ولفت الى سيطرة القاعدة على منطقة عزان اليمنية الاسبوع الفائت.

على ضوء كل ذلك اعتبر التقرير ان التهديد الاكبر الذي تواجهه النصرة يتمثل بالضربات الجوية الروسية “التي تستهدف جميع القوى المعادية للاسد، بما في ذلك الجماعات المتمردة التي تدعمها الحكومة الاميركية”. واشار الى تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من سلطنة عمان يوم الاربعاء الماضي الذي قال فيه ان “الضربات الجوية الروسية لن تتوقف حتى نهزم حقيقة تنظيمي داعش والنصرة الارهابيين”.

معارضة الرياض: الولايات المتحدة تخلت عنا

من جهته، كتب الصحفي الاميركي المعروف “Josh Rogin” مقالة نشرت على موقع “Bloomberg” بتاريخ الثامن من شباط/ فبراير تضمنت مقابلة اجراها الكاتب مع رئيس ما يسمى الهيئة العليا للمفاوضات (المعارضة السورية التي تدعمها السعودية) رياض حجاب.

ونقل الكاتب عن حجاب ان مقاربة وزير الخارجية الاميركي جون كيري محاولة اقناع الاسد وروسيا بالتفاوض بينما يتواصل الهجوم العسكري قد زادت الامور سوءا اكثر بكثير، اذ قال حجاب ان “الادارة (الاميركية) تقول انها تمتحن حسن نوايا الطرف الآخر، لكن عندما تمتحن هذه الامور وتفشل المقاربة فإن الثمن جراء ذلك هو الموت المفجع وتوسع التطرف والارهاب على الارض”.

واضاف الكاتب انه ومن منظار “المعارضة السورية”، فإن روسيا وايران تجعلان من عملية السلام “اضحوكة”، وعدم اعتراف كيري بذلك يجعل “المعارضة” عرضة “للاذية المميتة”. ونقل عن حجاب في هذا الاطار ان “فشل المفاوضات يؤدي الى خفص مصداقية المعارضة المعتدلة امام الشعب السوري”. كما نقل عن حجاب ان مصداقية الولايات المتحدة تتدهور لدى الشعب السوري وكذلك لدى المنطقة باكملها.

كما نقل الكاتب عن حجاب ايضاً زعمه ان موسكو تريد فشل المفاوضات، وان “الطائرات الروسية تدمر كل شيء” وتستخدم اسلحة محرمة. كما قال حجاب بحسب الكاتب ان ادارة اوباما تواصل الضغط على المعارضة كي تعود الاخيرة الى المحادثات رغم العمل العسكري الهجومي المستمر من قبل الجيش السوري وحلفائه، الا ان المعارضة (معارضة الرياض) تصر على ان تلتزم روسيا اولاً بقرارات مجلس الامن، وفق تعبير الكاتب.

واشار الكاتب الى تصريح الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية “John Kirby” يوم امس الاثنين ان ادارة اوباما تريد من “المعارضة” الجلوس على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، مثل وقف القصف او “المساعدات الانسانية”.

ولفت في هذا السياق الى اعتبار حجاب الظروف على الارض غير مهيأة ابداً لاستئناف المفاوضات، اذ “يسعى المتمردون الى الحصول على المزيد من الدعم المالي والعسكري للدفاع عن المدنيين والتصدي لهجمات النظام، بما في ذلك الاسلحة القادرة على التصدي للهجمات الجوية”. ونقل عن حجاب في هذا الاطار قوله ان “الادارة الاميركية والمجتمع الدولي قد خيبا املنا وتخليا عنا بالكامل بعد مرور خمسة اعوام”.

وفي الختام قال الكاتب ان الرئيس الاميركي المقبل، (ديمقراطي أو جمهوري)، “سيجري بالتأكيد تغييرات كبيرة للسياسة الاميركية حيال سوريا”. الا انه اعتبر ان الوضع قد يزداد سوءا اكثر خلال ما تبقى من ولاية اوباما، داعياً اوباما الى ان يقيس ما بين خطر تعميق الدور الاميركي والاثمان الكثيرة الناتجة عن فشل الدبلوماسية.

استبعاد التصعيد الاميركي رغم خسائر الجماعات المسلحة

أما مجلة “Politico” فنشرت تقريراً ايضاً بتاريخ الثامن من شباط أشار الى ان بعض قادة “المعارضة السورية” الى جانب عدد من المحللين، يحذرون من اضعاف المعارضة بحيث ستصبح المفاوضات حول الازمة السورية التي تروج لها الولايات المتحدة دون جدوى، وذلك في حال عدم توجيه الرئيس باراك اوباما رسالة صارمة الى نظيره الروسي فلادمير بوتين، قد تتضمن استخدام القوة العسكرية حتى.

ونقل التقرير عن عضو الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة قوله ان “على الولايات المتحدة ان تقول “كفى” للروس، اذ اعتبر ان “المجتمع الدولي” والولايات المتحدة لم يسعيا جديا أمام الروس واكتفيا باصدار البيانات السياسية والصحفية. كما نقل عن الباحثة في معهد الشرق الاوسط في واشنطن رندا سليم ان على روسيا ان تفهم ان هناك اثمانا جراء قيامها “بتقويض عملية السلام” وفقاً لزعمها، وقالت انه في حال عدم تحرك ادارة اوباما امام التدخل الروسي في سوريا فإن “مجال الخيارات سيكون محدوداً اكثر بكثير مما هو اليوم عندما تصبح هيلاري كلنتون او اي شخص آخر الرئيس المقبل”.

