زلزال تركيا وسوريا كارثة تدين الرأسمالية

موقع قناة الميادين:

عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وفي ظل تواصل ارتفاع أعداد الضحايا والأضرار الهائلة في البنى التحتية، موقع إلكتروني عالمي يقول إنّ هذا الزلزال كارثة تدين الرأسمالية، مع غياب بناء مدن مقاومة للزلازل في جميع أنحاء العالم.

قال الموقع الإلكتروني “الاشتراكي العالمي”، إنّ الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وشعر به سكان لبنان وقبرص والأردن،خلّفت آلاف الوفيات وعشرات الآلاف الذين ينتظرون الإنقاذ من تحت الأنقاض.

في تركيا، دمّرت الزلازل ما لا يقل عن 6.200 مبنى في 10 مدن، حيث يعيش أكثر من 15 مليون شخص. وقد تشققت معظم الطرق في المناطق المنكوبة وانهارت بعض مباني المستشفيات والمطارات، وأدت الأضرار التي لحقت بمحولات الطاقة إلى انقطاع التيار الكهربائي والغاز على نطاق واسع، في معظم مدن الجنوب التركي.

وفي سوريا، المدمّرة جراء حرب حلف شمال الأطلسي “الناتو” عليها لمدة 12 عاماً، تجاوز عدد ضحايا الزلزال المؤكد بالفعل 1500 شخص. وتمنع الحرب المستمرة فرق الإنقاذ من الوصول إلى العديد من المناطق. في حين تخضع أجزاء من شمال وغرب سوريا لسيطرة الجيش التركي وحلفائه من الجماعات المسلحة، بينما يخضع شمال شرق سوريا لسيطرة القوات الأميركية، وحلفائها من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من واشنطن.

ومع استمرار العديد من الأشخاص المحاصرين تحت المباني المنهارة في كل من تركيا وسوريا، من المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا بشكل كبير.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أنّ عدد القتلى قد يرتفع ثمانية أضعاف إلى نحو 30 ألف وفاة.

ولم تكن كافية تعبئة 9000 عامل إنقاذ تركي، بالنسبة لحجم المنطقة المتضررة. وقد تطوع عمال المناجم من مختلف المقاطعات للانضمام إلى جهود البحث والإنقاذ.مع ذلك، كانت ردّة فعل “الرأسماليون” على الكارثة جداً قاسية، حيث ارتفعت أسعار شركات الأسمنت.

وقعت الزلازل في ثاني أكثر منطقة زلزالية في العالم، ولديها سجل طويل من كوارث الهزات الأرضية. ففي عام 1999 أدى زلزال مرمرة في المنطقة نفسها إلى وفاة ما يقرب من 18000 شخص، وإصابة عشرات الآلاف بجروح مختلفة.

وكان العلماء قد حذّروا من الكارثة قبل وقوعها، وناشدوا السلطات العامة لتعزيز المباني، معتبرين أنّ الفشل في القيام بذلك سيأتي بتكلفة مروعة في الأرواح.

بعد زلزال “إيلازيغ” في 2020، صرّح رئيس غرفة مهندسي الجيولوجيا التركي حسين آلان، أنّ 18 مقاطعة ومدينة في جنوب تركيا، بما فيها كهرمان مرعش وهاطاي، تعاني من صدوع نشطة ذات إمكانات عالية لإنتاج الزلازل. وقال إنه في حالة حدوث زلزال كبير سيتم تدمير المباني هناك.

ولطالما أشار البروفيسور ناجي غور، أحد أكثر الجيولوجيين الموثوقين في تركيا والمدافعين عن بناء مدن مقاومة للزلازل، إلى المقارنة بين اليابان وتركيا. وكتب أنّ أربعة أشخاص فقط لقوا حتفهم بسبب أضرار الزلزال الناجم عن الزلزال الذي بلغت قوته 7.4 درجة في فوكوشيما في عام 2022، بينما توفي ما يقرب من 20000 شخص في زلزال مرمرة عام 1999 بنفس قوة الزلزال. وهو ما يؤكد أنه كان من الممكن تجنّب حدوث معظم الوفيات في زلزال كهرمان مرعش.

