العدّ العكسيّ بين خطاب الأمين ورسالة المقاومين…

جريدة البناء اللبنانية-

شوقي عواضة:

حدّد الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصر الله خارطة المواجهة لاستعادة الحقوق اللّبنانيّة الغازيّة والنّفطيّة وفي الحدود البحريّة في خطاب العاشر من محرم مجدّداً موقف المقاومة الدّائم والثّابت على التمسّك بحقوق لبنان وعدم التّفريط بها والتّأكيد على تلك الخيارات التي تتلخّص بما يلي:

1 ـ تحديد مهلة لتقديم الوسيط الأميركي غير النّزيه جوابه للبنان وعدم التّلاعب بالوقت لتبنى عليه مسارات الأمور.

2 ـ تحذير العدوّ «الإسرائيلي» من مغبّة القيام بأيّ عملٍ عدوانيٍّ ضدّ لبنان أو محاولة المسّ بأيّ قياديٍّ فلسطينيٍّ أو أيّ إنسانٍ سيقابل بالرّد الذي سيكون قاسياً وتاريخنا يشهد فلا تجرّبونا.

3 ـ دعوة المقاومين للتأهّب والجهوزيّة الكاملة لكلّ الاحتمالات، والاستعداد للذّهاب إلى آخر الطّريق.

4 ـ تهديد الكيان الصّهيوني المؤقّت بقطع اليد التي ستمتدّ إلى أيّة ثروةٍ من هذه الثّروات وأنّها ستقطع تماماً كاليد التي امتدّت إلى أرضنا،

لم يكد السّيد نصر الله ينهي خطابه العاشورائي حتى جاء ردّ المقاومين على دعوته في رسالةٍ تدلّ على مدى التأهّب والجديّة وانتظار ساعة الصّفر في معركة تحرير الحقوق من العدوّ الصّهيونيّ، رسالةٌ جدّد فيها المقاومون القسم والعهد والوعد جاء فيها:

سنكتب للأحرار نصرنا الأكبر الذي ننتظره بشوقٍ، وبوشمٍ دمدم رصاصنا سنحفر للمحتلّين المعتدين هزيمة الهزائم… لبّيك يا ابن الحسين… نحفظ الثّروات ونصون الكرامات… ما تركناك يوماً يا سيّدنا ولن نتركك… لبّيك على العهد دائماً يا صاحب الوعد… ولله رجال إذا أرادوا أراد…»

أمّا العدوّ الذي تلقّف تهديدات السّيد نصر الله بُعيد خروجه من مواجهة حركة الجهاد الإسلاميّ في فلسطين بجديّةٍ وخطورةٍ بالغةٍ حيث وصفت الأوساطُ الصهيونيةُ تهديداتِ الأمينِ العام لحزب الله في خطابِ عاشوراء، ووَصفتها بالتهديداتِ الاستراتيجية.

وفي هذا الجانب قالت مذيعة القناة 12 الصّهيونية (إنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله صعّد مرّة أخرى تهديداته ضدّ إسرائيل في خطابٍ له بعد نهاية العمليّة في غزّة قبيل حصول تفاهماتٍ بين إسرائيل ولبنان حول الحدود البحريّة. فكم يجب أن نتعامل مع تهديداته بجديّة) كلام أكّده المحلّل الصّهيوني للشّؤون العربيّة إيهود يعري حيث رأى أنّه يجب التّعامل بجديّة مع هذه التّهديدات، ونصر الله ليس جزءاً من المفاوضات لكنّه صاحب الصّلاحية، وهو يريد تحقيق أمرين فإذا قامت إسرائيل بتأجيل استخراج الغاز من كاريش فهذا يعني أنّه تمّ الإصغاء لكلامه كما أنّه لا يقبل بموافقةٍ لبنانيّةٍ أن يتمّ التّنازل عن جزءٍ من حقل قانا لإسرائيل أو تعويض إسرائيل عندما يستخرج الجانب اللّبناني غازه»، بالإضافة إلى ذلك فقد تكلّم عن أمرٍ جديدٍ وقد قال «لا تنفّذوا اغتيالاتٍ على أرض لبنان لا ضدّ فلسطينيين أو غيرهم».

