المقاومة وإستنزاف قدرات جيش الإحتلال

صحيفة الوطن السورية-

تحسين الحلبي:

تعتقد القيادة الإسرائيلية أن قوتها العسكرية وحروبها الخارجية ستجعلها تحقق الأمن للمستوطنين، لكنها وجدت بعد عدوان حزيران عام 1967 أن الأراضي التي احتلتها لمصر وسورية والأردن وبقية فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، تحولت إلى جبهات قتال ومقاومة من بداية ذلك الاحتلال وكبدتها حرب الاستنزاف التي شنها الجيشان المصري والسوري والمقاومة المسلحة الفلسطينية في سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي خسائر بشرية ومعنوية زعزعت وجودها وكان أخطرها حرب تشرين عام 1973.

منذ ذلك الوقت حتى الآن لم تتوقف حرب استنزاف إسرائيل بأيادي المقاومة المسلحة الفلسطينية واللبنانية ومن الجيش السوري رغم اتفاقات كامب ديفيد وأوسلو واتفاقات التطبيع مع عدد من الدول العربية، فها نحن نجد أن الملايين السبعة من الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، تحولوا إلى قوة مقاومة بجميع الأشكال لاستنزاف قوات الاحتلال والمستوطنين، وكانت مقاومتهم هذه قد فرضت خسائر كبيرة على المشروع الصهيوني الاستيطاني أهمها انخفاض نسبة المهاجرين اليهود إلى إسرائيل بسبب فقدان الأمن وازدياد عدد المستوطنين الذين فضلوا مغادرة الكيان الإسرائيلي دون عودة ولولا وجود هذه الملايين السبعة في مواجهة ستة ملايين ونصف المليون من المستوطنين وجنود الاحتلال لما تحققت هذه النتيجة التي تعد انتصاراً للمقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة.

ولذلك تحول جيش الاحتلال من جيش نظامي يقاتل بالطائرات والدبابات إلى قوات أمن مسلحة عاجزة عن ضمان أمن المستوطنين في الداخل بعد أن أصبح جيش الاحتلال التقليدي النظامي عاجزاً عن ضمان تحقيق أهدافه عن طريق العدوان الخارجي.

ففي جنوب لبنان وكذلك في جنوب سورية وفي قطاع غزة ظهرت قدرة عسكرية صاروخية ومن الطائرات المسيرة على تلك الحدود تمكنت نسبياً من ردع جيش الاحتلال عن شن حرب خاطفة أو شاملة، وبقي ينتشر على أكبر مساحات داخل الأراضي المحتلة لضمان أمن المستوطنين ليس من الصواريخ بل من عمليات المقاومة المسلحة التي يقوم بها الأفراد بطرق متعددة بشكل مفاجئ وغير معهود سواء بالسلاح الفردي أم بعبوة متفجرة أو بسكين أو باستخدام سيارة لدهس الجنود، وهذا الأسلوب من المقاومة سجل أرقاماً نسبية مذهلة خلال السنوات الماضية وشكل بالتالي استمراراً لحرب استنزاف أعصاب ومعنويات قوات الاحتلال والمستوطنين وحافظ على مبادرته بالهجوم بين فترة وأخرى وخاصة في مدينة القدس.

ومع إطلالة شهر رمضان المبارك يكشف المراسل العسكري في الموقع الإعلامي العبري «والا» أمير بوحبوط قبل أيام أن قيادة الأمن «الشاباك» وبقية أجهزة الأمن، بدأت بحشد قوتها البشرية السرية والعلنية لمواجهة احتمالات انتفاضة كبيرة شبه مسلحة في مدينة القدس مع قدوم شهر رمضان، ويشير إلى تزايد غضب الجمهور الفلسطيني من نفاق الغرب الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها حين يقتل عدد من المدنيين في الحرب الدائرة بين الجيش الروسي والجيش الأوكراني على الأراضي الأوكرانية ويطالب الغرب بتشكيل لجان تحقيق، على حين أن كل ممثلي الغرب والولايات المتحدة لم يكترثوا لمقتل سبعة آلاف طفل فلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي خلال عقدين،

فالغضب الفلسطيني من هذا الغرب وفي مقدمه من الولايات المتحدة، تزايد كثيراً بعد تطورات العملية العسكرية الروسية ضد الجيش الاوكراني وبدأ الفلسطينيون يسخرون من حديث الرئيس الأميركي جو بايدين عن مقتل المدنيين وهو الذي قتلت جيوشه مئات الآلاف من المدنيين في أفغانستان والعراق وسورية بشكل متعمد ولم يكترث الغرب كله بهم.

وإضافة إلى ذلك ما زالت الولايات المتحدة تشعل الحروب في اليمن والصومال وليبيا وأوكرانيا لكي تفرض هيمنتها على العالم، ولكن سياسة النفاق لم تعد تخدع أحداً بخاصة في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ولذلك ربما تكون الحروب التي أشعلتها واشنطن هي آخر الحروب التي ستسقط فيها كل حساباتها وحسابات إسرائيل التي بدأت تتزعزع قدراتها وتعجز عن ضمان أمن المستوطنين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.