المواجهة والشعب في بلاد الشام

damascus-view

موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
ختم وزير المصالحة في الحكومة السورية ورئيس الحزب القومي السوري علي حيدر مقابلته على إحدى القنوات التلفزيونية بقوله:
“”ما غزي قوم في عقر دارهم إلا وذلوا” لذلك فإن قرار الشعب السوري ـ وليس قرار قيادة فقط أو قرار شخص أو حزب ـ هو أن المواجهة لن تكون على أرضهم.”
إذا فُرضت المواجهة، فهي ستشمل الجميع، لا فرق بين ضربة صغيرة أو كبيرة، لن ندير خدّنا لنصفع، ونحن هنا في بلاد الشام أكثر شعب يدرك ماذا تعني هذه المواجهة مع العدوان الأمريكي على سوريا. نعرف الدوافع والمحركات التي يحاول بعض السذّج من العرب والعملاء أن يصوروها على أنّها انتصار للمعارضة السورية. نحن من عايش ما قام به الكيان الصهيوني منذ اغتصابه لأرض فلسطين إلى اليوم، ولن تنفع بضع كلمات عميلة من هنا وهناك في تبديل صورة هذا الكيان، وإلباسه ثوب الحمل، فهو سيبقى الذئب الكاسر الذي ينشر الشر في كل مكان، ويسعى إلى السيطرة والهيمنة على كل بلادنا، بكل أشكال الهيمنة البشعة، وليس آخرها هذا العدوان الغاشم، إذا ما حصل.
الشعب في سوريا هو شعب قومي عربي بامتياز ـ ليس لأن سوريا هي عرين المقاومات وحسب، ولا لأنّها الداعم الحقيقي لها، أو لأنّها بلاد الثورات التي علّمت الغزاة، على مر التاريخ، بأنّها لا يمكن أن أن تكون لقمة سائغة في فم أحد، مهما استشرس في العدائية والظلم، فهي تستطيع طحن عظامه ـ بل لأنها تمتلك ثقافة مختلفة عن أي ثقافة أخرى في العالم، هذه الثقافة عايشها الشعب السوري الشريف، وتغذّى عليها حتى ربا العظم واللحم، ولا يمكن تغيير هذه الثقافة بفتن بغيضة حبكها المتآمرون على قضايانا القومية وعلى رأسها قضية فلسطين. وكل ما جرى ويجري هو من أجل فلسطين، هذا الشعب الأبي سيبقى وفياً لقوميته، لعروبته الأصيلة، لعراقته التاريخية، وسينتصر بها.
لا التلويح بالعدوان، ولا العدوان بحد ذاته قادر على تغيير بوصلة التاريخ، ولا قادر على قلب الحقائق بجعل الحق باطلاً والباطل حقاً. ويبقى الحق هو الأقوى، مهما حشدت أمريكا ما حشدت، وجيشت وعبّأت، فهي لا تعرف طبيعة هذا الشعب الذي تريد أن تأتي من خلف البحار لمواجهته، حاملة كل أدوات التدمير والقتل، لا تعرف أنّه أقوى من القتل، وأنه شعب تربى على المقاومة، وعشقها حتى صارت في دمه وكيانه، هو شعب تميّز بثقافته التي مهما امتلك الأمريكي ـ مهما امتلك من التكنولوجيا الحديثة، وظن أنه يفهم أكثر من العالم ـ هو أعجز من فهم ثقافة هؤلاء الناس، وأعجز من فهم فعلهم ورد فعلهم.
ونورد على ذلك أكثر من دليل: الدليل الأول هو المواجهة مع العدوان الصهيوني الغاشم على لبنان عام 2006 والذي فشل فيه فشلاً ذريعاً، وبعده لجوؤه إلى كل المخططات على يد أتباعه في لبنان والتي أيضاً باءت بالفشل، وانتقل بعدها إلى سوريا حاضنة المقاومة محاولاً إضعافها بشتى الأساليب والسبل، باستخدام الأفكار المفخخة والهدامة على يد أزلامه ومرتزقته، وأيضاً باء بالفشل، وهو اليوم يعد عدّته لهجوم مباشر، ظناً منه أنه يستطيع تغيير المعادلة بفعل القتل والتدمير الهمجي بآلاته الوحشية، ولكننا أيضاً نبشّره بالفشل مسبقاً، لماذا؟ لأنه ما فهم ولم يفهم طبيعة الناس هنا، في بلاد الشام، مهد الديانات، ومهد الحضارات العريقة. لم يفهم ثقافة هؤلاء الناس الذين يستطيعون صنع الإنتصارات بدمائهم دون أن يركعوا إلا لخالقهم، فهؤلاء المعتدون لا يفقهون إلا ما تبرمجوا عليه من حقد وغل تجاه الإنسانية، محاولين إخضاعها لمصالحهم.
هم ماديون عنصريون، وعبر التاريخ لم تتمكن المادة من قهر الروح، كيف إذا كانت هذه الروح تحلّق عالياً، وتحمل في جنباتها ثقافة مسيّجة بالإيمان العميق، وبالحق في الإنتصار.
إنّهم أعجز من أن يفهموا لغة المنطق والحوار مهما تشدّقوا به، وتاريخهم الدموي يشهد على تعنّتهم وعلى طغيانهم المدمر. ولكن هذه المرة، سيكون التدمير في عقر دارهم، وستكون هزيمتهم لا تشبه باقي الهزائم بنتائجها ومفاعيلها، فهل سينفعهم الصراخ عندئذ؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.