دقائق عسكرية: نظرة تحليلية للغارات الجوية للتحالف الأمريكي/ العربي على سوريا

     american-syria-raids6jpg

موقع إنباء الإخباري ـ
القاهرة ـ محمد منصور:
عسكريا تم التمهيد لهذه الغارات منذ حوالي أسبوع حيث تم رصد تحليق للطائرات الأمريكية بدون طيار من نوع “بريديتور” لاستطلاع أجواء محافظة الرقة المعقل الأساس لتنظيم “داعش”. تلا ذلك مرحلة تم فيها الإيعاز بتحديد بنك الأهداف الخاص بالضربات الجوية لقوات التحالف في سوريا إلى المنطقة العسكرية الأمريكية الوسطى بجانب قيادة العمليات الجوية الموجودة في قاعدة العيديد الجوية في قطر.

american-syria-raids1

تم تقسيم الغارات إلى 3 موجات: بدأت الموجة الأولى منها في وقت مبكر من فجر الثلاثاء الماضي بضربات مركزة من صواريخ “توماهوك” الأمريكية تم إطلاقها في صليات متتالية بعدد أجمالي يتراوح ما بين 40 و 100صاروخ انطلقت من المدمرتين الأمريكيتين “USS Philippine Sea” و “R LEE BURKE”  اللتين تتمركزان في البحر الأحمر.  هذه الموجة استهدفت في الأساس مناطق قيادة وسيطرة لما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” في محافظة الرقة وريفها بجانب مراكز أخرى لجبهة النصرة وحركة خراسان في أدلب وريفها ودير الزور، بجانب وصول عدد محدود من هذه الصواريخ لأطراف جبل الشاعر في ريف حمص وأيضا مناطق في القلمون.
بعد انتهاء الموجة الأولى بدأت الموجه الثانية بإقلاع تشكيلات من مقاتلات الأف 15 والأف 16 والأف 18 والأف 22 بجانب طائرات الإرضاع الجوي من نوع كي سي 135 وطائرات الاستطلاع من نوعى رابير وبريديتور بجانب القاذفات الثقيلة من نوع بي1.

american-syria-raids2

بالنسبة للقواعد التي انطلقت منها هذه الطائرات فإن كل الطائرات التي شاركت في الموجة الثانية انطلقت من قواعد جوية أرضية في ما عدا مقاتلات الأف 18 التي انطلق السرب الثامن منها من على متن حاملة الطائرات الأمريكية جورج بوش الموجودة في الخليج العربي. مقاتلات الأف 22 انطلقت من قاعدة الظفرة في الأمارات والأف 16 والأف15 انطلقت من قاعدة العيديد في قطر و قاعدة علي السالم في الكويت وأيضا من قاعدة جوية في الأردن. أما عن قاذفات البي1 فقد انطلقت من قاعدة دييجو جارسيا في المحيط الهندي وانطلقت طائرات الاستطلاع  بدون طيار الأمريكية من قاعدة انجرليك الجوية في تركيا.
استهدفت هذه المقاتلات المشاركة في الموجة الثانية بشكل أساسي الرقة وريفها وأدلب وريفها ودير الزور وريفها والحسكة والبوكمال. تم التركيز على مناطق محددة في محافظة الرقة مثل مبنى أمن الدولة ومبنى المحافظة ومطار الطبقة العسكري الذي تم استهدافه بنحو 5 غارات وأيضا الفرقة 17 واللواء 93 اللذين تعرضا لما مجموعه 10 غارات جوية. في هذه الموجة تم تنفيذ ما بين 25 إلى 70 غارة جوية.

