تحديات توتال وحلفائها في لبنان ودور قطري أكبر في العهد المقبل

وكالة انباء آسيا-

زهراء أحمد:

لاشك ان للمال تأثير قوي على البنى الاقتصادية حول العالم باعتباره القلب النابض لها. ومن الطبيعي ان من يمتلك المزيد منه سوف يمتلك المزيد من القوة والنفوذ . وفي الوقت الحالي اصبحت الشركات هي الكيان الذي تجتمع فيها رؤوس الاموال الضخمة ومع مرور الوقت والسعي المحموم للربح، أصبحت تمتلك اصولاً مالية وموجودات وميزانيات توازي ما لدى دولاً بأكملها.

 

ومن ابرز تلك الشركات (شركات النفط والغاز) التي تعتبر اليوم عصباً رئيسياً في الأسواق العالمية، حتى ان هنالك شخصيات سياسية وزعماء كبار يمتلكون أسهماً مهمة في كبرى هذه الشركات ان لم تكن بأغلبها ملك لهم.
ونظراً لطبيعة التحالفات والتكتلات بينها، اصبح كل منها يهيمن على جغرافيا يعمل فيها ويمارس نوعاً من الاحتكار والسيطرة على الاسواق، بل ان تلك الشركات الكبرى تجاوزت نطاق عملها لتتدخل بشكل مباشر وغير مباشر في صناعة – القرار السياسي الداخلي منه والخارجي – بما يضمن لها استمرار اعمالها وزيادة ربحها وصيانة مصالحها.

 

ونظرا للأوضاع الاستثنائية التي يمر بها العالم وتوالي الازمات منذ أزمة كورونا المنحسرة ، إلى أزمة الحرب الروسية – الاوكرانية، والتي فجرت أسعار المشتقات النفطية والغاز واستخدام روسيا الغاز كسلاح ضد اوروبا للضغط عليها، أدركت شركات الغاز أن هناك حاجة ملحة للبحث عن بدائل. فكان البديل الأفضل هو حقول غاز (الأراضي الفلسطينية المحتلة) خصوصاً وان الشركات العالمية الكبرى لديها استثمارات مهمة في هذه النقطة بالتحديد، وهي اصلاً تعمل وتستخرج ولكنها تحتاج إلى كميات أكبر لتغطية حاجة اوروبا ، فضلاً عن الأسواق الداخلية والعربية المطبّعة مع العدوالاسرائيلي.

 

لذا يمكن الاشارة هنا إلى أن لا غنى للأوروبين عن أصحاب عن هذه البقعة الجغرافية والتي تحتوي على احتياطيات كبيرة حسب المسح الجيولوجي ، والتي ترجع محاولات إجراء مسوحات التنقيب عن النفط والغاز في الساحل اللبناني الى العام 1993 . حيث أجرت شركة Geco-Prakla)) الفرنسية مسحاً زلزالياً ثنائيّ الأبعاد على ساحل طرابلس.

وفي عام 2000 ، فقد تعاقدت الحكومة اللبنانية مع شركة “سبكتروم” الإنكليزية التي قامت بإجراء مسح ثنائي الأبعاد على مرحلتين انتهى في العام 2002، وغطّى كامل الساحل اللبناني وأشار تقرير الشركة إلى احتمال فعلي لوجود النفط والغاز.

ولاحقاً استكملت شركة “بي·جي·اس” النروجية أعمال البحث من خلال قيامها بمسح ثلاثي الأبعاد في الموقع نفسه، اشار إلى أن أكبر الكميات النفطية موجودة في الشمال مقابل ساحل العبدة.

وتواصلت أعمال البحث الجيولوجي عن النفط، حيث أجرت شركة “بي جي اس” مسوحات ثلاثية الأبعاد في العامين 2006 – 2007 واحد ضمن المياه اللبنانية وآخر ضمن المياه اللبنانية – القبرصية، حيث اشارت إلى احتمالية وجود كميات نفط وغاز واعدة.

 

الا أن الملف لم يتحرك بشكل فعلي الا بعد إعلان شركة نوبل للطاقة الأميركية في 22 حزيران 2010عن امكانية وجود غاز، بعد اجراء المسوحات الزلزالية ثلاثية الأبعاد على الساحل اللبناني واقرار البرلمان اللبناني لقانون الموارد البترولية في 24 اب 2010.

لذلك فإن كبرى الشركات، لديها دراسات مسبقة عن الساحل اللبناني ولديها رؤية عن أهمية الثروة فيه وان الاستثمار مجدي من الناحية الاقتصادية.

