بري وعون من «حليف الحليف».. إلى «التحالف»!

aoun-berri

صحيفة السفير اللبنانية ـ
إيلي الفرزلي:

إذا صدق ما رشح عن لقاء الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون أمس الأول، فإن الطرفين قد قطعا شوطاً كبيراً على طريق تحويل مجرى العلاقة من ساقية “حليف الحليف” إلى نهر “الحليف”. ذلك، يحتاج بدايةً للبناء على ما أنجز وتطوير ما اتفق عليه وتنظيم قنوات الاتصال بين الجانبين.
كل لقاء بين عون وبري يلفت الأنظار، كما لو أنهما لم يُجمعا في حلف واحد طيلة السنين السابقة. اللقاء الأخير يقع في الخانة نفسها… بل يزيد، حتى أنه كاد يتفوق في المتابعة الإعلامية على زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري. كانت للقاء أهمية مضاعفة بالنظر إلى كل الظروف المحيطة، إن كان على صعيد الفراغ الرئاسي أو الارتباك الحاصل في الحكومة أو في طريقة التعامل مع مجلس النواب. مع ذلك، فهو لم يمنع التساؤلات المستمرة حول العلاقة غير المستقرة بين الطرفين.
منذ أن عاد “الجنرال” من المنفى الباريسي، تعامل مع بري بوصفه طرفاً شريكاً في كل التركيبة التي أفرزها الطائف بـ”نسخته السورية”. لم تسهم المسيرة التي جمعتهما منذ العام 2005 إلا في زيادة الشرخ بينهما: التحالف الرباعي، رفض عون انتخاب نبيه بري لرئاسة المجلس والاكتفاء بورقة بيضاء، التسويات التي كان يجريها بري في الدوحة بدون التشاور مع حليفه، استلام جبران باسيل وزارة النفط واصطدامه بـ”حركة أمل” في أكثر من ملف، خصوصا ملف المياومين، انتخابات 2009 وطرح عون شعار: “تحرير مقاعد جزين”، التمديد لمجلس النواب الحالي وقائد الجيش الحالي… وتطول لائحة العناوين الخلافية، وكلها لا تمس القضايا الاستراتيجية خصوصا الموقف من سلاح المقاومة وموقع لبنان الاقليمي.
صحيح أن لا لقاءات دورية بين بري وعون… لكن مع كل أزمة، ثمة لقاء. في عين التينة، كان اللقاء الأخير، الأول منذ نحو سنتين، ولو أن لقاءً آخر جمعهما في مجلس النواب قبيل الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية. لذلك، فإن جدول الأعمال عادة ما يكون مثقلاً، ويتضمن الكثير من البنود العالقة التي تحتاج إلى توضيحات أولا قبل مقاربة الحلول لقضايا تراكمت بفعل غياب التواصل المباشر واقتصاره على بعض الرسل، الذين قلما يؤدون المهمة بالشكل المطلوب.
اتسعت الهوة بين الطرفين في الآونة الأخيرة بشكل متسارع نتيجة عوامل عدة، أفرزتها مجموعة شائعات، قيل إنها نتاج حملة منظمة، وصلت إلى حد الحديث عن “قطيعة” بين بري وعون، رفض بري دعم عون رئاسيا، توزيع أدوار بين “الثنائي الشيعي” ربطاً بالاستحقاق الرئاسي… الخ. كل ذلك، شكل أسباباً موجبة للقاء أريد له أن يجهض “محاولات الإيقاع بين الحليفين”، ولهذا كان اللقاء الذي حضّر له صديق الطرفين نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي بعناية شديدة.
وبناءً عليه، فقد خرج اللقاء بـ”إنجازات” عدة، كان مهد لها ما تردد منذ فترة عن رسالة وجهها بري لعون مفادها: “أنت تقود سيارة نحن ركابها”، ويمكن اختصارها بالآتي:
– إجهاض كل محاولات الإيقاع بين الطرفين.
– محاولة نقل العلاقة بين عون وبري من مرحلة حليف الحليف إلى مرحلة الحليف المباشر.
– إزالة الشك بشأن عدم تأييد بري لعون رئاسياً، خاصة أن عدد الأوراق البيضاء في الجلسة الانتخابية الأولى، برهن الالتزام التام بقرار عون التصويت بورقة بيضاء، علماً أن عدم الالتزام أتى من ناحية نواب عون لا من الحلفاء!
– التحضير لآلية عمل يتم من خلالها التعامل مع السلطة التشريعية، خاصة ان ما يحكى عن الضروريات والمصلحة الوطنية العليا وإعادة تكوين السلطة يحتاج إلى التنسيق مع رئيس المجلس لتحديد الأولويات. وبالرغم من أن عون لم يقدم التزاماً بحضور كل الجلسات التشريعية، إلا أنه تم التوافق على أن الاستقرار الأمني يتطلب استقراراً في عمل المؤسسات الدستورية.
– بما أن عون قد شهر سلاح الانتخابات النيابية التي ستتحول في 20 آب المقبل إلى أمر واقع، فلا بد من معرفة الأسس التي سترعى إجراءها، وهذا يحتاج إلى كلام مع بري باعتباره “صاحب المطبخ”، علماً أنه يتوقع أن يكون لعون تعليق مفصل على موضوع الانتخابات قريباً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.