الصين والدول العربية.. أساس متين لتعزيز التعاون

صحيفة البعث السورية-

هناء شروف:

تشترك الصين والدول العربية في صداقة تقليدية عريقة وقائمة على أساس متين، فقد ربط طريق الحرير بين الصين والعالم العربي منذ العصور القديمة. في الآونة الأخيرة، دعم الجانبان بعضهما البعض في النضال ضد الاستعمار والهيمنة، وتضامنا وساعد كل منهما الآخر في مسار التنمية الوطنية.

حقق التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات قفزات تاريخية إلى مستوى أوسع وأعمق، ففي السنوات الأخيرة وقفت الصين والدول العربية معاً وكانوا نموذجاً للتضامن والتعاون بين الدول النامية، وأصبح الجانبان أكثر ارتباطاً من أي وقت مضى.

لقد أعطت الصين والدول العربية أنموذجاً يحتذى به في دعم الاحترام المتبادل والتضامن والتعاون، وأصبحت الصداقة التقليدية بين الجانبين أقوى مع مرور الوقت. وكلا الجانبين يدعم الآخر بقوة في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والشواغل الرئيسية للطرف الآخر، إذ لطالما قدمت الصين دعمها لدول الشرق الأوسط وحل قضايا الأمن الإقليمي من خلال التضامن والتعاون ودعم هذه الدول في استكشاف مسارات التنمية الخاصة بها بطريقة مستقلة.

في أعقاب الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى منطقة تايوان الصينية، أعربت جميع الدول العربية عن دعمها الثابت لمبدأ الصين الواحدة، وحماية السيادة الوطنية للصين، وسلامة أراضيها. وبالمقابل التزمت الصين دائماً بتعزيز السلام والمحادثات، وقدمت مسارات مجدية لحل قضايا النقاط الساخنة الإقليمية لمواجهة الاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط، والتي حازت على اعتراف واسع النطاق، واستجابة إيجابية من دول المنطقة. لطالما كانت الصين ملتزمة بدفع عملية السلام بين فلسطين و”إسرائيل”، ودفعت مجلس الأمن الدولي مراراً وتكراراً إلى مراجعة القضية الفلسطينية، وأرسلت صوتاً قوياً لإنهاء العنف.

لقد أعطت الصين والدول العربية مثالاً جيداً في السعي لتحقيق التنمية المشتركة، والمنفعة المتبادلة والتعاون المربح للجانبين. لقد استفادت تنمية الصين من المجتمع الدولي، كما ساهمت الصين في التنمية العالمية. لقد اقترح الرئيس شي جين بينغ مبادرة التنمية العالمية بهدف تعزيز التعاون العالمي في ثمانية مجالات رئيسية من أجل إعادة قضايا التنمية إلى صميم جدول الأعمال العالمي بما في ذلك التخفيف من حدة الفقر، والأمن الغذائي، والاستجابة للأوبئة، وتمويل التنمية، والاستجابة لتغير المناخ والتنمية الخضراء، ونمو الاقتصاد الرقمي، والتواصل في العصر الرقمي. وقد قدمت المبادرة خارطة طريق لحل مشكلة التنمية غير المتوازنة وغير الكافية والتي نالت درجة عالية من الاعتراف والاستجابة الإيجابية من المجتمع الدولي.

وقدم الجانبان أنموذجاً جيداً لإفساح المجال لنقاط القوة التكميلية، وتعزيز التعاون الأخضر، وعززت تبادل التكنولوجيا ونقلها في مجالات التشجير والوقاية من تدهور الأراضي والتصحر والسيطرة عليهما. يعمل الجانبان بنشاط على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المتجددة الأخرى، ويسعيان جاهدين لاستكشاف التعاون في ابتكار تكنولوجيا الطاقة وتحويل وتطوير هياكلهما الصناعية.

وقدم الجانبان مثالاً جيداً للتعلم المتبادل والانفتاح والشمولية، إذ كلاهما حضارتان لها آلاف السنين من التاريخ، وتقاليد رائعة من الاحترام المتبادل ومعاملة كل منهما للآخر على قدم المساواة.

أظهرت العديد من استطلاعات الرأي في السنوات الأخيرة أن الشعب العربي يتمتع بمستوى عالٍ من الآراء الإيجابية تجاه الصين، ويأمل في تعزيز التبادلات مع الصين، مما يدل على مستوى عالٍ من الدعم الشعبي للصداقة الصينية العربية.

وفي مواجهة التغييرات الرئيسية الجارية في المشهد العالمي، ووباء كوفيد 19 يجب على الصين والدول العربية اغتنام الفرصة التاريخية لتعزيز تضامنهما وتعاونهما، وتقديم الدعم لجهود كل منهما لحماية السيادة والأمن ومصالح التنمية، وتحقيق المزيد من الفوائد الملموسة للشعبين الصيني والعربي.

يتعيّن على الصين والدول العربية مواصلة تكثيف التبادلات رفيعة المستوى، وتعميق الاتصالات الاستراتيجية، ودعم بعضهما البعض بقوة في اتخاذ مسار التنمية الذي يناسب ظروفهم الوطنية. يجب على الجانبين دعم التعددية وحماية النظام الدولي بحزم مع وجود الأمم المتحدة في القلب والنظام الدولي القائم على القانون الدولي، وحل الخلافات والنزاعات بين الدول سلمياً من خلال الحوار والتشاور وحماية العدالة الدولية بشكل مشترك.

كما يجب على الصين والدول العربية استخدام البناء المشترك للحزام والطريق، والتنفيذ المشترك لمبادرة التنمية العالمية كدوافع مزدوجة لتمكين التعاون العملي في مختلف المجالات مع الابتكار التكنولوجي. يجب على الجانبين التركيز على الاقتصاد الرقمي والأقمار الصناعية للطيران والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية والقطاعات الناشئة الأخرى، وتطوير مشاريع إيضاحية لصناعات التكنولوجيا الفائقة والسعي المشترك لتحقيق قفزات التنمية.

كذلك يتعين على الجانبين الالتزام برؤية الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وتعميق التعاون للحفاظ على الاستقرار، ومكافحة الإرهاب، والعمل معاً لمواجهة التحديات الأمنية.

يتعين على الصين والدول العربية مواصلة تعزيز التبادلات الشاملة والحوارات بين الحضارات، وتعزيز التعاون في مجالات مثل الثقافة والتعليم والإعلام والسياحة والصحة من أجل بناء أسس الرأي العام للعلاقات الصينية العربية، والتمسك بمفهوم التنمية الخضراء، وتعميق التبادلات والتعاون باستمرار في مجالات تغير المناخ، وحماية البيئة والحفاظ على الطاقة والحد من الانبعاثات، والوقاية من الكوارث والتخفيف من آثارها، وتطوير الطاقة الجديدة والطاقة المتجددة، والعمل المشترك على تعزيز تطوير طريق الحرير الأخضر في الشرق الأوسط، والمساهمة في جهود أكبر لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.