المسلحون يعايدون السوريين بإفشال الهدنة

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
مثلما كانت توقعات السواد الأعظم بعدم صمود الهدنة التي اقترحها الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، فقد أبت المعارضة السورية المسلحة ممثلة في أذرعها العسكرية بمختلف تياراتها الفكرية والدينية والتكفيرية والإرهابية إلا أن تقدم للسورين العيدية الملفوفة بأشلاء المتفجرات التي يوزعونها على المدن السورية في هذه الأيام المباركة من أيام عيد الحج الأكبر، على طريقتها المعهودة وبتوجيه من فكرها التدميري، ففي الوقت الذي كان فيه الشعب السوري يحاول أن يستفيد من الهدنة التي اقترحها المبعوث الأممي والتي أعلن الجيش العربي السوري التزامه بها في تبادل تهاني العيد والصلاة ونحر الأضاحي، كانت إرادة المجموعات المسلحة التابعة للمعارضة السورية كارهة لأن يلتقط هؤلاء السوريون أنفاسهم ويشاركوا إخوانهم الحجيج وفي كل البقاع الإسلامية الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، إذ حالت المفخخات والعمليات الإرهابية والاستهدافات والاستفزازات، حالت بين الشعب السوري واحتفاله بالعيد، وبدل أن يضحي في هذه الأيام المباركة فإذ به تتم التضحية، وبدل أن تملأ منازل الشعب السوري الأفراح والتواصل، تقوم المجموعات الإرهابية والتكفيرية والمرتزقة وغيرها من الأذرع العسكرية للمعارضة بزف الموت المجاني والأحزان والأتراح ونكد العيش والحياة إلى منازل السوريين عنوة ورغم أنوفهم، لِمَ لا؟ وقد أعلنت وأكدت معظم تلك العصابات الإرهابية أنها في حل من الهدنة، متذرعة بذرائع واهية ومخالفة للواقع بأن “النظام” والجيش العربي السوري يحاول أن يستفيد من الهدنة في استعادة أنفاسه وتجميع صفوفه ووضع خططه، لأنه ـ كما تزعم ـ جيش مهزوم ومنهار يعيش لحظاته الأخيرة. بينما مجموعات أخرى كانت تدعي أنها ستلتزم بالهدنة إذا التزم بها “النظام”، وهذا يعني أنها قد بيتت النية لعدم الالتزام، مواصلة العنف والقتل، وفوق ذلك تزايد هذه المعارضة على أنها حريصة على دماء وحياة السوريين واستقرارهم وتنصب نفسها متحدثة بالنيابة عنهم، في حين أن الحريص على حياة الآخر لا يوردها موارد الهلاك والدمار ويختلق أسباب العنف ويسعى إليها.
لقد قلناها مرارًا وتكرارًا، ولا نزال نقولها ونكررها ونتمسك بها، إن هذه المجموعات المسلحة بتياراتها الفكرية والدينية والتكفيرية جاءت من أجل أهداف بعيدة كل البعد عن ما ترفعه من شعارات وما كان يطلبه السوريون، وكل منها تابع لدول معروفة تقوم بتقديم كافة وسائل الدعم والمساندة من مال وسلاح لهذه العصابات لتحقيق أجندات وأهداف أصبحت مكشوفة وطريق تحققها قتل الشعب السوري، وفي النهاية تحطيم سوريا وتحويلها إلى دولة فاشلة، ولذلك ما لم تكن هناك إرادة دولية واضحة لوقف الممولين للإرهاب في سوريا، فإن دوامة القتل والعنف ستستمر، وساعتئذ لن يقتصر الفشل على هدنة الإبراهيمي أو هدنات قادمة، وإنما سيتعدى مهمة المبعوث الأممي وأي مهمة أخرى، لتأتي النار على الأخضر واليابس، كما حذر الإبراهيمي ذاته من ذلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.