american-syria-raids3

يلاحظ هنا أن العدد الكبير من المقاتلات والأنواع التي تم حشدها في هذه الموجة  ليس له أي تفسير.
تم استخدام مقاتلات الأف 22 للمرة الأولى في عمليات قصف في الرقة بقنابل موجهه بالليزر من نوع جي بي يو 32 وجي بي يو 12علماً بأن مقاتلات الأف 15 المشاركة في هذه الموجة تحمل أيضاً هذه الأنواع وتستطيع تنفيذ عمليات القصف بكفاءة أكبر من الأف22 . يلاحظ أيضا انه تم إسناد مهمة الحماية الجوية للقاذفات المشاركة في هذه الموجة إلى عدد من مقاتلات الأف 16 المشاركة في هذه الموجة حيث تم تزويدها بصواريخ مضادة للرادار من نوع “هارم” بجانب صواريخ جو- جو من نوع “سايدوايندر” و”امرام” في ما يبدو انه تحسب لأي تدخل راداري أو اعتراضي من جانب الدفاع الجوي السوري (مع ملاحظة أن الحكومة السورية أعلنت أنها تلقت إشعارا مسبقا باحتمالية حدوث هذه الغارات قبل بدأها بساعات).
بعد إتمام الموجة الثانية بدأت الموجة الثالثة التي تم بها عدد محدود من عمليات القصف. في هذه الموجة شاركت مقاتلات تنتمي لدول عربية منها أربع مقاتلات من نوع أف 15 تابعة للقوات الجوية السعودية وأربع مقاتلات أف 16 تابعة للقوات الجوية الإماراتية ومثلها تابعة للقوات الجوية الأردنية بجانب مقاتلتي أف 16 تابعتين للقوات الجوية البحرينية ومقاتلة واحدة من نوع ميراج تابعة للقوات الجوية القطرية. اقتصر دور المقاتلات العربية المشاركة في هذه الموجة على تنفيذ مظلات جوية لاستطلاع نتائج القصف الخاصة بالموجة الثانية بجانب تنفيذ دوريات مقاتلة لقصف اى أهداف لم يتم تدميرها بالكامل.

american-syria-raids4

إذا حاولنا تقييم النتائج التي أسفرت عنها هذه الغارات فأننا نستخلص منها أن الغارات برغم كثافتها وقوة العتاد العسكري المستخدم فيها لم تحقق النتائج المرجوة منها. ففعلياً أخلى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” و تنظيم “جبهة النصرة” مقراتهما الرئيسية في محافظة الرقة وفي دير الزور وأدلب قبل أيام استعدادا للغارات الأمريكية، وبالتالي جاءت نتائج الغارات أقل بكثير مما كان متوقعاً، سواء على مستوى تدمير مستودعات الأسلحة أو حتى إحداث خسائر بشرية كبيرة في صفوف منتسبي هذه الجماعات.
هذا الواقع اعترفت به الأوساط الأمريكية العسكرية، وأضافت أن هذا الواقع يؤشر إلى أن الغارات الأمريكية والمتحالفين معها قد تستمر لأكثر من عام في سوريا والعراق كي تستطيع هذه الدول تحقيق هدفها الأساس وهو إنهاء وجود التنظيمات المتطرفة.

american-syria-raids5

المعضلة الأساسية هنا هي حاجة هذه الدول إلى قوات برية على الأرض تستغل الغطاء الجوي لتطهير المناطق التي تتواجد بها هذه التنظيمات والتي يختفي منتسبوها وقادتها وسط سكانها مما يجعل عملية استهدافهم صعبة جداً. وتجدر الإشارة هنا إلى انه وبرغم ضعف امكانيات عناصر داعش القتالية إلا أنهم يمثلون خطراً على طائرات التحالف، خصوصاً إذا علمنا أن إحدى طائرات الاستطلاع الأمريكية من نوع رابير سقطت فى الرقة أثناء غارات فجر الثلاثاء.
تجدد هذه الغارات صباح الأربعاء على عين عرب وعلى البو كمال ومناطق في ريف حماة ودير الزور مع مشاركة المقاتلات الأردنية والأماراتية والسعودية في هذه الغارات بجانب المقاتلات الأمريكية يضع أيضا معضلة جديدة وهي مستقبل هذه الغارات في ظل عدم وضوح حقيقة ما إذا كان هناك تنسيق ما أو لا بين الحكومة السورية والولايات المتحدة. فكيف سيكون الحال لو حدث اشتباك جوي بين مقاتلات سورية ومقاتلات تنتمي للتحالف، أو قام الدفاع الجوي السوري باستهداف طائرات التحالف عن قصد أو عن دون قصد، خصوصاً في حالة دخول تركيا في هذا التحالف؟
الواضح انه إذا ظل التنسيق بين الحكومة السورية والتحالف الأمريكي على المستوى العسكري في مستواه المتدني جدا الحالي، فإن تأثير هذه الغارات في النهاية سيظل محدودا حتى لو طال لعشرات السنين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.