تهديد لبنان

hezbollah-israel

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:

طبعة جديدة قديمة لرئيس وزراء إسرائيل المعين من جديد نتنياهو بتهديده لبنان .. عادت حليمة إلى عادتها القديمة، كما يقول المثل الشعبي اللبناني، كلما وجدت إسرائيل في مأزق بادر سياسيوها إلى تطيير الإنذارات باتجاه لبنان، الذي تحول بقدرة قادر إلى شماعة تعلق عليه إسرائيل ما تشاء من كلام .. مجرد كلام.
لو كان للإعلام المسموع والمرئي أن يتحدث عن إنذارات نتنياهو للبنان، لأحصى الكثير منه. وفي كل مرة كان ثمة معادلة سياسية إسرائيلية يراد لها أن تظهر أو تمر أو تستثمر.
قبل أن يؤلف وزارته هدد لبنان، ربما استثمار هذا التهديد سيقرب آجال التأليف .. باتت مهنة نتنياهو ضربا في الفراغ، طالما أنه يرى في لبنان متراسه الذي يرتاح عليه كلما هبت العواصف حوله. لكن لبنان لم يعد ذلك الصغير في عين أصحابه ومقاومته، وحتى في عيون نتنياهو التي ترى وتعرف ماذا يختبئ فيه وماذا يخبئ أعداؤه الذين هم حزب الله.
ويعرف هذا المتغطرس نتنياهو أن لبنان لم يعد بإمكان فرقة كشافة أن تحتله كما كان يقول ويردد شيمون بيريز. صار صورة مبكرة لقدرة تعني موت إسرائيل إذا ما قرر قادتها اللعب مع الخطر القادم من الشمال، أي من لبنان. إذ ليس بالإمكان التفكير بالمشاهد المدمرة التي ستهبط على إسرائيل، وعن الملايين الإسرائيلية التي ستهرب باتجاه جنوبها فيما الصواريخ تلاحقها وأقدام مقاتلي حزب الله تجتاح الجليل وتغير من طابعه.
تهديد نتنياهو الجديد يؤكد أن الرجل فقد عقله أو هو تغابى عن صورة جديدة للبنان يمكن له أن يعرفها بكبسة زر في أحد أجهزة مخابراته المتقدمة، هذا لو اعتبرنا أن تلك الأجهزة قادرة على استبطان معالم ما يختزنه حزب الله من مقدرات عسكرية وما هي مخططاته وآفاق توجهاته إن فكر أي من قادة إسرائيل بشر تجاه لبنان.
ثمة أخبار تؤكد أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي يلاحق قوافل شاحنات تنقل السلاح من سوريا إلى حزب الله في لبنان .. النائب في الكنيست الإسرائيلي يسرائيل هاسون قال إن حركة المرور من سوريا إلى لبنان يجري رصدها عن كثب .. ومع ذلك نقول، إن السلاح يصل، قوم من “العفاريت” يقومون بتلك العمليات التي لا تراها إسرائيل كما لا يمكن لها أن تشم رائحتها حتى لو اقتربت منها.
صورة نتنياهو وهو يهدد لبنان، أصبحت ذكرى منذ أن خرجت من فمه تلك الكلمات المعنجهة. لاعب يمارس قواه اللفظية، ويعلم تماما أن الميدان يقول عكس ما يقوله .. تستطيع طائراته العسكرية تدمير وتخريب كل لبنان الذي لا يحتاج للكثير من الوقت كي يتحول إلى أشلاء، لكن الحرب ليست مجرد قصف طيران، هي عملية متكاملة، يجب أن تنجح فيها كل القطاعات كي تقدم عرضا ناجحا .. أما عند نتنياهو فإن أقصر الكلام هو النجاح، مهمة هذا الرجل لن تتعدى كلمات ترددت ولم تترك آثارها أو ما يخيف منها لدى مجموعة جربتها إسرائيل عام 2006 وخلال ثلاثة وثلاثين يوما.
لم يعد تهديد لبنان يخيف اللبنانيين، صار الشعب الإسرائيلي يخاف تلك التهديدات لأنها نذير شؤم رآها ذات مرة، وعاشها أياما، واكتوى بنارها، ولن تبارح خياله، فتراه يحسب لها ألف حساب، ويتمنى على رئيس وزرائه أن ينسى تماما تكرار كلام ليس له قدرة على تنفيذه، بل يشكل إحراجا له حتى إن رآه في منامه.
كل ما يريده نتنياهو تأليف وزارة، ولسوف يحتاج فيها إلى مفاتيح دالة على أكرة الباب، ولقد بات لبنان هو هذا المفتاح، لكنه لن يكون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.