أمّا منسق أنشطة الاحتلال في الضّفة الغربيّة سابقاً إيتان داغونت فقد أشار إلى وجوب النّظر إلى سلّم الأولويات حيث يوجد لـ «إسرائيل» مشكلة أكثر جوهريّة في الشّمال تسمّى إيران وهناك مشكلة أكثر خطورةً هي حزب الله، ويجب أن ندرس إذا كنّا سنقوم بعمليّاتٍ استباقيّةٍ ضدّ حزب الله، وهذا يمكن أن يكون بداية لدى الحكومة الجديدة فيمكننا أن ننتظر مع موضوع غزّة، فهل يمكن أن نقبل أن يقف نصر الله ويقول قبل أسبوعين إنّني سأهاجمك استراتيجيّاً في أهداف منصّات الغاز أو في كلّ إسرائيل ويهدّدنا بشكلٍ واضحٍ؟ أنت ترى قوّته فهو يقلقني اليوم أكثر من حماس».

تبع ذلك تقييم لوزير حرب العدو بنيامين بني غانتس الذي قال إنّ الجهاد الإسلامي ليس بقوّة حماس وحزب الله وأنا لا أستخفّ بالجهاد الإسلاميّ الذي يمتلك القدرة على إطلاق آلاف الصّواريخ بفتراتٍ مختلفةٍ وهو أمر لا يجب أن نستخفّ به علينا أن نستخدم تفكيرنا بطريقةٍ صحيحةٍ ضدّ أعدائنا.

وفي نفس الإطار قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة الصّهيونيّة السّابق عاموس يدلين (إنّ ما يجب أن نتعلّمه من المواجهة في غزة هو أن لا نصاب بالغرور والنّشوة، فالجهاد الإسلامي منظّمةٌ صغيرةٌ نسبيّاً وحماس أقوى منه عشرات المرّات وحزب الله أقوى من حماس عشرات الأضعاف وحقيقة أنّنا أنهينا العمليّة من دون أيّة إصابة يحظر علينا أن نعتقد أنّها ستتكرّر في المواجهة مع حماس أو حزب الله».

أمّا عضو الكنيست الصّهيوني تسفي هاوزر فقد رأى (أنّنا في نهاية المرحلة التي يمكننا فيها معالجة أمر غزّة من دون أن نشعل معركةً متعددة الجبهات عندما ننتظر مع غزّة نعتقد أنّنا سنعالج هذا الأمر في وقت ما فإنّنا سنصل إلى وقتٍ سيعتبر فيه كلّ تدمير منزل في غزّة يمكن أن تفتح حرباً مقابل حزب الله وإيران عندها ستكون أيدينا مقيّدةً أكثر».

باستطاعتنا القول إنّ تقييم العدوّ الذي قارن بين معركة وحدة السّاحات وخطاب السيّد نصر الله فشل في إيصال رسالته العدوانيّة على غزّة إلى حزب الله وباعترافه أنّ ما أنجزته حركة الجهاد خلال ثلاثة أيّام من العدوان سينجز أضعافه حزب الله بفترةٍ أقلّ وذلك لخضوع كلّ منهما لظروفٍ مختلفةٍ منها الحصار على غزّة ورغم ذلك خرجت الجهاد منتصرةً محافظةً على قدراتها الناريّة واتساع رقعتها وفرض معادلاتها دون أن يحقّق العدوان أهدافه فكيف سيكون الحال في مواجهة حزب الله. سؤال ستجيب عليه المرحلة المقبلة بانتظار الجواب الذي سيحمله الوسيط الأميركي غير النّزيه عاموس هوكشتاين وبانتظار خطاب انتصار تموز للسّيد نصر الله في الرّابع عشر من آب الحالي. فهل سيكون خطاب الانتصار أمر عمليّات للسّيد نصر الله أم أنّه سيكون إعلان نصرٍ آخر تسجّله المقاومة في سجلات انتصاراتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.