المفكرون.. آخر ضحايا المصالح الخارجية الأمريكية

موقع العهد الإخباري-

د.زكريا حمودان:

قد تكون العولمة بحسناتها المعهودة واحدة من نقاط تلاقي الإنسانية حول العديد من الخطوات الإيجابية التي دفعت البشرية إلى التقدم نحو أُسس مشتركة. هذه الأسس المشتركة التقت مع التكنولوجيا الحديثة لتشكل حالة عالمية ساهمت في تسارع حركة التطور العالمي بشكل كبير، الأمر الذي دفع بالعديد من الدول إلى الأمام للعب دورها الطبيعي كجزء وشريك في هذه العولمة.

منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت السياسة الأمريكية كقطب يبحث عن آحادية جيوسياسية وجيو ـ إقتصادية، حصدها عند سقوط الإتحاد السوفياتي. أما اليوم وبعد عودة التوازن إلى الساحة العالمية، خاصة بعد بروز دول رفضت بشكل جذري الهيمنة الأمريكية كإيران، وروسيا والصين وفنزويلا، وكوريا الشمالية وغيرها.. بعد عصر آفول آحادية أمريكا، بل يمكن القول بدأ عصر زلزلة الامبرطوراية الامريكية وحلمها الذي أرادت تصديره الى العالم تحت مسميات شتى تارة ديموقراطية وطوراً حرية.. وغير ذلك.. مقابل صعود الدول المتصدية لهيمنتها.

لائحة امريكا الاجرامية تطول وتطول وتتسع ربما على مستوى خارطة العالم، بعض ارهابها انكشف والبعض الآخر ما زال مستوراً، لكن لن يطول زمن ستره. خاضت حروبها على الدول التي تريد السيطرة على نفطها ومواردها، ولما فشلت دخلت بلبوس الحرب الناعمة عبر الثقافة والاداب والتكنولوجيا والمنح الدراسية في هذه الدول.

لكن النهضة التي شهدتها هذه الدول على يد مفكرين وباحثين وطنيين على مختلف المستويات وفي كل المجالات، حتى وصلت إلى مستويات منافسة للولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المجالات. التقدم الكبير على مستوى التكنولوجيا النووي دفع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها إلى اغتيال علماء الذرة والعلوم في إيران وعلى رأسهم العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، ومحاولات اغتيال علماء السياسة وأهمها العملية الأخيرة التي استهدفت المفكر الروسي الكسندر دوغين والتي قضت فيها ابنته داريا دوغين.

ومن البديهي أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقف خلف تحريك الدول بهدف خدمة سياستها الخارجية ومصالحها للحفاظ على الآحادية القطبية، هي من حركت حليفها الرئيس الاوكراني بهدف تنفيذ هذه العملية البشعة في الداخل الروسي، بحسب ما تشير التحقيقات الأولية.

ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية اليوم من استهداف للمفكرين عبر أدواتها هو جزء من سياستها الغوغائية التي تنتهجها كإحدى الأوراق الأخيرة التي ستلعبها قبل السقوط المدوي الذي يبدو بأنه لم يعد بعيدًا. هذا السقوط سيكون بداية الاعتراف العالمي بعالم متعدد الأقطاب، وضرب للهيمنة الامريكية خاصة على مستوى الدولار الاميركي الذي بدأ يتلقى الكثير من الضربات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.