حرب المياه لازالت مستمرة.. ألم يحن موعد التدفق؟

وكالة أنباء آسيا-

يانا العلي:

تفاقمت الأزمةُ المائيةُ في سوريا وتحديداً في العام ٢٠٢١. فحبسُ مياه الأنهار في تركيا من خلالِ السدودِ المخالفةِ للقانونِ الدولي، أثّرَ على منسوب الأنهار المتدفقة إلى سوريا. ليُعاني قرابة المليون نسمة من صعوبةٍ شديدةٍ في الحصولِ على مياهٍ صالحةٍ للشُربِ أو للزراعةِ وغَيرها. ويُعتبر سد إليسو المُنشأ على نهرِ الفرات من بين هذهِ السدود، حيثُ يعملُ السدُ على حَجزِ المياهِ وتَوزيعها بطريقةٍ تَخدمُ مصالحَ تركيا على حسابِ المصالحِ السورية.

 

حَبسُ المياه أدى إلى نقصٍ حاد في إمداداتِ المياه في العَديدِ من المدنِ والأرياف السورية، حيث كان معظمها يعتمد على المياه الجوفية والمياه العذبة التي تتدفق من الأنهار، .وبالتالي أدت هذه الأزمة إلى تدهورِ الوضع الصحي والبيئي في البلاد، وكانت مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال مختوموفا قد أعربت خلال زيارتها محافظة الحسكة في وقت مضى، عن قلقها من مخاوف انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف أهالي مدينة الحسكة نتيجة انقطاع المياه.

وهذا ماحصل بالفعل، فقد أعلنت وزارة الصحة في سوريا عن تفشي بعض الأمراض المعدية والوبائية في المحافظة، مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي والأمراض الجلدية والتهابات المسالك البولية والحمى التيفية والكوليرا. وتم تسجيل العديد من الحالات المرضية التي تنتقل بسبب نقص المياه في المحافظة، وقد أدى هذا الوضع إلى وفاةِ العديدِ من الأشخاص، وخاصة الأطفال والمسنين والأشخاص الذين يُعانون من أمراضٍ مزمنة. وقد أجبرَ هذا الوضع السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية على توفيرِ المياهِ النظيفةِ والخدمات الصحيةِ والنظافة العامة للحدِ من انتشارِ الأمراض وإنقاذ حياة السُكان في المنطقة.

ناهيك عن تعرضِ أغلبِ الأشخاص للعطش خاصةً في الفترات الأمنية الحرجة وصعوبة تأمين المياه حيث تروي لنا (ن. أ) وهي من سكان مدينة الحسكة :” لم نعد نذكر أن الماء مر يوماً في صنابير منازلنا لفترة طويلة حيث نعتمد على طرق مختلفة وغير ثابتة للحصول على الماء، فمثلاً بالتعاون بيننا نحن سكان البناية الواحدة اشتركنا في استخدام البئر الذي تعود ملكيته لجارنا. رغم أنها غير صالحة لا للشرب ولا للاستخدامات الأُخرى، إلا أننا نحاول أن نستفيد من وجود قطرة الماء على الأقل في الغيسل والحمامات رغم ملوحتها واتساخها. أما ما يخص مياه الشرب فأصبحنا نعتمد على شراء صهاريج المارة. اللذين بدورهم باتوا يتحكمون في أوقات قدومهم والأسعار. فهم يُدركونَ أن ماء حياتنا رهن أيديهم”
أضف إلى ذلك تضرر الزراعة والصناعة والبيئة كل هذا بسبب حبس المياه في تركيا. وقد بلغت فترةُ النقص الحاد في المياه في المحافظة منذ حوالي ثمانِ سنوات، منذ عام 2014 وحتى وقتنا الراهن. حيثُ تستمرُ المجموعات المسلحة بالتحكمِ في محطةِ عَلوك لضخِ المياه. ما يؤدي لتعطيشِ سكان محافظة الحسكة، وتهديد حياة سُكانها، لا سيما وأن المحطة تُشكل المصدر الرئيس والوحيد لتزويدهم بمياه الشرب.

 

تحاولُ الدولةُ السورية ومعها المجتمعُ الدولي إيجادَ حلول لهذه الأزمةِ ، وذلك من خلال المفاوضات واللجان الدولية المختصة بحقوق المياه لاسترجاع حق سورية في المياه. وربما الحل الأمثل يكون في إيجاد اتفاق بين تركيا وسوريا بشأن تدفق المياه عبر الحدود، وتقاسمها بشكلٍ يضمنُ الحفاظ على حقوق الطرفين.فإذا تم التوصل إلى اتفاق بين سورية وتركيا ، فإن ذلك حتماً سينعكسُ بشكلٍ مُجدٍ على وضع المياه في سوريا وسيلحقها فوائد جَمّة. حيثُ سيتمُ تخفيف الضغط على الموارد المائية في سوريا من خلال تدفق مياه نهر الفرات بشكلٍ أكبر. كما سيسهم في توفير المياه اللازمة للزراعة والصناعة والشرب والري، مما يساعد على تحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين خاصة في أرياف الشمال والشمال الشرقي السوري. أضف أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن ذلك سيحدُ من التوترات ويساهمُ في تحقيقِ الاستقرار في المنطقةِ، أي أنه سيؤثرُ إيجاباً على العلاقاتِ السياسية.

لذا وُجدت عدة حلول مقترحة لحلِ مشكلة حبس مياه الأنهار في تركيا عن سوريا، منها إعادة بناء البنية التحتية من خلال بناء المحطات المائية والأنابيب والمصادر المائية التي تم تدميرها خلال الحرب، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة وجهود مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمانحين. ويمكن التفاوض على تخفيض كمية المياه التي تحجزها تركيا من نهر الفرات وهذا “أضعف الإيمان” .و تحسين تقنيات الري والتقنين للحفاظ على المياه الجوفية وتشجيع المزارعين على استخدام مصادر مائية بديلة في محاولة للاستفادة القصوى وإدارة المياه. وتشجيع الاستثمار في محطات تحلية المياه لتوفير مياه صالحة للشرب والاستخدام اليومي، ويمكن أن تكون هذه المحطات مصدراً مهماً لتوفير المياه في المناطق الجافة في سوريا.

 

أثرت هذه السدود بشكل كبير على حياة السوريين من عدة جوانب، حيث أدت إلى نقص حاد في كمية المياه المتاحة للزراعة والشرب والصناعة. كما كانت من العوامل الأساسية في تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وزيادة الفقر والجوع والمرض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.