اللوبي مرة أخرى

jewish-lobby

صحيفة الخليج الإماراتية ـ
افتتاحية الخليج

يظهر اللوبي اليهودي على المسرح من جديد في الولايات المتحدة، والمشهد يتعلق بترشيح المسؤولين في المراكز الوزارية الأمريكية، وفي وزارتي الدفاع والخارجية تحديداً، وبقدر ما أن ضغط اللوبي اليهودي حقيقي بقدر ما أن التأويلات الخاصة به تبتعد كثيراً من المغزى الفعلي لهذا الضغط .

ليس دقيقاً تصوير الأمر على أنه صراع بين نهجين، أو أن المرشحين معادون للكيان الصهيوني . فبحكم الضرورة، المرشح لأي منصب حكومي أمريكي يمتاز بالولاء الكامل لجوهر السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية . ويقع في صلب السياسة الأمريكية ليس مجرد الدعم  للكيان الصهيوني وإنما الدعم المطلق له في كل المجالات .

وإذا كان “الإسرائيليون” أنفسهم يختلفون أحياناً كثيرة في السياسات أو طرق تنفيذها فهذا أيضاً طبيعي بالنسبة للمواقف الأمريكية تجاه هذه السياسات . وحينما يختلف الساسة الأمريكيون مع خيارات “إسرائيلية” فهم إما أنهم يختلفون من منطلق الانحياز لتوجه دون آخر في الكيان الصهيوني، أو لأنهم يرون أن بعض السياسات “الإسرائيلية” تهدد المصالح الأمريكية بسبب قصر نظرها أو حماقتها . ومثل هذه السياسات المؤذية طالما ووجهت بقوة من الإدارات الأمريكية لا فرق بين إدارة تعدّ أكثر انصياعاً للمصالح “الإسرائيلية” أو ادارة يفترض أنها أقل انسجاماً معها .

في ضوء هذه الحقيقة التي تبرهن عليها مجمل الأحداث والوقائع التي يتابعها أي مراقب، فإن الاعتراض الذي يبديه اللوبي ضد أي مرشح أمريكي لا يمكن أن يقع في خانة العداوة للكيان الصهيوني، وإنما يمكن إنزاله في مربع آخر . هذا المربع بعضه يعود لطبيعة التنافس داخل المجتمع الأمريكي بين الأطياف السياسية المختلفة، وبعضه الآخر يتصل بالعامل النفسي الذي يعشش في عقل اللوبي اليهودي .

فهذا اللوبي قد تضخم حجمه بفعل الانتصارات التي حققها عبر السنوات الماضية في توجيه السياسة الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية . وهو تضخم لا يعكس إلا قليلاً ضعف الإدارات الأمريكية، وسيعبر بشكل أساسي عن التشرذم العربي والفلسطيني الذي لا يسمح بممارسة فعالة لمواجهة اللوبي اليهودي . وهذه الممارسة لا تقع في نطاق التنافس معه، فهذا ما يبرئ الإدارة الأمريكية من مسؤوليتها . وإنما تقوم هذه الممارسة بإقناع الإدارة الأمريكية أن سياساتها المحابية للعدوان الصهيوني على المصالح العربية يضر فعلاً وحقيقة بالمصالح الأمريكية .

وفي غياب الممارسة الفعالة للقوة العربية في مختلف مجالاتها، لن يكون هناك حافز يدفع الإدارة الأمريكية للجم اللوبي اليهودي . وهو لجم مارسته بعض الإدارات أحياناً حينما كانت ترى أن في ذلك حماية لمصالحها .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.