الا ان التقرير رأى ان ادارة اوباما تبدو غير مستعدة للتصعيد، حتى في كلامها. واعتبر انه لا توجد اي مؤشرات تفيد بان الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في سوريا، حيث تركز القوات الخاصة الاميركية على محاربة عناصر داعش و ليس الاسد. ولفت الى ان اوباما وبسبب داعش، قد اخفق في وعده الانتخابي بإنهاء حروب اميركا في الشرق الاوسط، ويعارض بشدة دخول الولايات المتحدة في حرب مباشرة ضد الاسد او “رعاته الروس”.

كما اشار التقرير الى ان وزارة الخارجية الاميركية لم تحدد اي عواقب محتملة قد تواجهها روسيا في حال واصلت اندفاعها العسكري في سوريا، معتبراً ان ذلك مؤشر على قلة التأثير الاميركي على موسكو.

هذا ونقل التقرير ايضاً عن “هادي البحرة” ان واشنطن قد تستفيد من العرض الذي قدمته السعودية ودولة الامارات بارسال قوات برية الى سوريا لمحاربة داعش، اذ اعتبر البحرة ان وجود قوات برية من هذه الدول على الارض وبدعم اميركي، قد يشكل رادعاً لروسيا والاسد. الا ان التقرير نقل عن الباحث في “مؤسسة القرن” “Michael Hanna” تحذيره من ان روسيا قد تصعد هي ايضاً في حال صعّدت اميركا، مشيراً الى ان المصالح الروسية في سوريا هي اكبر بكثير من المصالح الاميركية.

انتهاء سياسة اوباما بتغيير النظام في سوريا

بدوره، موقع “Middle East Eye” من جهته نشر مقالة كتبها الصحفي المحقق المعروف “غاريث بورتر” بتارخ الثامن من شباط اعتبر فيها الاخير ان التطورات الميدانية الاخيرة في سوريا ادت الى تحول في سياسة ادارة اوباما حيال سوريا. وقال انه ومنذ ان “قلب التدخل العسكري الروسي الميزان العسكري” في سوريا، فان ادارة اوباما تراجعت بهدوء عن موقفها السابق “بضرورة رحيل الاسد”. واعتبر ان لهذه التغييرات السياسية والعسكرية آثارا واضحة على مفاوضات جنيف.

الكاتب شدد على انه يجب النظر الى التحولات في سياسة اوباما حيال سوريا على اساس انها رد فعل على الاحداث الخارجية والتي  تدخل فيها ايضاً اعتبارات سياسية داخلية. كما قال ان هجمات داعش الارهابية في باريس قد ركزت انظار الاوروبيين والاميركيين على تهديد داعش وضرورة التعاون مع روسيا من اجل محاربتها. واضاف ان ذلك قد قوّى موقف هيئة الاركان المشتركة في الجيش الاميركي وكذلك وكالة الاستخبارات المركزية “ال-CIA”، واللتين لم تؤيدا منذ البداية سياسة تغيير النظام في سوريا. واوضح ان هؤلاء قد حثوا على تغيير الموقف الاميركي المصر على رحيل الاسد بعد هجمات باريس الاخيرة.

ورأى الكاتب ان التأثير السياسي لهجمات باريس اتضح اكثر فاكثر جراء المكاسب الميدانية الكبيرة التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه بدعم جوي روسي.

كما اشار الكاتب الى ان التحول في سياسة اوباما يجب ان لا يفاجىء المعارضة المسلحة ومؤيديها، اذ اعتبر ان سياسة اوباما السابقة حيال سوريا كانت مبنية بشكل اساس على استغلال فرصة سياسية، مشيراً الى التقارير الاعلامية الاميركية التي تحدثت سابقاً عن سياسة اميركية ترمي الى وضع ضغوط على قوات الاسد بغية اقناعه بتقديم التنازلات لكن ليس لدرجة تؤدي الى انهاير حكومته.

وأضاف ان ادارة اوباما رأت هذه الفرصة متاحة بسبب عملية تسليح ما يسمى “الجماعات المسلحة المعتدلة” عام 2013 التي ادت بجيش الفتح (بقيادة جبهة النصرة) الى السيطرة على محافظة ادلب ومنطقة الغاب في محافظة حماة.

غير ان الكاتب اضاف انه ونظراً الى التوازن العسكري الجديد، فان ادارة اوباما باتت تدرك ان استراتيجيتها السابقة من دون جدوى، وبالتالي لجأت الى استراتيجية ايضا تستند الى “الاستغلالية”. واوضح ان هذه الاستراتيجية تقوم على الاستفادة من المصالح الاميركية الروسية المشتركة حيال داعش والتراجع عن هدف فرض تغيير في النظام في سوريا.

كما سلط الكاتب الضوء على دعم كل من الولايات المتحدة وروسيا لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا التي تحارب داعش. واشار الى ان وحدات حماية الشعب لا تحارب داعش فقط وانما ايضاً جبهة النصرة وحلفاءها، ولم تبق سراً موضوع الدعم الروسي الذي تحظى به. كذلك لفت الى ان العناصر الكردية تعاونت مع الجيش السوري وحزب الله في محافظة حلب. وعليه وصف وحدات حماية الشعب الكردية بالحليف السوري الاساس للولايات المتحدة ضد داعش ولكن في نفس الوقت عنصر اساس في الاستراتيجية الروسية السورية لاضعاف النصرة وحلفائها. وراى الكاتب ان كل ذلك يفيد بوجد مستوى من التعاون الاميركي الروسي ضد الجماعات المسلحة الاساسية التي تحارب نظام الاسد.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.