تطورات العلاقة السورية التركية: شكوك دمشق لا تزال قائمة

موقع العهد الإخباري-

محمد عيد:

أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رغبته الصريحة في لقاء الرئيس السوري بشار الأسد ، وتبدو هذه الرغبة وإن لم تنضج ظروفها بعد وفق أردوغان نفسه، نقطة تحول واضحة في مساعي أنقرة للانفتاح على دمشق التي لا تزال مرتابة من جارتها الشمالية، فالأتراك اعتادوا على قول الشيئ ونقيضه وسياسة الاستدراك التي دأب المسؤولون الأتراك على اتباعها عادة ما تشي بسوء النوايا، أو محاولة تخطي مشكلة اللحظة لحساب العودة إلى مربع العداوة الأول، وهو الأمر الذي تعيه دمشق جيداً، وتتعاطى معه بسياسة التحفظ التي تضمن عدم الانجرار إلى الخديعة حتى تستبين النوايا صادقة كانت أم كاذبة.

اجتهاد أنقرة : من طرف إلى وسيط

يرى الدكتور أسامة دنورة، عضو الوفد الوطني السوري إلى مباحثات جنيف أنه وعلى الرغم من المؤشرات العديدة والتصريحات والتلميحات التركية التي تصب في إطار الرغبة في تسوية الخلافات مع دمشق، فعلى ما يبدو حتى الآن أن مسار تحسن العلاقات السورية – التركية وعودتها الى وضع طبيعي ما زال في مرحلة غير ناضجة، او على الأقل مرحلة غير متمايزة سياسياً بصورة رسمية.

وفي حديث خاص بموقع ” العهد” الإخباري لفت دنورة إلى أنه وبعد ان تتالت التصريحات الايجابية من قبل الجانب التركي على مدى اسابيع سابقة، عاد الاتراك ليطلقوا خطاباً اكثر تحفظاً وحذراً تجاه الأمر، وإن سعى هذا الخطاب بدوره الى تكريس تحول سياسي تركي قائم على الانتقال التدريجي نحو تعريف جديد للدور التركي تجاه سورية.

فما تطرحه التصريحات التركية اليوم يصب في اطار اعادة تعريف الدور التركي، وتحوّله من دور الراعي والحاضن للمعارضة، والساعي الى اسقاط السلطة الشرعية السورية، إلى دور الوسيط الذي يدعي انه يقف على مسافة من جميع الاطراف، ويسعى الى تحقيق التوافق بين الدولة السورية والمعارضة، وهو ما يعني، فيما لو تم تطبيقه عملياً، احالة الائتلاف السوري المعارض، و”حكومته”، ومن لف لفيفه على التقاعد، فتلك المجموعات السياسية لم تخرج يوماً عن اطار الارتهان الكامل للتركي واجندته السياسية، وفيما لو صدق الخطاب التركي، فهو لا يقل عن افقاد هذه المجموعات مرجعيتها شبه الوحيدة، وبالتالي انهاء دورها وتوظيفها، وجعلها في حالة انعدام وزن و”يتم” سياسي.

الانسحاب وتفكيك بنية الإرهاب

وأضاف دنورة في حديثه لموقعنا بأنه قد لا يكون مستبعداً ان يكون مسار استعادة العلاقات السورية – التركية يشهد حراكاً غير منظور على مستوى تهيئة الاجواء الامنية والسياسية للتقدم لاحقاً الى الامام بعد انضاج جملة من العوامل والظروف الضرورية لانجاز هذا التحول في الموقف التركي.

وهنا لا بد لهذا التحول ان التركي ان يسلك معبراً اجبارياً هو تفكيك البنى الارهابية الموجودة على صعيد الشمال السوري، سواء اتى هذا التفكيك بيد المجموعات ذاتها عبر اقتتالها البيني، أو تم عبر رفع الغطاء التركي والدعم العسكري واللوجيستي عنها، وتركها بالتالي لمصيرها في مواجهة الجيش العربي السوري وحلفائه في محور محاربة الارهاب.

وشدد عضو الوفد السوري إلى مباحثات جنيف على أن مجمل الظروف والضرورات التركية تدفع للاستنتاج بأن أي تراجع لزخم التصريحات التركية، أو ظهور ميلها للتريث والحذر، لا يعبر عن نكوص جذري في التوجهات التركية الجديدة، ومع ذلك تبقى العبرة في تقويم مصداقية هذه التوجهات قائمة بالدرجة الاولى على الانتقال من مستوى إعلان النوايا إلى مستوى الفعل الواضح المعالم على الارض، إنْ لجهة تفكيك الارهاب، أو لجهة انسحاب قوات الاحتلال التركي من الارض السورية، وقبل ان تكون هناك تغيرات دراماتيكية في هذين الاطارين يبقى المسار المفترض لتحسن العلاقات السورية – التركية خاضعاً لاحتمالات التباطؤ أو الانتكاس أو الجمود.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.