المحاولة الانقلابية في #تركيا .. أبعاد ودلالات وتقييم للسياسات!!


صحيفة المنار:

سواء نجح الانقلاب العسكري في تركيا أم لم ينجح، فان ارتدادات ما شهدته تركيا من تحرك من جانب العسكر ضد نظام الرئيس أردوغان، فان البلاد قد دخلت مرحلة عدم الاستقرار السياسي، مما يزيد من أزمات هذا البلد وهي كثيرة، فهناك مثلا مسألة احتضان النظام للارهاب، وعدوانه على سوريا، وصراعه مع الكرد، فتركيا بعد محاولة الانقلاب ليست كما كانت قبله.
محاولة الانقلاب التي استهدفت اسقاط النظام الاردوعاني، وغاب عن أذهان القائمين عليها، خطوات انجاحه، فتمركزوا على الجسور، وسيطروا على مطار استنبول، وبعض المؤسسات الحكومية وقصور الرئاسة، هذه المحاولة تحول وتطور كبير بمعان ودلالات خطيرة، فالنظام وان نجح في البقاء فقد اهتز، وهذا سيؤثر على سياساته في الداخل والخارج، وسينكفىء لتحصين نفسه، بمعنى تخفيف تدخلاته في الملفات الخارجية، لكن، القوى المعادية له، سوف تستغل هذا الاهتزاز لتكثيف معاداتها للنظام القائم، كما أن هذا النظام سيكون ضعيفا أمام حتى حلفائه، وعليه، قبل كل شيء، أن يرد الجميل، للتحرك الشعبي الذي تصدى للانقلابيين، والأخذ برغباته ومطالبه، والالتفات أكثر الى تحسين الاقتصاد الذي تدهور في السنوات الخمس السابقة، ولتحقيق ذلك، على النظام الابتعاد عن التدخل في شؤون دول الجوار.
وترى دوائر سياسية، أن الانقلاب لم ينجح، ليس حبا في النظام القائم، وانما هو الرفض الشعبي للانقلابات العسكرية التي عانت منها تركيا كثيرا، وهذا ما يطرح تساؤل، كيف عادت البلاد الى دائرة الانقلابات، بعد أكثر من خمسة عشر عاما من غيابها، بمعنى، ما هي الأسباب التي أدت الى وقوع محاولة الانقلاب، هل من بينها الخلل في النظام القائم، وسياساته الداخلية أو الخارجية أم الأثنين معا، هل من بين الاسباب سياسة التفرد التي بدأ أردوغان ينتهجها في السنوات الأخيرة، أم أن قوى خارجية، ومن بينها الغربية، تقف وراء الانقلاب الذي لم يخطط له جيدا، هذه التساؤلات تفرض علينا التروي قبل تحليل ما وقع وحصل.
وتقول هذه الدوائر أن تركيا، التي تعتبر المعقل وربما الوحيد لجماعة الاخوان، أصيبت بشرخ كبير، ستكون له تداعياته، من حيث علاقات النظام مع أكثر من جهة، وخاصة اتجاه العديد من الملفات الحرجة في المنطقة، وهذا سيفرض على أردوغان اعادة تقييم سياساته بجوانبها المختلفة، وتخشى الدوائر، اشتعال حرب أهلية، كارتداد لما حدث، وهناك خشية أيضا، من زيادة الارتداد الارهابي في الاراضي التركية، وهو ارتداد سببه سياسة أردوغان بدعم الارهاب، وتحويل بلاده الى مسارات عبور للارهابيين الى الاراضي العراقية والسورية، مثبتا بذلك، كذب اعلانه عن اتباع، سياسة “صفر مشاكل”، وهذا واضح من حجم المشاكل التي جلبها لبلاده ولشعبه، الذي أكد في تصديه للانقلاب رفضه المطلق للانقلابات العسكرية، ويصر على ديمقراطية حقيقية، حتى أردوغان نفسه، لم يوفرها له، وهذا ما يجب أن يدركه أردوغان جيدا.
وتؤكد الدوائر أن الانقلاب العسكري رغم فشله، فتح الابواب أمام تطورات وتغيرات كبيرة واسعة في تركيا، على الصعيدين المدني والعسكري، والسياسات المتبعة التي ستخضع للدراسة والتقييم من جديد، حتى لا يعود هذا البلد الى “دائرة الانقلابات” التي يمقتها الشعب التركي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.