تآمر مجلس التعاون الخليجى والجامعه العربيه على ليبيا

libya - irhab

تعود ليبيا من جديد تطل بأحداثها وفعالياتها ودمويتها على صعيد الأخبار لتتداولها وكالات الأنباء , تنقل الواقع المذرى ,من خطف وتدمير وصراع قبلى ,وأغتيال للأنسان وللأرض وللثروه النفطيه , حتى بدت مؤخرا تئِن بقعقه السلاح وتتطاير فى أجوائها صواريخ جراد هنا وهناك .

كان الهدف فى البدايه : فتح أبواب مخازن السلاح المكدسه آبان حكم القذافى على مصراعيها , وأنتشارها بين أيادى المرتزقه والتخريبيين والتكفريين والوهابيين والأخوان المسلمين ,ليعيثوا بها فسادا ,لحرق الأخضر واليابس , لكن الأهم هو تهريبها عبر حدود ليبيا الشرقيه الى الداخل المصرى , حيث انتفاضه 25 يناير قد مرت دون عنف , لكن ولأن مصر بكثافتها السكانيه العاليه 90 مليون نسمه , فأن أنتشار الفوضى سيصير كالنار فى الهشيم , وسينتشر الأقتتال بأسرع مما يتصور فى باقى البلدان , ولذا كان تهريب السلاح الليبى اليها لينتشر بين الأفراد ويكون العنصر الفاعل للهيب النار هناك .

كانت دول الخليج بفعل تكوينها ,وفرض أسرها الحاكمه من جانب الولايات المتحده وقوى الأستعمار العالمى , وتدنيس أرضها بالقواعد الأمريكيه , وبعض المكاتب التجاريه الصهيونيه التى تخفى مراكز للموساد , قد تحالفت فيما بينها بأوامر مخابراتيه أمريكيه ,على تكوين مجلس التعاون الخليجى , كان الهدف الأمريكى من هذا التعاون ,توحيد القرار فيما بين الدول الخليجيه للقضاء على الجامعه العربيه بأعتبارها آداه تهدف أساسا لتحقيق الوحده العربيه , وكانت الفكره من مجلس التعاون الخليجى هو أظهار وحده الدول الخليجيه وتعاونها فى مواجهه شعار الوحده العربيه ,لفرض المقارنه على الشعوب العربيه وتكفيرها بالجامعه العربيه كآداه للوحده , بل وبالوحده العربيه كهدف اسمى , وأظهار مجلس التعاون الخليجى بقوته الأقتصاديه ومليارات دولاراته النفطيه ( نظر لتخمه أعضائه بالبترودولار) , وأسالة لعاب الحكومات والشعوب العربيه الأخرى واللهث وراء هذا الكيان الرجعى العربى العميل ,للمساعده أو رجاء الأنتساب اليه للتغلب على مشاكلها , وبالتالى تكون الفرصه وقد لاحت للذئاب الخليجيه , لأن تجرها الى ماتبغى اليه المخابرات الصهيو أمريكيه .

ولتفعيل مجلس التعاون الخليجى لدوره المرسوم بفعل المخابرات الصهيو أمريكيه , صار فعلها وقرارها الموحد داخل الجامعه العربيه ,فسيطرت على كل مجالسها أقتصاديا (حيث الفائض لديها من بلايين الدولارات )وغدت المنح والقروض لباقى دول الأعضاء مقابل شراء اصواتهم فى كل القرارات التى تبغى تدمير الجامعه ودولها وتحقيق الفوضى الخلاقه فى الدول العربيه ,وخلق الأجواء لشرق اوسط جديد تقوده أسرائيل .

كان معمر القذافى “بثوريته الغير متمرسه فى البدايه – والتى رشدها له الزعيم جمال عبد الناصر حين تفجرت ثوره الفاتح من سبتمبر 1969 , والتى لم تدم الا عام حيث غادر “ناصر” الحياه , فحمى الثوره الليبيه فى مهدها من مؤامرات الاستعمار والرجعيه العربيه (السعوديه) , حين أقنع جمال عبد الناصر الملك أدريس السنوسى بأعتبار مصر وطنه موفرا له سُبل الأقامه الملكيه ,فأجهض المؤامرات التى كانت تحاول أن تستغل الملك السنوسى فى العوده الى عرش ليبيا – أو بطيشه الثورى المندفع بعد وفاه ناصر ,أو بفرض ديكتاتوريته ,أو بتغلغل مساعداته الى أفريقيا , كان القذافى هو العدو الأول لحكام الخليج خاصه آل سعود , حين بادلهم الأزدراء بممالكهم , وبعنجيتهم بعنجهيه أكبر , ودولاراتهم الموسومه بغبار العماله الأمريكيه بدولاراته المستقله عن قوى الاستعمار العالمى .

كل هذه العوامل ساهمت فى تصعير التآمر الخليجى على ليبيا والمترسخ فى ضمائرهم (أن كان لهم بعض من ضمير )منذ أطاح القذافى بالنظلم الملكى ,بأعتبار أن أعلان الجمهوريه الليبيه فيه أهتزاز لعروشهم , وتجربه يخشى تكرارها على أراضى الممالك والأمارات الخليجيه – ولآل سعود تجربه مريره وحساسيه مفرطه من الثوره على الملكيه وأعلان الجمهوريه , منذ ستينات القرن الماضى , حيث وقفت مصر الناصريه بدعمها العسكرى والمعنوى والمادى تساند الثوره اليمنيه بقياده المشير عبد الله السلال ضد نظام البدر العميل والمتماهى مع النظام السعودى لصالح قوى الأمبرياليه الأمريكيه , حتى وطدت الجمهوريه العربيه اليمنيه أركان نظامها الجمهورى ,وقضت على نظام الأمامه العميل والفاسد.

