زمن احتكار ’المستقبل’ للصوت السني ولى

موقع العهد الإخباري ـ
فاطمة سلامة:
لم يهضم الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري وحاشيته الأصوات المطالبة بتوزير سُنة خارجين عن عباءة تيار “المستقبل”. يتمنى هؤلاء لو أنهم احتكروا الصوت السني أبد الدهر. قوانين الانتخاب التي سادت في السابق أعطتهم مرادهم في هذا الإطار. لكنّ القانون النسبي كسر قاعدة الاحتكار، وأعطى كل ذي حق حقه وفقاً لحجمه. ما شكّل نكبة النكبات بالنسبة لتيار “المستقبل” الذي يُدرك هذه المرة استحالة تجاهل الأصوات السنية المعارضة لسياسته. هذا الحزب لم يعد الآمر الناهي في القرارات السنية. تماماً كما لم تعد له الكلمة العليا في الاستحقاقات، فزمن الاستئثار ولى الى غير رجعة، ولم يعد مسموحاً العبث بالرأي العام السني، وتجاهل شريحة واسعة منه. استبعاد النواب السنة من التمثيل الوزاري يدخل في هذا الإطار. إصرار مستقبلي على تجاهل كتلة وازنة من النواب، يقابله تشبث بهذا الحق الطبيعي، الذي لا تنازل عنه، وفق ما أكّد المجتمعون في اللقاء التشاوري الذي عقده النواب السنة أمس في دراة النائب عبد الرحيم مراد الذي يشدد على أحقية هذا المطلب، والإصرار عليه.

اللقاء الذي حضره ستة من النواب السنة الفائزين في الانتخابات والخارجين عن طوع تيار “المستقبل”، أصرّ خلاله المجتمعون على الحق في التمثيل الحكومي شأنهم في ذلك شأن العديد من القوى السياسية، وفق ما يؤكد مراد لموقع “العهد” الإخباري. برأيه، فإنّ نتائج الانتخابات والأعراف السائدة تخوّلنا الحصول على تمثيل حكومي، ولا أحد يستطيع تجاوزنا أو سلبنا هذا المطلب”. وفق حسابات رئيس حزب “الاتحاد” فإنّ عشرة نواب سنة معارضين، يحق لهم التمثل في وزارتين. وهنا، لا يمانع مراد ما يشاع عن نية حريرية بإعطاء رئيس الجمهورية وزيراً سنياً، ليذهب الوزير المتبقي الى نائب من تكتل النواب السنة المعارضين، بحيث يمثّل الجميع”.

طالما حاول تيار “المستقبل” بقيادة آل الحريري الامساك بالطائفة السنية كلياً، وربطها بالمملكة العربية السعودية لإعطائها حق التدخل في الشأن الداخلي. هذا الواقع يُشدّد عليه النائب الوليد سكرية أحد الحاضرين في الاجتماع. برأيه، حارب تيار “المستقبل” آل كرامي في الشمال وعمل على تحجيم دورهم. نازل بيت سلام في بيروت وعمل على إفلاس المقاصد التابعة لهم. كذلك الحال بالنسبة لآل سعد في صيدا، إذ سعى سعيه لقطع الطريق على تمثيلهم النيابي. كما حارب مراد في البقاع، وكل ذلك برأي سكرية سعياً وراء احتكار الرأي السني، وقطع الطريق أمام أية حالة سنية مستقلة عن آراء ومواقف تيار “المستقبل”. في قاموس هذا الحزب، يجب محاربة كل سني يعارض سياسته المرتبطة حكماً بأولياء الأمر والنعمة في السعودية، حسب ما يرى سكرية.

الواقع المذكور والمستشري منذ زمن في عهد القانون الأكثري، تلقى الضربة القاضية على يد القانون الجديد، برأي سكرية، فسقط بحكم عدالة التمثيل. ففي عام 2009 مثلاً بلغت نسبة المعارضين لسياسة تيار “المستقبل” نحو 40 بالمئة في بيروت وصيدا والشمال، إلا أن قانون الانتخابات غير العادل لم يعط هذه الشريحة حقها الطبيعي في التمثيل، فجرى تهميشها. هذا الأمر لم يعد موجوداً الآن. الانتخابات أفرزت عشرة نواب سُنّة بميول مختلفة عن ميول تيار “المستقبل”، وحالة سنية ذات توجهات وطنية تُطالب بتمثيلها في الحكومة، يصبح معها تكرار تجربة السنوات الماضية صعبة بل مستحيلة. بالنسبة لسكرية، انقلبت المعادلة مع القانون الجديد. “المستقبل” الذي كان يعتبر الممثل الوحيد لتيار “المستقبل” والذي استأثر لسنوات بميثاقية القرار الحكومي السني، أصبح له منافسين وأخصام معادون لسياسته المرتبطة بالخارج، ولن ينفع تجاهلهم مُطلقاً هذه المرة، وأية محاولة من القوى السياسية الأخرى لتجاوزنا، هي محاولة تآمرية على الذات قبل الآخرين” يختم سكرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.