العلاقات السعودية – الإماراتية: الثأر والدور الاسرائيلي

موقع قناة المنار-

يونس عودة:

تشهد العلاقات السعودية – الاماراتية تعاظما في ازدياد الشرخ على خلفية سلسلة قضايا، وبعضها محوري، يتعلق بالدور والنفوذ، وفي هذا السياق، لا يوفر اي من الطرفين اي سلاح لاستخدامه بوجه الاخر ولا استثمار العلاقات حتى ولو مع الشيطان بمواجهة بعضهما البعض.

ان ابرز المؤشرات على التردي السريع بين الشريكين الرئيسين في العدوان على اليمن، هو الاشتباكات العنيفة بين قوات حكومة عبد ربه منصور هادي الموالية للسعودية، وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة والموالية للامارات، وذلك بعد اقل من 48 ساعة من نهاية مفاوضات في الرياض، بين وفدين من الطرفين خلصت الى تقاسم السلطة في عدن وتشكيل حكومة من الطرفين.

وقبل ان تهدأ انفاس المتفاوضين بعطف سعودي، لعلع الرصاص وزمجرت المدرعات، فيما كانت الصواريخ والقذائف المتبادلة تحصد عشرات القتلى من الطرفين، وهنا اتهم المجلس الانتقالي، حكومة هادي بكل “أساليب الاستقواء بالعناصر الإرهابية لافتعال الأزمات وتمكين تلك العناصر الإرهابية بمناصب أمنية وعسكرية إذ أن ما تتعرض له مديرية لودر محافظة أبين من تجييش واقتحام عسكري وقصف وقتل وانتهاك لكل القيم الإنسانية كل هذا الصلف والعجرفة تدل على نفسية الإصرار والترصد لخرق “اتفاق الرياض”. واعتبر المجلس أن “ما يقوم به الطرف الآخر من جرائم وخروقات سياسية وإدارية وعسكرية تمثل في مجملها تصعيدا خطيرا لا ينسجم مع آلية إيقاف التصعيد المتفق عليها وخروجا صارخا وانقلابا خطيرا على مضامين “اتفاق الرياض” وفي مقدمة تلك الخروقات توجيه وزراء حكومة المناصفة بمغادرة العاصمة عدن بغرض تعطيل عمل المؤسسات والتنصل عن مسؤولياتها”.

لم تكن الامارات راضية ابدا عن اجبارها على مغادرة قواتها جزيرة سوقطرة، وبالتالي اسقاط طموحها في توسيع النفوذ،حيث كانت تخطط لمشاريع استراتيجية على المستوى الاقتصادي والامني، وهذا الامر ازعج المسؤولين السعوديين باعتبار ان الامارات تلعب في مجالها الحيوي، ولذا لم يكن في يد الامارات ان تزعج السعودية من عدن عبر استهداف حلفاء السعودية من اليمنيين، وبأيد يمنية، وهو الامر الذي تستسيغه السعودية ما دام ضحايا الصراع الاماراتي السعودي هم من اليمن. الا ان المجلس الانتقالي اعتبر أن “ما يقوم به الطرف الآخر من جرائم وخروقات سياسية وإدارية وعسكرية تمثل في مجملها تصعيدا خطيرا لا ينسجم مع آلية إيقاف التصعيد المتفق عليها وخروجا صارخا وانقلابا خطيرا على مضامين “اتفاق الرياض” وفي مقدمة تلك الخروقات توجيه وزراء حكومة المناصفة بمغادرة العاصمة عدن بغرض تعطيل عمل المؤسسات والتنصل عن مسؤولياتها”.

ليس الصراع على النفوذ يقتصر على ارض اليمن، وانما الاهم، هو انتقال الصراع على النفوذ بينهما في منظمة الدول المصدرة للبترول “اوبك +”، وهذا الامر انعكس خلال مشاورات بين أعضاء “أوبك+” الأسبوع الماضي حول تمديد اتفاق خفض الإنتاج مع تعديلات، اذ اصرت الإمارات على دعمها لزيادة الإنتاج اعتبارا من آب الحالي،”دون أي شروط” معتبرة الاتفاق الجاري بأنه “غير عادل” للإمارات، الامر الذي اطاح بالمصادقة على الاقتراح الروسية السعودية بشأن تمديد الاتفاق. وهذا الامر حصل بضغط اميركي لم يعد خافيا، كي تبقى متسلطة على النفط، رغم ان الدول المشاركة في الاجتماع اجمعت على تمديد الاتفاق باستثناء الامارات.

ان التصرف الاماراتي، المتناقض مع الطموحات السعودية، اعتبرته السعودية، تمردا على “الاخ الاكبر” في مجلس التعاون الخليجي، ما جعلها تقدم على عقاب شبه جماعي تمثل بتعديل قواعد الاستيراد من الدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي لتستبعد السلع المنتجة بالمناطق الحرة أو التي تستخدم مكونات إسرائيلية، من الامتيازات الجمركية التفضيلية. واتبعت ذلك بقرار اخر استظل جائحة “كورونا”، وتمثل بوقف الرحلات من الإمارات وإليها في ظل تفشي متحورات كورونا, بعدما أصدرت الداخلية السعودية قرارا بمنع سفر المواطنين، دون الحصول على إذن مسبق من الجهات المعنية، إلى كل من الإمارات وإثيوبيا وفيتنام. الا ان الامارات لم تتأخر في الرد على الخطوة السعودية عبر إعلان شركة “طيران الإمارات” تعليق جميع رحلات الركاب من وإلى السعودية حتى إشعار آخر مع مواكبة مشتعلة في وسائل التواصل الاجتماعي.

ليس هذا فحسب، فالسعودية بادرت في اطار الزكزكة القاسية، الى استضافة رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل المقيم في قطر على احدى شاشاتها، بموازاة التقارب السعودي القطري المتسارع الخطوات بعد سنوات الحصار على الدوحة، مقابل تسليم الامارات اوراقا متواصلة لاسرائيل، ودفعة واحدة، ودون التنسيق مع السعودية المتخوفة من تقليص دورها في المنظومة لصالح الامارات، فكل ذلك يؤشر الى ان ملعبا واسعا نشأ بين الجارين الاقربين يمكن لغزلان الصحاري ان تتسابق على ارضه.

ان العلاقات السعودية – الاماراتية، ورغم تبعية السلطتين للاميركي، تنحدر اكثر فاكثر، ما دام الكيان الصهيوني بات من متسول علاقات مع اي بلد عربي، الى لاعب في منظومة الخليج التي عاشت ردحا من الزمن في وئام، وفترات من تضارب المصالح، وليس من المشكوك فيه، ان تعمد “اسرائيل” الى نفض الغبار عن ماض دموي بين اهل البلدين، ليعود الثأر الى واجهة العلاقات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.