بايدن في قمة العشرين: جذب السعودية لمواجهة الصين؟

موقع قناة الميادين-

ليلى نقولا:

يتطلع بايدن إلى أن يحقق إنجازاً في الشرق الأوسط، يُحسب له قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024، وذلك عبر التوصل إلى اتفاقية تطبيع بين السعودية و”إسرائيل”.

“إذا لم تتذكر شيئاً آخر من خطابي، فتذكر I2U2، لأنك ستسمع المزيد عنها بينما نمضي قدماً”، بهذه العبارة ختم مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان حديثه أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في أيار /مايو 2023 والذي استعرض فيه إنجازات إدارة بايدن في السياسة الخارجية.

مبادرة “I2U2″ هي اتفاقية شراكة تضم كلاً من الولايات المتحدة والهند و”إسرائيل” والإمارات العربية المتحدة، وأعطيت اسم “المنتدى الدولي للتعاون الاقتصادي”، لربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط ثم بأوروبا، عبر “طرق تخدم الاقتصاد والدبلوماسية الأميركيين” (بحسب تعبير جاك سوليفان).

وبالفعل، وتطويراً للمبادرة المذكورة، تمّ الإعلان خلال قمة العشرين هذا العام عن توقيع مذكرة تفاهم بين السعودية والولايات المتحدة لإنشاء ممر اقتصادي تنموي يربط الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، ويهدف إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديدية.

ويهدف المشروع إلى تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وتعزيز التبادل التجاري، وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديدية والموانئ. كما سيساعد الممر في تعزيز التجارة ونقل موارد الطاقة، عبر إنشاء سكك حديدية، وسيتضمن الهند والسعودية والإمارات والأردن و”إسرائيل” والاتحاد الأوروبي، عبر الموانئ البحرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى روابط بحرية مع الهند.

قال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال الإعلان عن ذلك التفاهم: “هذا استثمار إقليمي يغيّر قواعد اللعبة”. ومما لا شك فيه أن هذا المشروع يخدم استراتيجية بايدن للشرق الأوسط، والتي تركّز على خفض التوتر وتخفيف النزاعات، وتعزيز أمن “إسرائيل”، وعدم السماح للصين بالهيمنة على المنطقة:

خفض التوتر وتخفيف النزاعات

ترى الولايات المتحدة أن مبادرة I2U2 الموسّعة، ستعود بالنفع على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل في المنطقة، عبر تجديد البنية التحتية اللازمة للنهوض والتبادل التجاري البيني، ما يتيح لدول الشرق الأوسط تحقيق التنمية عبر الاضطلاع بدور حاسم في التجارة العالمية.

وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، جون فاينر، إن تلك الاستراتيجية الشاملة تركّز على خفض درجة الحرارة في منطقة كانت تاريخياً “مصدراً صافياً للاضطرابات وانعدام الأمن”. وذكر سوليفان أن المشروع يعكس رؤية بايدن “لاستثمارات أبعد” معتبراً أن البنية التحتية المعززة ستدفع النمو الاقتصادي، وتساعد على التقريب بين الدول في الشرق الأوسط وتقديم تلك المنطقة كمركز للنشاط الاقتصادي بدلاً من “مصدر للتحديات والصراع أو الأزمات”.

تعزيز أمن “إسرائيل”
أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التواصل بين حكومته والإدارة الأميركية مستمر حول تطوير هذا المشروع، معتبراً أنه سيؤدي إلى “تغيير وجه الشرق الأوسط”، وأكد أن “إسرائيل ستساهم بكل قدراتها، بكل خبرتها، والتزامها الكامل لجعل مشروع التعاون هذا الأكبر في تاريخنا”.

عملياً، تسعى الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى تطوير مروحة اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية و”إسرائيل” وتوسيعها، لذلك تهدف من تلك الاستثمارات إلى تعزيز الاقتصاد الإسرائيلي من ناحية، وتعزيز النمو والاستثمار في الدول المطبّعة مع “إسرائيل” من ناحية أخرى، لتكون حافزاً للدول غير المطبّعة لتحذو حذوها، طمعاً بالازدهار والنمو الاقتصادي، الذي تحاول أن تربطه الولايات المتحدة بالسير بعملية التطبيع.

ويتطلع بايدن إلى أن يحقق إنجازاً في الشرق الأوسط، يُحسب له قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024، وذلك عبر التوصل إلى اتفاقية تطبيع بين السعودية و”إسرائيل”.

مواجهة “طريق الحرير” الصيني
منذ عام 2021، أعلنت الدول الصناعية السبع مشروعاً للتنمية موازياً لطريق الحرير الجديد الصيني، بعنوان “إعادة بناء عالم أفضل” للاستثمار والتنمية في الدول الفقيرة، ويهدف إلى تضييق التفاوت الاجتماعي وتحقيق النمو الصديق للبيئة، وتشجيع الاقتصاد الرقمي.

ومنذ توقيع اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والسعودية وزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية نهاية عام 2022، وبعدها رعاية الصين لمصالحة إيرانية – سعودية في بكين في آذار /مارس 2023، تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز روابطها مع السعودية، ومنع الصين من استخدام البنية التحتية والتنمية سبيلاً لفرض الهيمنة في كل من الشرق الأوسط وأفريقيا.

وبالفعل، وعد سوليفان بأن تقوم الولايات المتحدة “بتكرار هذه التجربة في أنحاء أخرى من العالم”. وتحدثت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين عن مشروع آخر لإنشاء ممر عبر أفريقيا لتحسين اتصالات النقل بين منطقة كاتانغا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وما يسمى بـ “الحزام النحاسي” في زامبيا إلى ميناء لوبيتو في أنغولا. وتدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضاً هذا المشروع، المعروف باسم “ممر لوبيتو”.

في كل الأحوال، لا شكّ أن المشروع كما يتمّ طرحه يشكّل تحولاً كبيراً في تاريخ المنطقة وعلاقاتها الاستثمارية والتجارية، ولكن الإعلان عن المشروع شيء، وتحقيقه أمر آخر، إذ إن الإعلان هو بداية لمسار طويل يبقى مرهوناً بتطورات سياسية واقتصادية وجيوبوليتكية لا يمكن التنبؤ بمسارها في منطقة محفوفة بالصراعات التاريخية والجغرافية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.