تدمير حقول النفط السورية بذريعة مكافحة داعش

صادق البرلمان البريطاني على قرار محاربة “داعش” قبل أيام ولتنضمّ بريطانيا إلى الولايات المتحدة وفرنسا في الهجوم على مواقع ارهابيي داعش التكفيرين الصهيونيين في سوريا حيث أعلن رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” بعد يومين عن قيام المقاتلات البريطانية بالهجوم على الحقول النفطية في سوريا لتشارك الحكومة البريطانية إلى جانب حلفائها في خطة معادة باسم “التدمير والنفوذ”.

وبدأت الدول الغربية تؤكّد في الآونة الأخيرة وبشكل خاصّ في مؤتمر التغيرات المناخية بباريس على ضرورة تجفيف مصادر تمويل تنظيم “داعش” الارهابي ويبدو انّه حل مناسب لاضعاف هذا التنظيم فى الوقت الحالي الّا انّ الهدف الكامن وراء هذه الاجراءات هي تدمير البنى التحتية للاقتصاد السوري وسهولة تنفيذ الخطط المتعددة مثل تقسيم سوريا أو توهّم الشرق الأوسط الجديد أو ابقاء بقايا الارهاب الضعيف في هذا البلد.

إذن تدمير المنشآت والبنى التحتية المتعلقة باستخراج وتكرير النفط هي محاولة بدأت منذ 2011 لتضعيف الاقتصاد السوري والخطوات الجديدة المتخذة في مجال تجفيف مصادر تنظيم داعش هي استمرار لهذه المحاولة بشكل خادع وفي الحقيقة تحاول البلدان الغربية تمهيد الطريق للخطوة الثانية المقصودة وهي خطوة “النفوذ”.

وفي الحقيقة يعتبر تدمير البنى التحتية في سوريا في الوقت الحالي بواسطة الدول الغربية آلية تضمن تواجدها في المستقبل في هذا البلد حيث ستقوم هذه البلدان بتقديم اقتراحات للمشاركة في اعادة اعمار سوريا بعد انتهاء الحرب بسبب امتلاكها الآليات والتقنيات المحتاجة ممّا يسهل نفوذها فى البلاد بذرائع مختلفة منها تقديم المساعدات الانسانية إلى الشعب السوري فتتحقق الخطوة الثانية وهي النفوذ وفي هذه الظروف تبدأ صفقة سياسية رابحة لها وخاسرة للشعب السوري. وبعبارة أخرى يمكن القول انّ هناك عملية ضرب عملة مزوّرة تبدأ يايجاد ألاعيب باسم “داعش” و”النصرة” وتمرّ بمرحلة تدمير البنى التحتية والاقتصاد السوري وتنتهي بتواجد الدول الغربية في سوريا بذريعة اعادة الاعمار وتقديم المساعدات الانسانية.

وينبغي الاهتمام بما يأتي لأجل تبيين هذه المراحل:

القيام بالـ”تدمير” بذريعة الهجوم على مصادر تمويل الارهابيين ليس أمراً جديداً وعلى سبيل المثال يمكن الاشارة إلى ما قامت بها هذه الدول في غزو العراق عام 2003 من تدمير حقول النفط بواسطة صواريخ جو – أرض وارسال الشركات الصناعية إلى العراق لاطفاء حرائق حقول النفط، وبهذه الطريقة حصلت الشركات الغربية على أرباح طائلة وبالتالي حصلت حكوماتها على ضرائب كبيرة، وبالتالي بقيت الشركات الغربية في العراق لتنهب مصادر الطاقة بذريعة تقديم الخدمات الفنية والهندسية. واستمرّ الوضع فى العراق على هذا المنوال إلى ان اكتشفت فضيحة شركة “هاليبرتون” في نهب 60 مليون برميل من نفط العراق في فترة 2004 إلى 2006.

إذا كان الهدف الحقيقي من هذه الاجراءات القضاء على مصادر تمويل “داعش” فلماذا لايتم اتخاذ خطوات أخرى للنيل إلى هذا الهدف حيث انّ هناك بلداناً أخرى تقوم بتمويل “داعش” و”النصرة” بشكل صريح؟ حيث كشفت صحف غربية أنّ بعض الحكومات تتكلّف دفع أجور أعضاء هذه المجموعات الارهابية أو تشتري منها النفط بسعر رخيص وتزوّدها بالأسلحة فهناك علامة استفهام كبيرة: لماذا لاتنتهج البلدان الغربية منهجاً آخر غير تدمير البني التحتية للاقتصاد السوري؟

بدأت هجمات التحالف المسمى بضد داعش منذ أكثر من عام واحد ولكن لماذا لم تستطع الدول الأعضاء في هذا التحالف القضاء على مجموعة ارهابية مصنوعة بأيدي الحكومات نفسها في حين استطاع التحالف الغربي الوصول إلى أهدافه في حروب أكبر مثل حرب تحرير الكويت عام 1991؟

الماضي العسكري للدول الغربية في نشر القوات البرية في البلدان المتنازعة فيها مضافاً إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسي “لوران فابيوس” في الاعتراف بحضور الأسد في الفترة الانتقالية تشير إلى هذا الاحتمال بان البلدان الغربية تتصوّر انّها في المراحل الأخيرة من ايجاد الأزمة في سوريا وبالتالي تحاول الحصول على نصيب لها في فترة ما بعد الهجوم لنشر قواتها في المنطقة.

بعد قصف روسيا عدة مراكز القيادة للارهابيين منذ 30 سبتمبر العام الحالي وفي اطار القرار رقم 3314 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 قامت مجموعة من الدول الغربية والعربية بالاحتجاج على موسكو وقامت بذريعة تدمير 6 مستشفيات بواسطة سلاح الجوي الروسي وأحدثت فوضى اعلامية كبيرة الّا انّه اكتشفت الأكاذيب في أقلّ من أسبوع وأعلنت قيادة القوة الجوية الروسية انّ 5 من المستشفيات لاوجود لها والمستشفى الوحيد الموجود لايقع في منطقة الهجوم الجوي الروسي.

والنقطة الأخيرة المثيرة للشكوك فيما يتعلق بمكافحة تنظيم “داعش” الارهابي هي الصور المنشورة من زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني لجرحي هذا التظيم الارهابي وارسال المعدات العسكرية من جانب التحالف المسمّى ضدّ داعش إلى المجموعات الارهابية الأخرى، وبالتّالي يمكن اعتبار ادعاءات الحكومات الغربية في محاولة القضاء على مصادر تمويل داعش خدعة اعلامية مكشوفة للجميع بسبب عدم سماح دمشق للقيام بهذا الأمر وهجوم مقاتلات التحالف الغربي على الجيش السوري 7 ديسمبر الحالي.

وخير دليل على الطبيعة المشؤومة لاجراءات الدول الغربية هو تدمير البلدان ومقتل الملايين من البشر وتقسيم البلدان وتشريد السكان لأجل تحقيق المصالح المادية ونهب ثروات الشعوب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.