وعلى ذلك فأن الهدف السعودى الخليجى من السيطره على الجامعه العربيه وأجهاض فاعليتها بفعل العوامل التى ذكرناها ,لم تكن تبغى فى الأساس اِلا النظام الجمهورى المصرى والسورى , طالما أيهما قد انحازالى قوى ثوريه تبغى الحريه والأشتراكيه والوحده .

وتاسيسا على ذلك فان حاله التأهب ,واستعداء القوى الأجنبيه , والعمل بكل كد وغِل وحقد لأستخدام الجامعه العربيه مطيه , لتفويض مجلس الأمن فى أستخدام القوه لتدمير القوات المسلحه الليبيه وغزو اراضيها ,بل ومشاركه قوات دول خليجيه من السعوديه والأمارات وقطر مع قوات التحالف لتدمير البنيه التحتيه الليبيه وبث الفوضى والأستيلاء على مخازن السلاح وقتل القذافى لم يكن يبغى اِلا تهديد الحدود الغربيه لجمهوريه مصر العربيه ,والأنتقام من القذافى والنظام الجمهورى فيها .
أن طبيعه الأحداث التى مرت بها ليبيا , بعد وفاه القذافى تؤكد على ذلك , حيث أنتشرت القوى الظلاميه والأرهابيه تعيث فسادا وأستولت على آبار البترول وتاجرت بعوائدها لحساب الارهاب وأنتشار الفوضى وتدنى الأوضاع فى ليبيا , ويبقى المهم من ذلك فتح مخازن سلاح الجيش الليبى وأنتشارها بين الأفراد وتهريبها عبر الحدود الى مصر لتساهم فى تقويض الأمن فيها , لكن الأهم هو محاوله تكوين جيش حر مصرى فى ليبيا على غرار , الجيش الحر السورى التى ساهمت فى تكوينه السعوديه وقطر لتدمير دوله الجمهوريه العربيه السوريه .

ويبدو أن الجيش الليبى فى هذه اللحظات قد أدرك من للعدا السند المجيد , وأنبلج أصباحه عن حقيقه المؤامره القطريه والسعوديه على ليبيا , وأن الهدف الأمريكى لم يكن فرض الحريه ولا الديمقراطيه فى ربوع ليبيا , او اعاده السلام والوئام بين ربوعها , أنما كان أثاره الفوضى الخلاقه التى أناطت أمريكا دول الخليج بتمويلها لخلق شرق أوسط جديد تقوده اسرائيل , حيث يخوض الجيش الليبى – معركه الكرامه- بقياده اللواء خليفه حفتر , ضد القوى الأرهابيه والأخوان المسلمين والوهابيين والقاعده , ومايسمى بالجيش المصرى الحر , والتى فرضتها ومولتها السعوديه وقطر على الأرض الليبيه ,وهى تحرز الآن انتصارات سوف تؤدى بعون الله الى سيطرتها على كامل التراب الليبى وتعيد استقلاليه ليبيا من شرنقه الارهاب الممول خليجيا .
وكل الأمل أن تستقر الأوضاع فى ليبيا , وأن تطهر الأرض الليبيه من هذه القوى العميله للأستعمار والصهيونيه , وأن يكون أدراك الدور الخليجى القطرى السعودى فى ليبيا والمتماهى مع الأمبرياليه والصهيونيه , أدراكا واعيا من القوات المسلحه الليبيه كطليعه ثوريه للشعب الليبى . وكذلك القوى الشعبيه الليبيه التى تخوض معركه الكرامه الآن .

لكن يبقى التساؤل ؟؟!!

اذا كانت السعوديه وقطر والأمارات وقد شاركت قوات التحالف فى تدمير ليبيا سواء بقواتها العسكريه او بأموالها أو بعتادها.. اليس فى ذلك أنتهاك خطير لميثاق الجامعه العربيه (حيث أن قرارها بتفويض مجلس الأمن , يخالف الميثاق ذاته) وللمواثيق والأعراف الدوليه , وعلى الفرض الجدلى بصحه قرار الجامعه العربيه , فأن ماحدث من تدمير وترويع وتفكيك لعرى الدوله ليبيا , بات يشكل جريمه فى حد ذاته طالما هو قد حاد عن مهمته المنوط بها من مجلس امن .
وعلى ذلك فأنه يجب على المنظمات المدنيه والشعبيه والقوى الوطنيه والتقدميه سواء فى ليبيا أو فى باقى الدول العربيه ,أن تعمل على الأبلاغ عن هذه الجرائم لدى المنظمات الدوليه والعربيه المهتمه بالشأن الانسانى وحقوق الأنسان والمحاكم الدوليه لمحاكمه مرتكبيها وفرض تعويضات بالغه عن أعمال القتل والتدمير والفوضى التى أحالت ليبيا من بلد له كيانه وثرواته ومداخيله التى تمتع بها الشعب الليبى , الى خراب ودمار وتدمير لثروه ليبيا النفطيه , وحرق الأخضر واليابس على ارضها .

محمود كامل الكومي – كاتب ومحامى مصرى – بانوراما الشرق الأوسط

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.