«المستقبل» يُطيّر جلسة اليوم بأمر سعودي

lebanese-parliament

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
ميسم رزق:
بأمر سعودي، طيّرت كتلة «المستقبل» النيابية الجلسة التي كان من المقرر عقدها اليوم في ساحة النجمة. بعد المشاورات التي أجراها الرئيس نبيه برّي أمس، تحديداً مع الرئيس فؤاد السنيورة، خرج الأخير ليؤكّد مقاطعة كتلته للجلسة، متذرّعاً بحجج دستورية، ليبقى جدول الأعمال معلّقاً إلى حين تقرّر «المملكة» التراجع عن قرارها بالتعطيل

على عكس الجلسات الماضية، لم تُكثّف القوى الأمنية إجراءاتها في محيط مجلس النواب أمس. بكل هدوء، دخل النواب مبنى البرلمان وخرجوا منه، بعدد من التصريحات السياسية المغلّفة بغطاء دستوري. في الشكل، أتى هؤلاء لإبقاء القديم على قدمه.

بعدما مدّدوا لأنفسهم سنة ونصف سنة، جاؤوا لإعادة انتخاب هيئة مكتب مجلس النواب، وأميني السر السابقين وأعضاء اللجان، من دون أي تعديل يُذكر. أما في المضمون، فأخذ مصير الجلسة التي كان من المقرّر عقدها اليوم، حيزاً واسعاً من اللقاءات التي عُقدت مع الرئيس نبيه برّي.
لم يكُن المجلس فارغاً. امتلأت قاعة الهيئة العامة بنواب الفريقين، مع غياب الأقطاب ورئيس الحكومة المكّلف تمّام سلام. لا جديد في مشهد الجلسة، ولا حدث غير عادي يُمكن تسجيله، باستثناء اللقاء السريع الذي جمع الرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة على عجل قبيل بدء الجلسة، والخلوة التي عقدها النائبان محمد رعد وعلي عمّار مع الوزير نقولا فتوش «على الواقف» داخل القاعة، بالإضافة إلى المصافحة بين السنيورة والنائب إبراهيم كنعان.
في أقل من ربع ساعة، وبعد الوقوف دقيقة صمت حِداداً على النائبين السابقين شفيق بدر وعدنان عرقجي وتلاوة المواد الدستورية، تمّت العملية برفع الأيدي للتصويت على الانتخاب. همّة النواب الثقيلة لم تفسح المجال أمام التغيير. يبدو أن أحداً لا يهتم بعضوية اللجان الست عشرة ولا عمل التشريع نفسه. فأصحاب البدلات الأنيقة لا تعنيهم التفاصيل الصغيرة في النظام الداخلي. وحده الرئيس برّي وجد نفسه مضطراً لإضفاء الطابع الجدّي، متسائلاً عن «عدم وجود رغبة عند النواب في الترشّح إلى العضوية»، ما دفع عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب غازي زعيتر إلى تبرير الموضوع بشيء من السخرية، قائلاً إن «السير الذاتية للنواب لم تُنجز بعد»! فما كان من برّي إلا أن غيّر الحديث منوهاً بعمل لجنة الإدارة والعدل، داعياً إياها إلى «استئناف عملها في صياغة قانون انتخابي جديد لأنه لا يجوز إبقاء الوضع على ما هو عليه اليوم».
لا شك في أن الاهتمام أمس، تركزّ على المشاورات التي انطلقت بعد انتهاء الجلسة، والمرتبطة بجلسة الهيئة العامة اليوم. كثّف برّي اجتماعاته مع الكتل النيابية، كان أبرزها مع السنيورة وميقاتي ووفد من أمانة سرّ تكتل «التغيير والإصلاح». الهدف من هذه المشاورات كان «إيجاد مخرج يؤمّن النصاب القانوني للجلسة»، ولا سيما مع كتلة المستقبل، التي فاجأت رئيس المجلس بنيتها الاستمرار في التعطيل، رغم كل الأفكار التي طرحت لتسهيل الأمور. إذ أكدت مصادر برّي لـ«الأخبار» أن «السنيورة طالب برّي بتعديل جدول الأعمال»، فرفض الأخير الأمر على اعتبار أن «الجدول أقر في مكتب هيئة المجلس الذي يضُم ممثلين عن المستقبل وكانوا قد وافقوا عليه». وعندما «لاحظ برّي تصلباً في موقف السنيورة، عرض اقتراح إجراء تعديل في مكتب هيئة المجلس، الأمر الذي قوبل أيضاً برفض من رئيس كتلة المستقبل، فبقيت الأمور على ما هي عليه». خرج السنيورة بعد ذلك، ليؤكّد «مقاطعة المستقبل جلسة الأربعاء لأسباب دستورية». في هذه الأثناء، توزّع نواب فريق الرابع عشر من آذار للإدلاء بتصريحاتهم، التي بقيت تحت سقف الحليف المستقبلي. كعادته، حاول نائب القوات اللبنانية جورج عدوان الإيحاء بوجود حل وعد بعرضه على رئيس المجلس، يقترح من خلاله «عقد جلسة خاصة بغية تفسير الدستور في الهيئة العامة، للبتّ في ما يتعلّق بصحّة التشريع». وفيما انشغل الآذاريون بشرح حججهم الدستورية، غادر النائب سامي الجميل المجلس ممتعضاً، معلقاً على ما يحصل بالقول «لا يوجد بلد ولا مؤسسات ولا نظام». لم يكتم نواب الثامن من آذار أنفاسهم. خرج الوزير علي حسن خليل ليؤكّد أن «كل الحديث عن عدم دستورية الجلسة لا أساس له من الصحة»، لافتاً الى «اتفاق الطائف الذي أُبرم في ظلّ لا حكومة». فيما ربطت مصادر نيابية في 8 آذار، في حديث لـ«الأخبار»، موقف المستقبل «الذي حرص السنيورة على تغليفه بستار دستوري، بقرار سياسي سعودي أفتى بالتعطيل على المستوى الحكومي والنيابي، وإبقاء الفراغ سيد الموقف». وبينما كان نواب التيار الوطني الحر يلتقون برّي، كان عدوان في البهو الخارجي للمجلس يلتقط الصور التذكارية مع النواب والإعلاميين. وفي ما يتعلّق بالاجتماع الذي جمع بري بالعونيين، «فلا مادّة دسمة يُمكن التعويل عليها». خلال اللقاء «شرح الوفد تحفظاته على جدول الأعمال»، مؤكداً على «موقف التكتل المبدئي الرافض للتمديد للمجلس النيابي، والتمديد لأي مواقع أخرى»، لافتاً إلى أن «اعتراضه على الجدول سببه وجود بند يطرح التمديد لقائد الجيش، وقادة أمنيين آخرين»، مع التشديد على «ضرورة عودة الحياة التشريعية إلى المجلس النيابي». ومن المحتمل، أن يلتقي وفد التيار الوطني الحر بري اليوم أيضاً.
التزم تيار المستقبل بالفتوى السعودية إذاً. سيعطّل «الزرق» المجلس من جديد. لن يحضروا اليوم إلى الجلسة التي طارت بحسب ما قال النائب إبراهيم كنعان، فالنصاب القانوني لن يؤمن، والمجلس النيابي في قبضة «المملكة»، حتى إشعار آخر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.