سؤال في ذكرى الوحدة .. هل تم تنعيج الأمة؟!

shaker-shubair

موقع إنباء الإخباري ـ
د. شاكر شبير:
في الثاني والعشرين من شباط/ فبراير قبل سبعة وخمسين، كان حلم الوحدة العربية التي رسخت في وجدان الأمة قد بدأ في أول خطواته، وقد كان ببساطة رداً على المشروع الصهيواستعماري لشرذمة الأمة والذي تقرر في وثيقة بنرمان!
المشروع الصهيوأستعماري يقف ضد وجود كتلة متجانسة تمثل العمود الفقري للأمة كلها. هذه الكتلة المتجانسة التي لاحظها الاستعمار هي العروبة وقد لاحظها الاستعمار عندما رأى أن الفرد يسير من البحرين إلى مراكش فلا حواجز لغوية أو دينية أو ثقافية أو تطلعات ورؤية تحجز بينها.
هذا الجسم إن توحد فسيكون كيانا يتحكم في مصير العالم! لذا لا بد أن يبقى متشرذما، ومن هنا تبدو ضرورة وضع جسم غريب يفصل مشرقه عن مغربه؛ فكان الكيان الصهيوني المسمى إسرائيل!
الاتجاه الوحدوي العروبي لدى الرئيس عبدالناصر لم يكن مشروعا قوميا شوفينيا بل كان مشروعا عروبيا يتكامل إسلامياً وإنسانياً لمجابهة المشروع الصهيواستعماري الذي يستهدف الأمة. ولهذا السبب فأنا لا أستخدم لفظة قومي لأنه من الصعوبة بمكان تنقية مفهوم “القومية” من ظلال تاريخيته عبر المسيرة البشرية.
من هنا كان التعامل مع القوى الاستعمارية خيانة عظمى بحق الأمة، ومن يقوم به كان يقوم به سراً، لأنه إن ظهر للعلن انحرقت ورقة صاحبه! كان يكفي أن تثبت أن هذا أو ذاك على علاقة بالمخابرات في اي بلد استعماري، فتنحرق ورقته تلقائيا! كم مرة نفى الملك حسين أن له أي اتصال بالكيان الصهيوني عندما تطفو على السطح أدلة على ذلك؟! بل ويأخذ طائرته إلى القاهرة، ليشرح للأخ الأكبر حقيقة الأمر! لم يستطع الملك حسين أن يقف في وجه التيار العروبي واضطر إلى المبادرة بطرد جلوب من قيادة الجيش العربي الأردني. وطار كميل شمعون في لبنان! وسقطت الأحلاف الاستعمارية كحلف بغداد والحلف المركزي. لقد كانت خيانة الأمة فسقا لا يجرؤ الخائن على إظهاره للأمة.
اليوم تولدت جرأة لدى العملاء وتحول فسقهم إلى فجور؛ إن عرفنا الفجور بأنه المجاهرة بالفسق! فهاهم الإخوان المسلمون في أرض الكنانة يطلبون رضا إدارة أوباما لتعزيز حظوظهم في احتلال كرسي الرئاسة على أرض الكنانة، وبالتالي يوجهون بوصلة جهادهم من فلسطين إلى سوريا! وها هو عميل الكيان الصهيوني المجاهر بعمالته سمير جعجع يجد من يرشحه للرئاسة اللبنانية، بل وممن يدعون بأنهم يمثلون أهل السنة! وها هو رئيس جمهورية اليمن المستقيل منصور هادي يهرب ليلتقى يوم السبت، جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد، بمسؤولين أمريكيين في القصر الجمهوري بعدن، ويثمّن “مواقف دول مجلس التعاون الخليجي الداعمة لشرعيته في اليمن، ويطلب منها دعم اليمن كما دعمت أفغانستان والعراق من قبل، وليحث المجتمع الدولي الذي قام يوما ما بحماية الشعب الفلسطيني، على اتخاذ الإجراءات لحماية العملية السياسية في اليمن! بل وتجد تنظيما من المخزي أن يطلق على نفسه التنظيم الناصري يؤيد الرئيس المستقيل فيما ذهب إليه! وها هو رئيس السلطة في فلسطين تنتهي ولايته فيمدد له الكيان الصهيوني وتفرضه الحراب الصهيونية على الشعب الفلسطيني ليس سنة أو اثنتين، بل فترة رئاسية كاملة والعملية مستمرة!
لا تستطيع الأمة الادعاء بأنها لا تعرف في ظل ثورة الاتصالات والثورة المعلوماتية، فهل جرأة العملاء التي حوّلت فسقهم إلى فجور سببها نجاحهم في تنعيج الأمة، كمدخل لوأد مقاومتها للمشروع الصهيواستعماري؟! أم أنه مازال هناك جمر تحت الرماد؟! فلا يمكن الادعاء بأنهم قد اشتروا كافة ضمائر الأمة من خلال مليارات الدولارات السائبة؟ فالله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.