حكومة نتنياهو.. 4 أشهر من الأزمات والإخفاقات

موقع قناة الميادين-

شرحبيل الغريب:

وفق آخر استطلاع نشرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، ارتفعت شعبية معسكر بيني غانتس في مقابل تراجع كبير لشعبية معسكر الليكود المحسوب على نتنياهو، نتيجة الإخفاقات الكبيرة التي وقع فيها الائتلاف الإسرائيلي بسياساته.

قبل 4 أشهر، ومنذ أدائها اليمين القانونية أمام الكنيست الإسرائيلي في 29 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، دخلت حكومة بنيامين نتنياهو، التي وصفت بالحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية التي ستحقق للإسرائيليين ما لم تنجح الحكومات الإسرائيلية السابقة المتعاقبة في تحقيقه، في أزمات كبيرة متتالية وإخفاقات ملموسة جعلتها حكومة فاشلة بامتياز أمام جملة من الإخفاقات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية انعكست سلباً على أدائها من جهة، وجمهورها من جهة أخرى.

تؤكّد ذلك جملة من المعطيات المهمة، أبرزها حديثاً التراجع الواضح في آخر استطلاعات الرأي، وهو ما كشف عن تراجع كبير في شعبية حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو نتيجة تقييم سلبي جداً لها على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والخدماتية.

وفق آخر استطلاع نشرته صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، ارتفعت شعبية معسكر بيني غانتس في مقابل تراجع كبير لشعبية معسكر الليكود المحسوب على نتنياهو، نتيجة الإخفاقات الكبيرة التي وقع فيها الائتلاف الإسرائيلي بسياساته.

وأشار الاستطلاع إلى أن معسكر غانتس سيحصل على 31 مقعداً في حال جرت انتخابات إسرائيلية، فيما سيحصل معسكر الليكود برئاسة نتنياهو على 25 مقعداً.

دخلت حكومة نتنياهو منذ لحظة تأليفها في صراعات وأزمات وتحديات جمة، كان أبرزها على الصعيد الداخلي الأزمة الأمنية، وأزمة رفض الخدمة العسكرية لمئات العناصر في وحدات “الجيش” الإسرائيلي وسلاح الطيران ووحدة 8200 التابعة للاستخبارات الإسرائيلية، وتصاعد الصراعات السياسية الداخلية التي رفعت مؤشرات نشوب حرب أهلية، وأزمة التعديلات القضائية التي ضربت عصب حكومة نتنياهو وجعلتها عاجزة عن إيجاد حلول آنية لها.

ولعلّ أبرز هذه الأزمات المستمرة هو الأزمة الداخلية المتمثلة باستمرار التظاهرات للأسبوع الـ18 على التوالي، رفضاً للتعديلات القضائية التي يسعى نتنياهو لإقرارها، وسط مؤشرات جديدة وكبيرة على فشل مسار المفاوضات التي يستضيفها رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ شخصياً.

أما على الصعيد الخارجي، فالخلافات مع الإدارة الأميركية بلغت ذروتها برفض البيت الأبيض دعوة نتنياهو إلى زيارة واشنطن، والأزمة مع الاتحاد الأوروبي طفت على السطح بشأن سياسات الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية والطلب الإسرائيلي من الاتحاد الأوروبي علناً عدم التدخل في الخلافات الإسرائيلية الداخلية، وهو ما كشفت عنه صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، والانتكاسة في تطوير مسار التطبيع مع الدول العربية في المنطقة.

ما يعزّز حجم الفشل الَّذي وقعت فيه حكومة نتنياهو في الأشهر الأربعة الأولى من تأليفها هو ما أكده آيال خولتا، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي والمسؤول في جهاز الموساد الإسرائيلي، في تصريحات لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، عما وصفها بالإخفاقات الأمنية الأربعة التي وقعت فيها حكومة نتنياهو، سواء ما يتعلق بالواقع في المسجد الأقصى، وتصاعد التوتر مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتنامي عمليات المقاومة في الضفة الغربية والقدس، والتحديات الأمنية على جبهتي لبنان مع حزب الله وسوريا، وهو ما أفرزته الأحداث الأخيرة من تأكّل كبير لقوة الردع الإسرائيلي، وكذلك الملف الإيراني وتداعياته.

ما ذكره الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ليس العوامل الوحيدة التي تعكس مدى إخفاق بنيامين نتنياهو الَّذي لطالما أظهر نفسه زعيماً قادراً على تهدئة العواصف الأمنية والعسكرية التي تواجه “إسرائيل”، فثمة إخفاقات خارجية وداخلية واضحة سجلتها حكومته بعد 4 أشهر من تأليفها، تمحورت حول قضايا كانت ذات أولوية لديها، وتعهدت منذ اليوم الأول إيجاد حلول لها، وهي تتمثل في الآتي:

– المشروع النووي الإيراني: تعهّدت حكومة نتنياهو بإيجاد حل للبرنامج النووي الإيراني، لكن أثبتت الأحداث والأيام الفشل الذريع لكلّ المخططات الإسرائيلية الرامية إلى التأثير في قوة إيران وبرنامجها ونفوذها في المنطقة أو النجاح في عزلها، فيما اتضح جلياً في الصورة المقابلة أنّ “إسرائيل” هي التي تشهد تأكّلاً في مكانتها.