كذلك حذّر غورور من زلزال كبير في مدينة اسطنبول التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة على الأقل. في حين أنّ مجلس مدينة اسطنبول، الذي يسيطر عليه حزب الشعب الجمهوري الرأسمالي المعارض، يدعي أنه سيتسبب الزلزال إن وقع إلى وفاة 14000 شخصاً، فيم يتوقع غورور أن يتجاوز عدد الضحايا الفعلي هذا الرقم بكثير.

إنّ بناء مساكن مقاومة للزلازل مشكلة عالمية حرجة أثبت النظام الرأسمالي عجزه عن حلها. ويجد علماء من الصين وأستراليا وأميركا وكندا وألمانيا أنه في عام 2015، كان هناك نحو 1.5 مليار شخص يعيشون في مناطق معرضة للزلازل. وهذا العدد آخذ في الارتفاع بسرعة، ولا سيما في البلدان المعرضة للخطر في الشرق الأوسط، ووسط وجنوب آسيا مثل أفغانستان وباكستان والهند وبنغلادش.

لقد وقعت الكارثة في مركز حملة الحروب الإمبريالية التي تشنها قوى “الناتو” بقيادة الولايات المتحدة على مدى ثلاثة عقود في الشرق الأوسط، عقب تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991. وقد كلفت الحروب في العراق وأفغانستان وسوريا تريليونات الدولارات وملايين الأرواح، حيث دمرت سوريا بسبب حرب “الناتو” بالوكالة، وأودت بحياة أكثر من 500000 شخص وشردت أكثر من 10 ملايين شخص.

والآن يتم التخلي عن العديد من اللاجئين السوريين الذين فروا من سوريا لإنقاذ حياتهم والعيش في فقر في جنوب تركيا لمصيرهم بعد الزلزال. كذلك، أدلت العشرات من دول حلف “الناتو” بتصريحات رمزية عن إرسال المساعدات إلى تركيا، بينما تجاهلت إلى حد كبير ضحايا الكارثة نفسها في سوريا، والتي لا تزال تحت نظام العقوبات الأميركية الجائر، والذي يحرم سكانها من الوصول إلى الموارد الطبية، وغيرها من الموارد التي هم في أمسّ الحاجة إليها، ليس فقط لمواجهة الكارثة الحالية ولكن للحفاظ على الحياة اليومية.

في الواقع، فإنّ قادة الحكومات في الغرب، الذين يقدمون تعازيهم بنفاق لضحايا الزلزال اليوم، هم المسؤولون في المقام الأول عن الحرب في سوريا، والهدر الكارثي للثروات على الحروب، بدلاً من ضخها في قطاعات الصحة والسلامة العامة.

ومع مستوى تطور العلوم والصناعة، يمكننا بناء مدن مقاومة للزلازل في جميع أنحاء العالم. لكن يتم تجاهل هذه الدعوة في طريقة تصميم المدن والبنى التحتية المتطورة المقاومة للزلازل، وكذلك النداءات للتحضير للإنقاذ والمساعدة خلال وقوع الكوارث.

لا شك، أنّ الكوارث بطبيعتها مشاكل عالمية تتطلب حلاً منسقاً تعاونياً بين كل الدول، لكن ما يمنع ذلك هي المصالح الربحية لمجموعة محدودة من الرأسماليين على حساب الأكثرية الساحقة، عبر تقسيم العالم إلى دول متصارعة على الدوام وتمنع التقدم. واتضح هذا أكثر في عدم وجود استجابة هؤلاء لأزمة جائحة كورونا، أو لتغير المناخ العالمية. وبدلاً من ذلك، فإنّ القوى الغربية تهدد الآن البشرية جمعاء بالحرب العالمية الثالثة، من خلال تصعيد حربها على روسيا في أوكرانيا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.