الطريق إلى رمضان الفلسطيني

صحيفة المنار الفلسطينية-

حمدي فراج:

يحث الشعب الفلسطيني الخطى نحو شهر رمضان أسرع بكثير من فصائله المتصارعة فيما بينها ، سواء تلك التي حضرت اجتماع المجلس المركزي او تلك التي قاطعت ، ذلك الاجتماع الخلافي بالمعنى الطلاقي والذي شهد عملية اعدام ثلاثة شهداء من كتائب شهداء الاقصى “حركة فتح” في وسط مدينة نابلس وضح النهار فيشكلان – الاجتماع والاعدام – نقطة تحول أخرى سيكون لها تداعياتها على أكثر من صعيد ، و في المقدمة منها استعار النضال والمجابهة مع الاحتلال وسوائبه المنفلتة من عقالها .

سيحل رمضان فلكيا في الثاني من نيسان القادم ، اي بعد حوالي شهر ونصف من اليوم ، يرتبط به الفلسطينيون – مسلمون ومسيحيون وعلمانيون – على انه شهر خير وبركة ونضال تراثي قديم وحديث ، فرمضان الاخير شهد عملية سيف القدس التي هب فيها الشعب في كل اماكن تواجده بمن في ذلك ابناء الداخل (48) الذين اعتقد الكيان الصهيوني انه طوى عملية ترويضهم و صهينتهم تحت إبطه .

رمضان هذا العام ، يأتي بعد أيام من ذكرى معركة الكرامة قبل 54 سنة ، و ذكرى يوم الارض الخالد قبل 46 سنة ، و ذكرى عملية دلال المغربي قبل 44 سنة ، فيجدها الشعب الفلسطيني فرصة سائحة لاحيائها عبر الاشتباك مع الاحتلال ، و هي الطريقة الانجع من بقية الاحياءات الاحتفالية التي درج عليها خلال سنوات السلام العجاف التي طالت واستطالت حتى بلغت نحو 30 سنة ، أخذوا فيها كل شيء وحصلنا نحن بعد صيامنا وفق الشاعر الكبير نزار قباني على بصلة .

في رمضان ، تتجدد ذاكرتنا بوفائنا الى اسرى يتعفرون في قيدهم عشرات السنين ، كفروا بالقيادات التي نسيتهم ثم فطنتهم ثم وعدتهم لكنها خذلتهم ، حتى عندما وحّدوا صفوفهم واضربوا عن الطعام في وجه السجان والجلاد بقيادة القيادي البارز مروان البرغوثي ، فتآمر البعض ضدهم عينك عينك ، فأصروا بعدها للاعتماد على انفسهم فرادى فخاضوا اضرابات عن الطعام وصلت الى مئة وخمسين يوما ، خمسة اضعاف شهر رمضان الذي نصومه نهارا ونلتهم كل شيء ليلا ، في حين ان الاسرى المضربين يصومون ليلا وتهارا .

نحث الخطى نحو هذا الرمضان ، كما لو انه “مكان” مقدس ، لا يقل أهمية عن الاقصى والقيامة والمهد والابراهيمي والقدس والخليل وبيت لحم واللد والناصرة ، فهو موجود في كل مكان ذكر ، و ينتظرنا كلنا هناك ، فيجيب عن أسئلتنا التي ظلت شاردة بدون إجابات : لماذا لم يتم الغاء الاعتراف باسرائيل كدولة لطالما انها لم تعترف لنا بدولتنا ، ولماذا يستمر تغييب الوحدة الوطنية بين ابناء الشعب الواحد في غزة والضفة وغدا بين شمال الضفة وجنوبها . سيقول لنا : هنا تتجسد الوحدة الحقيقية ، وهنا يغيب تجار القضية و سماسرتها ووكلاء بيعها بالتقسيط ، هنا تنفصم عراهم ، هنا يخافوننا ويحسبون حسابنا ، من يريد تمثيل الشعب الفلسطيني المقاوم لا بد ان يكون مقاوما لا مسالما مستسلما ومساوما . والطريق الى رمضان الذي يوصل بين غزة و صفد ، وفق غسان كنفاني ، يمتد الى 45 يوما ، لا بد من تعبيدها كما يليق بالطريق المعمّد وبرمضان المقدس وبالشعب المعظم .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.