ولعل الاتفاق بين إيران والسعودية بعودة العلاقات الدبلوماسية برعاية الصين وحال الانفتاح بين إيران وعدد من دول المنطقة العربية هو مثال واضح على ذلك، ما يعني فشل “إسرائيل” في عزل إيران أو التأثير فيها.

– التطبيع مع السعودية: أعلنت حكومة نتنياهو منذ اليوم الأول من تأليفها أن أحد أهم أهدافها الإستراتيجية هو توسيع دائرة التطبيع مع الدول العربية في المنطقة، وأنَّ السعودية هي هدفها الأول، إلا أنها فوجئت بمتغيرات حدثت في الاتجاه المعاكس تماماً، ومع السعودية خصوصاً، التي قدمت العلاقة مع إيران على مسار التطبيع مع “إسرائيل”، وهو ما شكل انتكاسة كبيرة لحكومة نتنياهو ودبلوماسيتها السياسية.

– التطبيع الرسمي مع السودان: راهنت حكومة نتنياهو على أن تفرز المباحثات السودانية الداخلية حكومة سودانية مدنية تؤهلها لتوقيع اتفاق تطبيع رسمي معها، إلا أنَّها صدمت بأحداث مفاجئة، وسرعان ما تفجّرت الصراعات المسلحة، ما أحدث خيبة أمل كبيرة بفعل ارتفاع مؤشرات انهيار صفقة التطبيع التي أسست لها مع المجلس العسكري السوداني الانتقالي.

– توفير الأمن الشخصي للمستوطنين: فشلت “إسرائيل” وحكومتها فشلاً ذريعاً في توفير الأمن الشخصي للمستوطن الإسرائيلي، نتيجة تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية في مختلف الساحات، سواء على صعيد الساحات الفلسطينية أو حتى الساحات الخارجية وإطلاق الصواريخ من جبهتي لبنان وسوريا، وهو ما أحدث تأكّلاً كبيرة في قوة الردع الإسرائيلي وعجزاً عن توفير الحماية والأمن للمستوطن الإسرائيلي، ومسَّ بشكل واضح بمكانة “إسرائيل” وصورتها في المنطقة، وكشف عجزها الفادح في مواجهة المقاومة الفلسطينية بأدواتها البسيطة.

– تحسين الحياة الاقتصادية للمستوطن الإسرائيلي: فشلت حكومة نتنياهو في تحسين الحياة والرفاهية الاقتصادية للمستوطن الإسرائيلي نتيجة تفاقم الصراعات الداخلية وانعكاساتها على الوضع الاقتصادي في “إسرائيل” من جهة، ونتيجة فقدان الأمن بفعل تنامي الفعل الفلسطيني المقاوم بكل وسائله من جهة أخرى.

– حال الصراعات لم تتوقّف على الجوانب السياسية، بل طالت الجانب الاجتماعي أيضاً، وبدا الانقسام والشرخ في المجتمع الإسرائيلي أبرز سمة لما آلت إليه الأوضاع في التأثير في التركيبة البنيوية للمجتمع في “إسرائيل”، وهو ما يعكس عمق الأزمة التي تمر بها “إسرائيل” هذه المرحلة.

الإخفاقات والتحديات والصراعات والتصدعات أصابت كلّها حكومة نتنياهو خلال الأشهر الأربعة من تأليفها، يضاف إليها بروز الخلافات والصراعات بين أقطابها سياسياً، ولا سيما مع نتنياهو الذي يتحكم في المشهد، ووزيري المالية بتسليئل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يعيش هذه الأيام حال القطيعة مع نتنياهو ويهدد بالانسحاب من الحكومة نتيجة تصاعد الخلافات بينهما، ويضع شروطاً كي ينهي القطيعة.

واقع كهذا، ومع ارتفاع مؤشرات فشل المفاوضات الجارية بشأن وقف التعديلات القضائية واستمرار التظاهرات ضد نتنياهو للأسبوع الـــ18 على التوالي، يجعل حكومته حكومة ضعيفة عاجزة هشّة قابلة للانهيار في أي لحظة.

وفي حال قرّر كلّ من بن غفير وسموتريتش مغادرة الحكومة، وأعلنا فشل الحوار بشأن التعديلات القضائية رسمياً، فهذا يعني تماماً العودة إلى مشهد الفوضى والتظاهرات بصورة أشد وأكثر شراسة، ما يؤسس لحرب أهلية داخلية مرتقبة في “إسرائيل”، ما من شأنه أن ينعكس على مستقبل حكومة الائتلاف الإسرائيلي، ويؤدي إلى سقوطها الحتمي، ويؤثر في مستقبل بنيامين نتنياهو ومصيره شخصياً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.