الموقف الأستراتيجى للقوات الروسية في القرم بمواجهة الحشد العسكري الأوكراني

military-minutes-ukraine-cremia

موقع إنباء الإخباري ـ
محمد منصور:
إذا أردنا تقديم قراءة موضوعية وأمينة للحالة الإستراتيجية للقوة الروسية المتواجدة حاليا في شبه جزيرة القرم لا بدّ أولا أن نراجع تتابع الأحداث عسكرياً منذ بدء الانتشار العسكري الروسي وحتى الآن .
الخطة الروسية “كما سبق وتحدثنا في مقال سابق” كانت تعتمد على حشد قوة خفيفة الحركة وسريعة الانتشار للتحكم بالمفاصل الحيوية لشبه جزيرة القرم.
حشدت روسيا لهذه المهمة عدة وحدات عسكرية منها:
– لواء مشاة البحرية 810 التابع لقيادة أسطول البحر الأسود: و يتمركز هذا اللواء أساسا في سيباستوبول و كان هو عصب القوة الروسية في شبه الجزيرة وما زال حتى الآن.
– كتيبة المشاة البحرية 727: التابعة لأسطول بحر البلطيق والتي تم إبرارها على عجل إلى سيباستوبول ساعة الصفر عن طريق عدة سفن إنزال بحري ثقيلة تابعة لأسطول بحر البلطيق، وتم تكليفها بجانب اللواء 810 بالانتشار السريع في عدة مناطق داخل شبه الجزيرة من أهمها العاصمة سمفروبل ومدينة سيباستوبول ومحاصرة عدة قواعد بحرية مثل قاعدتي نوفوزيرونى وشيرنومورسكوي وفيودوسيا وموانئ مثل كيرش بجانب مطاري فيسولي وفايونكا وإحكام السيطرة على مداخل الطريقين المؤديين إلى شبه جزيرة القرم من جهة الشمال.
– الكتيبة 76 المحمولة جوا: والتي تم إبرارها جوا عن طريق مروحيات المي 17 الروسية بحراسة من مروحيات المي 28 و المي 35. تم الأبرار في اتجاهين: الأول كان باتجاه المطار الرئيسي للمجهود العسكري الروسي وهو مطار “جيفارديسكايا” شمال عاصمة الإقليم سمفروبل، والاتجاه الثاني كان مطار كاشا العسكري غرب الإقليم. في أقل من ساعة سيطرت الكتيبة على المطارين مما سمح بوصول طائرات الأليوشن 76 التي نقلت العتاد العسكري اللازم للقوات.
– الكتيبة 45 التابعة لقوات “سبيتسناز” الخاصة والتي تم تكليفها بمحاصرة عدة مواقع مثل مطاري بيلبيك العسكري والمطار المدني الدولي للعاصمة سمفروبل ومقرات عسكرية أخرى مهمة مثل قيادة حرس السواحل الأوكراني في سيباستوبول وقيادة البحرية الأوكرانية في بالاسلافا.
– أيضا حشدت روسيا من احتياطيات قواتها الجوية حوالي 40 مروحية متنوعة ما بين المي 17 والمي 35 والمي 28 وساهمت هذه المروحيات بشكل فعال في السيطرة على مطاري جيفارديسكايا وبيلبيك العسكريين بالإضافة إلى أعمال الدورية الجوية القتالية فوق مناطق التمركز البحرية لأسطول البحر الأسود في سيباستوبول.
– كانت المشاركة البحرية الروسية مقتصرة فقط على سفن الإنزال التابعة لأسطول بحر البلطيق بجانب عمليات الدورية البحرية القتالية لقطع من أسطول البحر الأسود في نطاق قاعدتي بالاكلافا و و فيودوسيا.
– اكتفت قيادة القوات الروسية في هذه العملية بإشراك ما يقرب من 200 شاحنة عسكرية متنوعة بجانب عدد مماثل من عربات الجيب الروسية من نوع “تايجر” وناقلات الجند المدرعة من نوعي “بي تي أر 80″ و”بي تي أر 82” وعدد محدود من وحدات مدفعية الهاوتزر ذاتية الحركة من نوع 251SPH تم إنزالها في سيباستوبول و أعداد غير محددة من منظومات الدفاع الجوى “أس 400” والدفاع البحري “ياخونت” وراجمات الصواريخ.
