المحور التركي الإسرائيلي

israel-turkey-flags

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:

حملت جولة اوباما في المنطقة رسالة واضحة إلى جميع الانظمة و القوى العربية التابعة للغرب القديم منها أو المستجد بعد ما سمي بثورات الربيع و هي ان القيادة الإقليمية الوكيلة و المفوضة بجميع صلاحيات السيد الأميركي و المطلوب الالتحاق بها هي المحور التركي الإسرائيلي دون اي مواربة .

اولا الرسالة الأميركية التي أبلغت اولا إلى حكومة الوهم العثماني بانها لن تنفرد بالتوكيل الغربي على المنطقة و لن يتاح لها التصرف بموجبه إلا بالشراكة التامة مع إسرائيل و وفقا لموجبات رعاية الهيمنة الإسرائيلية و الأمن الإسرائيلي فالنظام الإقليمي الذي تقترحه الولايات المتحدة للمنطقة و تسعى إلى فرضه بالقوة من خلال مواصلة الحرب العالمية على سورية هو نظام الهيمنة الإسرائيلية التركية بعدما انتهى عهد المحور المصري السعودي الذي امن الهيمنة الغربية الصهيونية على المنطقة خلال اكثر من ثلاثين عاما منذ اتفاقيات كمب ديفيد ، طلب أردوغان بإلحاح و منذ سنوات تفويضا غربيا باسمه على البلاد العربية كوكيل عثماني للاستعمار الغربي و جاءه الجواب بعد سنتين من الاختبار بانه ملزم بالشراكة الكاملة مع إسرائيل إذا أراد ذلك التفويض ، و بالتالي فالرسالة الموجهة لحكومات العملاء العرب هي ان عليهم الالتحاق الكلي بالمشيئة التركية الإسرائيلية .

هذا الأمر الأميركي  يعني وضع حد للهامش الكلامي المريح الذي سمح لأدروغان بتلميع صورته في الشارع العربي خلال السنوات الأخيرة في التصريحات و الخطب التي تناول بها قضية فلسطين و الصراع العربي الإسرائيلي و الأمر لا يقتصر على أردوغان بل هو يطال جميع تعبيرات و تشكيلات و حكومات التنظيم العالمي للأخوان المسلمين و ما املاه الغرب على نظامي مرسي و الغنوشي في مصر و تونس و ما فرضه على حكام ليبيا الجدد يقدم صورة عن الأولوية الإسرائيلية في حسابات تجديد الهيمنة الغربية : امن إسرائيل و تمكين الدولة العبرية من التحرك امنيا و اقتصاديا في الداخل العربي بحرية كاملة و بتمويل قطري سعودي و بتسهيلات تركية.

ثانيا  يدرك المخططون الأميركيون ان المحور التركي الصهيوني لن يتمكن من قيادة المنطقة و لا من فرض نظام إقليمي جديد دون تدمير الدولة الوطنية السورية التي ثبت لهم بالتجربة انها استعصت على جميع محاولات الإخضاع و الترهيب  و الترغيب على امتداد السنوات الماضية فمنذ العام 2000 جرى اختبار جميع تلك الوسائل مع الرئيس بشار الأسد من اجل انتزاع رضوخ سورية لصيغة نظام إقليمي تشمل إسرائيل و قد وظفت لذلك قوات الاحتلال الأميركي في العراق  و حروب إسرائيل على لبنان و غزة و عروضا خليجية سخية و مشاريع شراكات اوروبية و تركية لكن الرئيس الأسد تصرف كقائد مقاوم و تحرري ملتزم بتطلعات شعب سورية المتمسك بعروبته و استقلاله و تقدم  بصيغة اخرى لمنظومة إقليمية مستقلة  و متحررة من الهيمنة الاستعمارية و لا تشمل إسرائيل قاعدة العدوان و الهيمنة الغربية .

خلال ثلاثة عشر عاما تناوبت على علاقة سورية بالغرب موجات متناقضة من الحروب الضارية سياسيا و إعلاميا  و اقتصاديا و عقوبات و محاولات عزل و عروض هائلة لا تحلم بها ممالك و مشيخات ومحميات الخليج و لا تتسع لفحواها عقول قادة الأخوان المسلمين الحصان الخشبي الجديد الذي تمتطيه الهيمنة الغربية على الشرق ببردعة صهيونية و برسن تركي و تلك العروض بدأت مع كولن باول و لم تنته مع ساركوزي بل تواصلت في ذروة الحرب العالمية التي تشن على سورية من خلال ما حمله موفدون خليجيون و اتراك إلى القائد الأسد و كانت الفكرة المحورية هي الموقف من المقاومة  و العلاقة بإسرائيل و التحالف مع إيران مع عبارة “لك ما تريد و ستتوقف الأحداث فورا “.

ثالثا  ان المهمة الراهنة على عاتق احرار الشرق هي إسقاط هذا المشروع الأميركي و منعه من التقدم انطلاقا من الانخراط في مقاومة المؤامرة على دول المنطقة و شعوبها و هذا يشمل جميع القوى الوطنية الحرة و المقاومة في سورية و العراق ولبنان و الأردن و فلسطين و مصر و دول المغرب العربي .

الحلقة المركزية في أي خطة مقاومة على الصعيد القومي ستبقى توفير جميع السبل المادية و المعنوية لدعم صمود سورية لأنها واسطة العقد و قلعة العروبة و قلبها النابض و لأن الحرب العدوانية عليها هي قرينة تكريس الدولة اليهودية التي سيمول حكام الخليج إشهارها برعاية حكومة الوهم العثماني و سيقودون مراسم دفن فلسطين كقضية عبر توطين شعبها في الشتات الذي سيضمه مع ملايين السوريين المقتلعين من وطنهم لإعادة رسم خرائط الشرق بصورة تؤمن سيطرة المركز الصهيوني المتوهم .

الغاية المحورية التي ستكشفها الأحداث هي شراكة صهيونية تركية في شبكات إيصال الغاز و النفط إلى الغرب و استعمال ثروات العرب في تمويل إخضاعهم للنظام الإقليمي الذي يجدد السيطرة الاستعمارية و يجعل من دولة صهيون اليهودية مركزا مسيطرا ماليا و اقتصاديا و امنيا يحظى بشرعية الوهم العثماني تحت عباءة الأخوان المسلمين من غزة إلى مضيق جبل طارق و امتدادا بين البوسفور و سواحل اليمن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.