القروض السكنية رهينة التقصير الحكومي..فهل يُفرج عنها؟

 

موقع العهد الإخباري ـ
فاطمة سلامة:

في الرابع والعشرين من تموز عام 1996، أنشئت المؤسسة العامة للإسكان بموجب القانون رقم 539. ومنذ ذلك الحين، باتت المؤسسة متنفساً لآلاف اللبنانيين الطامحين بامتلاك منزل في بلد بات فيه هذا الأمر “حلماً”، خصوصاً خلال العقد الأخير، بعدما بلغت أسعار الشقق السكنية حداً خيالياً. إلا أنّ بقعة الضوء هذه والتي تُفرج حال حوالى 7000 مواطن سنوياً، تُواجه خطر الضمور، مع التدبير الإحترازي الذي اتخذه مصرف لبنان، والقاضي بإيقاف الدعم عن جميع القروض السكنية. الخبر نزل كالصاعقة على رؤوس أغلبية الشباب اللبناني. بعضهم ممّن انتظر لسنوات طمعاً بهبوط أسعار الشقق، وجد نفسه من النادمين لعدم اقتناص الفرصة. والبعض الآخر، كان على عتبة تقديم ملفاته، فاصطدم مشروعه بقرار “لا عالبال ولا عالخاطر”. فيما تنتظر عيّنة أخرى بأن يتم الإفراج عن الأموال المرصودة لطلبها المستوفي للشروط، والعالق في الأدراج منذ فترة. فهل تسير قروض الإسكان نحو الحل؟ أم أنّ الأفق لا يزال مسدوداً؟

المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان الأستاذ روني لحود يصف ما حصل بأكبر من كارثة. وفق قناعاته، تُشكّل القروض السكنية الحل الوحيد لذوي الدخل المحدود. يوضح لحود في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ اجتماعاً سيجمعه مع وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم للتباحث في معضلة القروض السكنية، عسى ولعلّ يتم العثور على حل. المؤسسة العامة للإسكان لا “تتحمل” -برأيه- هكذا قرار. أكثر من 5000 مواطن يستفيدون سنوياً عبر المؤسسة من القروض السكنية. يؤكّد لحود أنها المرة الوحيدة التي يُقفل فيها مصرف لبنان تمويل القروض السكنية منذ ما يقرب العقدين. الأخير ينفق سنوياً نحو الألف مليار ليرة لدعم المؤسسة العامة للإسكان.

لا يملك لحود القول سوى “ان شاء الله” لدى سؤاله عن إمكانية تسيير القروض السكنية، لكنه يؤكد بموازاة ذلك أنّها ستخضع حال إحيائها الى جملة من التدابير التي كانت قد بدأتها المؤسسة العامة للإسكان مؤخراً، وذلك للتأكد من سير الأمور، وفق الشروط المطلوبة.

الخبير الاقتصادي غازي وزنة لا يجد أفقاً لحل أزمة القروض السكنية عام 2018. العجز الكبير الذي يشهده القطاع المصرفي لا يُبشّر بفرج قريب. مصرف لبنان حالياً في وضع إعادة تنظيم هيكليته المالية، ما يجعل من تقديم أية تسليفات جديدة في هذا المجال أمرًا شبه محال. أكثر من ذلك، يتوقّع وزنة أن تشتد الأزمة السكنية في المرحلة المقبلة بسبب غياب السلطات المالية الحكومية. يشدد وزنة على أن القطاع المصرفي في موقف ترقب وحذر وانتظار. الأخير أعلن صراحةً أن المسؤولية السياسية الإسكانية تقع على عاتق الحكومة، ولا تقع على عاتق مصرف لبنان الذي يتولى مسؤوليات أخرى تتعلق بمكافحة التضخم، وتحريك النمو وغير ذلك.

لا يُنكر وزنة أنّ الإجراء الجديد سيطال بتداعياته ليس فقط المواطنين، بل أيضاً السوق العقاري، ما يؤثر حتماً على الدورة الاقتصادية، فالقروض السكنية تحرك تلقائياً عجلة الاقتصاد وتحمي القطاع العقاري خاصة الشقق الصغيرة والمتوسطة، وتعالج أزمة اجتماعية بتأمين السكن للعائلات، ما يضع الحكومة برأي وزنة أمام تحدٍّ جدي ومسؤولية حقيقية للعمل على إيجاد حلول لواقع يزداد سوءاً، ولعب دور فعال في النمو الاقتصادي، وسط غياب خطة حكومية شاملة لتنظيم هذا القطاع، فمن غير المقبول رمي المسوؤلية على عاتق السلطة النقدية في البلد!.

يعرّج وزنة على الأسباب التي أوصلت القروض السكنية الى هذا الطريق المسدود، والتي تتمثل بما يلي:

1- تراجع النمو المصرفي إذ بلغ عام 2017 أقل من 4 %

2- انخفاض الربحية من القروض السكنية

3- تزايد مخاطر التسليفات العقارية التي بلغت 25 % من إجمالي تسليفات القطاع المصرفي

4- عدم قدرة المصارف على استعمال الاحتياطي الإلزامي كوسيلة دعم للقروض

بموازاة هذا الواقع، يتوقّع وزنة أن يؤثّر تجميد القروض السكنية على أسعار العقارات، خصوصاً الشقق الصغيرة والمتوسطة، والتي برأيه، ستشهد مرونة تنخفض بموجبها بين 5 الى 10 %.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.