نستخلص مما سبق أن القوات الروسية في 3 أيام أحكمت السيطرة على المداخل الجوية و البحرية والبرية للجزيرة وباشرت في إعمال الدوريات القتالية والتأمين الداخلي بأقل عدد من الوحدات العسكرية وصفر خسائر وصفر اشتباكات
ولكن تواجه هذه القوات تحديا مهما يتلخص في الحشد العسكري الأوكراني الكبير نسبيا في اتجاه شبه جزيرة القرم.
عمليا حشدت أوكرانيا حشدا مقاربا جدا للحشد العسكري الروسي على مستوى التعداد “حوالي 10 ألاف جندي لكل طرف” , لكنها حشدت أيضا كل ما لديها من أسلحة ثقيلة أو نوعية و هذا على عكس ما أدخلته روسيا إلى شبه جزيرة القرم , إذا فحصنا الحشد الأوكراني سنجده على الشكل التالي :
– قلب هذا الحشد هو لواء المشاة الميكانيكي المحمول جوا 95 و الذي يتمركز في إقليم “زاهيتومير” الشمالى , هذا اللواء تم رصد تحركه بكامل عتاده العسكري و آلياته “عربات بى تى أر 80 و هامفى و مدفعية ميدان بجانب أعداد من وحدات الهاوتزر ذاتية الحركة من نوع MSTA ” في اتجاه الحدود مع شبه جزيرة القرم , هذا اللواء يعتبر أول لواء في الجيش الأوكراني يعلن الولاء للقيادة اليمينية الجديدة في كييف.
– لواء مدفعى : يشمل هذا اللواء الكتيبة 27 راجمات اوراغان و الكتيبة 107 راجمات سميرتش بجانب كتائب مدفعية ميدان D30 , يتمركز هذا اللواء أساسا في مقاطعة “زابوروجى” القريبة جدا من القرم و تحرك فعليا من مواقعه و تم رصده على بعد أقل من 100 كم من الحدود مع القرم.
– أيضا حشدت أوكرانيا لواءي دبابات هما اللواء 28 المتمركز في مقاطعة “اوديسا” والذي تحرك منذ أيام على متن الناقلات في اتجاه القرم، واللواء 72 المتمركز في بيلاتسكريفا و الذي تم تحمليه على عدة قطارات عسكرية في اتجاه الحدود مع القرم.
– من ضمن المجهود الحربي الأوكراني فوج مشاه ميكانيكي تم تشكيله في مدينة “لفيف” أقصى الغرب تحت اسم “الفوج 80” و تم إرساله أيضا في اتجاه الحدود مع القرم على ناقلات ، يحتوى هذا الفوج على ناقلات جند مدرعة من نوعى بى أم بى 1 و بى تى أر 80، أيضا حشدت أوكرانيا أعداد من وحدات الدفاع الجوي من نوعي “أس 300” و “بوك ام1” بجانب تنفيذ دوريات قتالية جوية عن طريق اللواء الجوي التكتيكي 831 المتمركز في مقاطعة “بولتافا” و يحتوي على أعداد من مقاتلات السيادة الجوية “سوخوى 27”.
نصل هنا إلى انطباع مفاده أن الحشد الأوكراني قد يمثل خطراً كبيراً على القوات الروسية في شبه جزيرة القرم في حال قيام مواجهة عسكرية. الرهان الأوكراني هو على تسويق التدخل الروسي على أنه غزو وافتعال أي احتكاك مع القوات الروسية لبدء حرب بين الجانبين تؤدي في النهاية إلى تدخل غربي.
وبالطبع أوكرانيا تتمنى حدوث ذلك قبل الاستفتاء على انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا.
روسيا تراهن هنا على الضعف الواضح في السياسة الأمريكية والأوروبية تجاه روسيا والتي تجلت في سوريا تحديداً، كما تراهن على السرعة المضمونة لحشد أي قوات داعمة للقوات الروسية المتواجدة في شبه جزيرة القرم والتي بدأت في زيادة أعداد ما يسمى “قوات الدفاع الذاتي” من أهالي القرم مما يوفر مجهود القوات الروسية ويتيح لها السيطرة على ما تبقى من نقاط عسكرية أوكرانية داخل شبه جزيرة القرم.
من وجهة نظري احتمال حدوث مواجهة عسكرية حاليا أكبر من احتمالية عدم حدوثها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.