لذا فإن ( توتال .وايني وحلفائها) سعت من خلال عدة اجتماعات مع الجانب الاسرائيلي على تهدئة الجانبين عبر تمرير معطى من هنا وآخر من هناك، وبأساليب مختلفة. فهي تريد استئناف البدء في عملها فور التوقيع على اتفاق الحد البحري محاولة تخفيف الاحتقان بين الجانبين، لتعمل وفق بيئة مستقرة وآمنة، لان كلا الجانبين يشعر بأنه إن تنازل فقد يعتبر انتصاراً للطرف الأخر وهزيمة له.

 

فقد اعتبر بنيامين نتنياهو ان الاتفاق غير قانوني، وقال إن إسرائيل ستواجه بعد الانتخابات تهديدات حزب ال… ولن تذعن لها كما فعل (لابيد). وتابع انه خلال ثلاثة أشهر فقط بعد تهديد واحد من نصرالل.. لابيد استسلم بشكل مخزٍ. ونحن قاتلناه من أجل استخراج الغاز من المياه لصالح مواطني إسرائيل فهو أخذ غاز مواطني إسرائيل وأعطاه لحزب الل… .

في حين يرى (لابيد) انه تم تأمين حماية الاسرائيلين بنسبة 100% لأنه حسب رأيه انه بعد توقيع الاتفاق ستصبح المنطقة من أرض صراع إلى أرض مصالح اقتصادية، ولن يستخدمها اي طرف لأي عملية عسكرية خصوصاً من طرف المقاومة لأن استخراج الغاز وبيعه في الأسواق وحده قادرعلى ان ينتشل لبنان من ازمته الاقتصادية، لذلك سيكون هذا الاتفاق بمثابة هدنة طويلة الأمد.

بموازاة هذا، اجرى الكيان الإسرائيلي مع شركة “توتال” الفرنسية العملاقة محادثات في باريس يوم الاثنين الماضي بشأن تقاسم أرباح محتملة مستقبلاً من تنقيب الشركة في حقل قانا للغازالطبيعي قبالة الساحل اللبناني.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن المدير العام لوزارة الطاقة الإسرائيلية (ليور شيلات) موجود في العاصمة الفرنسية اليوم لإجراء محادثات مع “توتال إنرجيز” بشأن تقاسم الأرباح تزامناً مع تأكيد الرئيس اللبناني ميشال عون أنه “لن تكون هناك أي شراكة مع الجانب الإسرائيلي” في اي من الحقول .

 

المحورالأهم في هذا الاتفاق، هو دخول شركة (غاز قطر) التي تعتبر من أهم الشركات العالمية والتي تعني، أنها ستعمل على دور أكبر في لبنان بعد أن أوقفت الكثير من الدول الخليجية استثمارتها في هذا البلد، لذا فإنه في هذه المرحلة سيكون لها دور أكبر في العملية السياسية، وستكون طرفاً بارزاً.

 

(فالحديث يدور في الكواليس عن دور قطري لتبني المكوّن السنّي الذي تخلت عنه السعودية واعادة شخصيات سياسية للحياة لتأخذ دوراً أكبر ويلقى التدخل القطري دفعاً من تركيا التي ستسعى للاستفادة من الاستثمارات والأموال القطرية لتثبت وجودها داخل المناطق السنية في منافسة الدور التقليدي السعودي الذي ينتظر أن يكون متضرراً من تعدد المتدخلين، فضلاً عن أن المحسوبين على السعودية سيسكتون لأن الرياض في مزاج الهدنة مع القطريين).

في يقول مراقبون لبنانيون إن الدور القطري سيجد دعماً قوياً من أطراف لبنانية عديدة خاصة من حزب ال… الذي سبق له أن استفاد من الأموال القطرية في مناسبات سابقة منها إعادة إعمار لبنان بعد حرب 2006.

كما أن العلاقات المتينة بين قطر وإيران ستفتح الباب أمام حفاوة الحزب بالوجود الاستثماري القطري في لبنان.

 

ان الشركات الكبرى تلعب دوراً في صناعة القرار السياسي بما تمتلكه من عناصر القوة الاقتصادية والتأثير السياسي حتى ان نفوذها امتد على الشعوب ايضاً بما تتمتع به من سلطة إعلامية هائلة تشكل الرأي العام وتتحكم بالأذواق والأمزجة، كذلك تتحرك هذه الشركات وفق قاعدة واحدة وهي مصلحتها الخاصة، لذلك على الأغلب سيكون انجاز اتفاق الترسيم وبدء عمليات التنقيب والاستخراج مقدمة لتهدئة الأوضاع وتبريد الازمات ومن ثم حلها، وفي حال حصل اي فراغ أو أزمة داخلية في لبنان فسوف تبقى هذه الأزمة تحت السيطرة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.