حراك الحريري يولّد الايجابية على الساحة الداخلية

تغيرت الأجواء من السلبية الى الايجابية خلال الساعات الاربع والعشرين الأخيرة ، في عملية تشكيل الحكومة بعد تحرّك الرئيس سعد الحريري الذي أعاد خرق جدار الجمود الحكومي، فالغداء مع الرئيس نبيه بري والعشاء مع الوزير جبران باسيل كانا كفيلين ببث الأجواء الايجابية على الساحة الداخلية.

وأشارت صحيفة “النهار” الى أن الرئيس الحريري اراد اختراق الجمود والاقدام على محاولة متقدمة اضافية في ظل تنامي أخطار أبرزها ان استمرار تمترس الأفرقاء في لعبة تقاذف الشروط والتعقيدات قد ينزلق بالبلاد الى متاهات سلبية للغاية. حتى ان بعض الأوساط قال لـ”النهار” انه في حال عدم استجابة الافرقاء لجهود انجاز التشكيلة الحكومية، فإن البلاد قد تذهب الى المجهول.

ووصفت مصادر مواكبة حركة الحريري بأنها “خطوة في مسار خطوات متعددة يُفترض ان تَتتابَع في هذا المجال”، واضعة إياه في إطار المحاولة الإنقاذية لمسار التأليف الذي بَدا أنه تعطّل في الأيام الأخيرة جرّاء التناقض الحاد في المواقف، خصوصاً بين الرئاستين الاولى والثالثة.

وفي وقت ينتظر أن يزور الحريري رئيس الجمهورية في الساعات المقبلة ليقدّم له مسودة تشكيلة وزارية جديدة، إلّا انّ هذا الامر مشروط بتجاوب الاطراف واستعدادهم للتعاون “قدر الإمكان” في سبيل إنجاز هذا الاستحقاق في القريب العاجل.

خطوة الحريري لم تأت من فراغ على الاطلاق، بل سبقها تحرّك بعيد عن الأضواء للوزير غطاس خوري الى قصر بعبدا اول من امس، بحسب صحيفة “اللواء” اندرج في سياق إعادة تحريك التواصل. ولفتت المصادر للصحيفة عينها الى أن خوري انه حمل افكارا لاعادة تحريك الملف الحكومي والتشاور على كافة المستويات دون ان يعني ان هناك مقترحات محددة قد نقلها خوري الى الرئيس عون.

وأشارت المعلومات لـ”النهار” الى ان خوري كان قد التقى ممثل “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب وائل أبو فاعور لاستمزاجه في ما يعود الى المقاعد الدرزية وحل عقدتها وشدد ابو فاعور على تمسك الكتلة الجنبلاطية بالمقاعد الثلاثة ورفض الطرح الذي يتحدث عن ان يكون الوزير الثالث وسطياً. وفيما يفترض ان يستكمل الحريري تحركه بلقاءات مع الحزب الاشتراكي و”القوات اللبنانية” لا تزال المعطيات التي تواكب تحركه تشير الى تعقيدات بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي.

وكانت الزيارة التي قام بها الرئيس الحريري الى عين التينة، أولى المؤشرات الى امكانية التقدّم في الملف الحكومي، خصوصاً وان اللقاء اتخذ دلالة مهمة من خلال تأكيد الحريري انه طلب مساعدة بري بما فسر بأن الامور دخلت في مرحلة تنفيذية جدية. وهو أمر أكده ضمناً الرئيس بري حين تريث في الافصاح عن طبيعة المساعدة التي يمكن ان يقدمها لدفع عملية تشكيل الحكومة وقال لـ”النهار” إن لقاء عين التينة ” كان ايجابياً وهناك لقاء آخر سيعقد وفي ظله نأمل ان تنفرج ان شاء الله”. وكان برّي يشير في ذلك الى اجتماع “بيت الوسط” ليلاً بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. وأوضح بري انه ينتظر هذا اللقاء لتحديد طبيعة المساعدة التي طلبها الرئيس الحريري.

وعلمت “الجمهورية” انّ البحث بين الحريري وبري تناول كل العقد الموجودة على الخط الحكومي، وبَدا الحريري متحمّساً لتوليد تشكيلة الحكومة في أقرب وقت، ولديه الرغبة الكاملة في ان يفكّك الالغام الماثلة في الطريق وهو على هذا الاساس سيحاول تدوير الزوايا بالمقدار الذي يمكّن الحكومة من الولادة وبروح إيجابية.

وأشارت أوساط الرئيس برّي لـ”اللواء” الى انه قدّم بعض النصائح وأكد انه مستعد ان يتحرك بشكل داعم إذا الأجواء كانت إيجابية “وقلعت” المشاورات.

ووضعت المصادر عبر “المستقبل” لقاء عين التينة في إطار “الزيارة التمهيدية لجولة المشاورات الجديدة التي أطلقها الرئيس المكلف باتجاه بلورة صيغة توافقية حكومية قابلة للتأليف”، بحيث شارك الحريري بري خلال اللقاء “بمجموعة أفكار تتناول المخارج الممكنة للتشكيل”، مشيرةً إلى أنّ “خطوط الاتصال التشاورية الجديدة من المُفترض أن يتم العمل على بلورتها من الآن وحتى أوائل الأسبوع المقبل مع مختلف القوى المعنية بالملف الحكومي، في سياق محاولة متجددة من الرئيس المكلّف لتدوير الزوايا وتأمين صيغة تشكيلة حكومية مؤاتية تمهيداً ليحملها معه إلى قصر بعبدا والتشاور بشأنها مع رئيس الجمهورية ميشال عون”.

