درس بوتين.. سيتواصل في غير تدمر

marwan-soudah-tadmor

موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح*:

دخول الجيش السوري وحلفائه إلى تدمر الأثرية وتحريرها، والتمهيد للسيطرة على السُبل المؤدية الى الحدود مع العراق، تم إجتراحها بتنسيق وتكاتف كامل ما بين سوريا وروسيا، وقوات إيرانية، وفصائل من حزب الله اللبناني والتنظيمات الكردية وغيرها.

كذلك، كان أحراز النصر في تدمر باستخدام أسلحة روسية متطورة جداً لم يَسبق توظيفها في أية ساحات معارك وهمية أو فعلية خارج روسيا. هذه الاسلحة تنوّعت ما بين جوية وأنظمة وبرامج فضائية، وتقنيات أخرى سلكت طرقات وعرة وخطرة مليئة بألغام ومموّهة في أرض المعركة. وقد كشف التغلّب على كل ذلك وغيره من العقبات في أرض المعركة، عن تنسيق عالي المستوى ورفيع بين مختلف صنوف القوات الحليفة المتعددة الجنسيات أنفة الذكر، برغم إختلاف اللغات المُستخدمة لديها، وتباين التقاليد العسكرية لكل منها، ما أكد أن هذا التحالف يَمتلك فعلاً لا قولاً مقوّمات النصر، ليس على الارهاب الدولي المتعدد الجنسيات على الأرض السورية فقط، بل أن في استطاعته أن يَقهر الارهاب بأسابيع قليلة بقيادة وخبرات روسية، وتحالف عميق بين حلفاء روسيا، في مناطق أخرى من العالم، إذا ما أطل هذا الإرهاب برأسه من جديد، بشرط توافر الظروف الشرعية لمقاتلته.

الحرب في سوريا كشفت للعالم الغربي على وجه التحديد، أن روسيا بوتين تمتلك تقنيات اسطورية، ولديها ما يضمن حماية نفسها وحلفائها. فالسلاح الروسي قادر على إبادة العدو بضربات سريعة، من خلال الأسلحة ذات الفعالية التدميرية الهائلة، أو بالسلاح البيئي، الذي يُحرّك عناصر الطبيعة وقوانينها، ويؤثر عليها لإستحداث كوارث بيئية، من شأنها أن تقلب الأرض وما عليها رأساً على عَقب، فتنتهي قارات وتزول بلدان بأكملها.

الولايات المتحدة أدركت في خضم المواجهات الجارية على الساحة السورية بالذات، أن عليها التوقّف عند حدود بعيدة عن روسيا بوتين، وعدم إزعاج موسكو وقواتها، لا في سوريا ولا في اوكرانيا ودول البحر الأسود أيضاً، ولا حتى في الشرق الروسي الأقصى إدعاءً بأخطار من كوريا الديمقراطية، كما أن على واشنطن التزام الهدوء وعدم استعداء حلفاء موسكو. فبوتين لن يتوقف عن استخدام أية أسلحة في سبيل حماية قواته ومصالح روسيا وحلفائها، بغض النظر عن عواقب ذلك، لكونه يقف موقف المدافِع عن نفسه وعن حلفائه، فعليه وعلى بلاده وبلادهم يتم الإعتداء، وهو لم يكن ولن يكون مهاجِماً أو معتديِاً على أحد في ساحات لا يدخل إليها سوى بطلب رسمي وشرعي مِن حلفائه، الذين يتمتعون بالشرعية وفقاً للقانون الدولي.

في الساحة السورية، وكما تشهد الصحافة الروسية، أوعز بوتين باستخدام القوات الفضائية، أي الأقمار الصناعية العسكرية والتجسسية وغيرها من أقمار ذات مهام متعددة تتكامل فيما بينها مع الأقمار العسكرية. والصحافات الروسية والأمريكية والغربية، تسترسل هذه الأيام في نشراتها عن وجود أقمار قتالية بصنوف لا حصر لها، واخرى تهاجم الأقمار الصناعية التي تتبع للخصم.

ومن التقنيات الروسية التي استخدمت في ساحات القتال، تلك الحاسوبية المتطورة التي تكشف بدقة عن الخصم وتحدّد موقعه تمهيداُ لقصفه، وبعضها حراري. كذلك، استخدمت طائرات تجسسية صغيرة جداً، تُحمل على راحة اليد، ويتم إطلاقها الى الفضاء بسهولة، وتحلق فوق الأماكن الجغرافية التي لا تصلها الطائرات الكبيرة، وهي بذلك تساهم مساهمة كبيرة في تصوير العدو والعثور عليه، والتقاط محادثاته التلفونية، وجمع الإحداثيات عن مواقعه فاستهدافه دون الحاق الأذى بالمدنيين أو بعمائر ومنشآت حيوية، عادت الى الاستخدام من جانب الحكومة السورية، بعد تحرير المناطق التي كانت تسيطر عليها قوى الارهاب الدولي في تدمر وفي غيرها من المناطق السورية المحررة.

روسيا بوتين لعبت دورأ أساسياً في تحرير تدمر، وهو ما تشير إليه صحافات أمريكية أيضاً. من ناحية أخرى، وطبقاً لأحد القادة السوريين الميدانيين خلال تصريحاته باللغة الروسية لبرنامج أخبار الفضائية الروسية شبه الرسمية “روسيا – 24” يوم الجمعة الأول من نيسان، فقد شهد على الدور “الرئيسي” للقوات الروسية بتحرير تدمر، بخاصة بجهود قطاع الطائرات الحربية الروسية، وشكر روسيا على تحرير المدينة التاريخية، التي كانت الدخول إليها وتنظيفها من الارهابيين “صعباً جداً”.

من جانبه، قال أحد العسكريين السوريين في تدمر للمحطة الفضائية الروسية ذاتها، أن الإرهابيين زرعوا ألوف الألغام في كل مكان في تدمر، وبأن القوات السورية نزعت للآن ألف لغم فقط، لكن بجهود العسكريين الروس سيتم نزعها كلها، سيّما وأن الألغام خطيرة ومعقدة ومتطورة ويَصعب انتزاعها، لذا يتوجب تفجيرها روسياً في عين المكان، فلدى العسكريين الروس خبرات كبيرة، عِلماً أن الارهابيين “زرعوا مفخخات كثيفة في 180هكتار فقط في تدمر”!

وفي مجال الأسلحة الروسية التي عرض بوتين لقوّتها الضاربة ولقن بها الارهابيين والدول الداعمة  لهم درساً عسكرياً فسياسياً لا يُنسى وتحدثت عنها صحافات روسيا ومنها “الربيع الروسي”، طائرة الهيلكوبتر(مي-28ن) التي ذاع صيتها، والتي توصف بأنها “صياد ليلي” ماهر، يرى في عتمة الليل البهيم كما في وضح النهار، فقد استطاعت بسرعة وفعالية قَصم ظهر العدو الإرهابي في تدمر ومنطقتها خلال سير هجوم القوات السورية على المدينة، ولم تترك ارهابياً يفلت منها، فقد اصطادت كل مَن كشفت عن وجودهم من عناصر الارهاب. الطائرة تستخدمها القوات العراقية أيضاً منذ فترة غير قصيرة في إصطياد فعّال لعناصر الارهاب الدولي، وهي نافعة في مختلف الظروف الجوية والبيئية، وتطير فوق كل تضاريس الكرة الأرضية، بالإضافة الى مروحيات “مي – 35″ التي تحمل أسلحة ثقيلة، و”كا – 52” ذات المهام المتقدمة بمساندة القوات الخاصة من الجو.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.