اللقاء الأبرز كان مساء بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل، الذي استمر إلى ساعة متأخرة من ليل أمس، وهو حصيلة سلسلة اتصالات ومشاورات كانت تدور بعيداً عن الاعلام.

وذكرت مصادر مطلعة أن أجواء اللقاء بين الحريري وباسيل كانت “ايجابية جداً”، وكان هناك اتفاق على أن المشكلة “ليست بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري”، وشدد الجانبان على أن العلاقة بين عون والحريري “أقوى من أن يهزها أحد، خصوصاً أن الخلاف ليس حول ما يطالب به التيار الوطني الحر وإنما حول ما تطالب به أطراف أخرى”. وتم التأكيد، بحسب مصادر مطلعة على ما دار في اللقاء، على ضرورة “اعتماد مقاربة جديدة أكثر منطقية وفعالية في تأليف الحكومة تضمن عدالة التوزيع بما يؤدي الى تسريع عملية التأليف واختصار الوقت”، خصوصاً ان الرئيس المكلّف “يدرك جيداً بأن الوقت لا يمكن أن يكون مفتوحاً لأن التأخير يأكل من رصيد الجميع”. كما جرى التأكيد من قبل رئيس الحكومة المكلف على “أن لا تدخلات خارجية تساهم في تأخير التشكيلة الحكومية”.

وقالت مصادر قريبة لـ”اللواء” ان النقاش دار انطلاقاً مما تمّ التفاهم حوله في عين التينة، من زاوية ان الرئيسين برّي والحريري سيحاولان كل من جهته معالجة المطالبة الجنبلاطية بالوزراء الدروز الثلاثة.

وتوقعت المصادر حصول حلحلة ممكنة بعد معالجة تمثيل التيار الوطني والحصة الرئاسية، إذ أكدت ان الاتجاه لحصة التمثيل بعشرة وزراء وعدم الحماس لإعطاء العهد وفريقه الثلث المعطل.

وتوقعت المصادر ان يكون حصلت حلحلة جزئية، لكنها أكدت بالمقابل، ان المعالجة تحتاج لمزيد من الوقت والجه..

وتحدثت مصادر قريبة من الوزير باسيل ان اللقاء بدّد أجواء التشنج، وكان ايجابياً أكثر مما هو متوقع.

وأكدت المصادر لـ”اللواء” انه وعلى رغم من الحيوية التي بدأت تدبّ بهذا المسار، فإنّ الامور تبقى في خواتيمها، خصوصاً انها امام محطات لا تخلو من أشواك، سواء في شأن العقدة المسيحية المتعلقة بحجم تمثيل “التيار الوطني الحر” وفريق رئيس الجمهورية، أو في ما يتعلق بتمثيل “القوات” نوعاً وحجماً، إضافة الى العقدة الدرزية التي لا تقل تعقيداً عن غيرها من العقد.

وأشارت المصادر الى “انّ عنوان الايجابية الاساس وكذلك عنوان السلبية، سيتبلور في ما يصل اليه البحث بين الحريري وباسيل في اعتبار انه يتناول “أُمّ العقد” المزدوجة، إن لجهة حصة “التيار” ورئيس الجمهورية التي لم تَحد عن المطالبة بـ 11 وزيراً خلافاً لما يتردّد من انّ هذا الفريق وافق على 10 وزراء، او لجهة عقدة “القوات” التي تصرّ على تمثيل وازن مقروناً بحقيبة سيادية، ما زالت حتى الآن موضع أخذٍ ورَد”.

في هذا السياق، يعقد المجلس السياسي للتيار الوطني الحر اجتماعاً في مركز التيار في سن الفيل للبحث في المعطيات المتصلة بالملف الحكومي وما طرأ من مستجدات في هذا الخصوص، على ما كشف عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون لـ”اللواء”، لافتاً الى انه في السابق كان التيار الوطني الحر يشعر انه غير معني في المحادثات الداخلية المتعلقة بتأليف الحكومة اما الان فهناك عامل جديد، ومشيراً الى وجود معطيات جديده معرباً عن اعتقاده انه تم الخروج من الشق المتصل بالقوات والتقدمي الاشتراكي بفعل ما طرأ من عامل جديد على صعيد التحركات السياسية.

مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي قالت ومن جهتها لـ”الجمهورية” إنها تنظر بإيجابية الى حراك الرئيس المكلف الذي يسعى الى حلحلة العقد التي استولَدتها بعض الأطراف الهادفة للالتفاف على نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، من خلال اختزال التمثيل الوزاري المُحقّ لبعض القوى، وفي طليعتها الحزب التقدمي الإشتراكي.

وثَمّنت هذه المصادر المواقف الإيجابية التي يعبّر عنها بري، ما يعكس حرصه على تسريع عملية التأليف. ودعت الأطراف المعرقلة الى الإقلاع عن “أسلوب محاولة مصادرة مواقع الآخرين ومنحها لغير مستحقيها”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.