سفن “السيد” لنجاة لبنان.. ماذا في القانون وقواعد الاشتباك؟

موقع العهد الإخباري-

شارل ابي نادر:

في الواقع، لا يمكن اعتبار نقل سفينة نفط أو أكثر من دولة الى أخرى، أمرًا غريبًا أو استثنائيًا أو طارئًا، خاصة اذا كان هناك التزام بمعايير السلامة البحرية وبشروط وأسس التجارة والنقل من الناحية القانونية. فهذا الموضوع يدخل في أساس التجارة العالمية والدولية، وتعيشه الدول وتمارسه بكل تفاصيله اليومية والتجارية، ولكن…

كان لمشروع بدء نقل مشتقات نفطية من ايران الى لبنان – بمعزل عن أنواع هذه المشتقات أو عن كميتها – بعدٌ استثنائي، في السياسة وفي القانون وفي قواعد الاشتباك الاقليمية، كما كان لهذا الحدث، وسيكون حتمًا، ومع انطلاقه عمليًا، وعلى لسان الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، بعد أن أبحرت أول سفينة (نفطية) من ايران نحو لبنان، تأثيرٌ مفصليٌّ في عناصر الصراع والمواجهة بين الأميركيين والاسرائيليين من جهة، وبين لبنان الدولة والمقاومة من جهة أخرى، خاصة وبالتحديد بعد أن أشار سماحته الى أن السفينة تصبح بعد انطلاقها من المرافىء الايرانية أرضًا لبنانية، وهذه الأبعاد والعناصر يمكن تحديدها بالتالي:

* في القانون

القانون اللبناني يحدد وفي المادة 17 من قانون العقوبات، وتحت عنوان “الصلاحية الاقليمية لتطبيق الشريعة الجزائية من حيث المكان” أنه يكون في حكم الأرض اللبنانية لأجل تطبيق الشريعة الجزائية اللبنانية:
البحر الاقليمي (20 كلم) من الشاطىء
المدى الجوي فوق البحر الاقليمي.
السفن والمركبات اللبنانية.

والمادة 19 حول الصلاحية الذاتية للحكومة اللبنانية: “تطبق القوانين اللبنانية على كل لبناني أو أجنبي، أقدم – خارج الارض اللبنانية – على ارتكاب احدى الجنايات ضد سلامة الملاحة الجوية والبحرية”. ومن هذه الجنايات: “ارتكاب عن قصد، الأفعال التي تعرّض سلامة ملاحة السفينة للخطر باتلافها أو بإحداث أضرار فادحة بها”.

من هنا تأتي قانونية اعتبار السفينة أرضًا لبنانية أو من ضمن المكان الذي للبنان صلاحية اقليمية عليه، وحيث من السهل أن تصبح هذه السفينة مملوكة من لبناني أو من شركة لبنانية بدقائق، ومع قيامها بنقل نفط لبناني تم استيراده من ايران أو من دولة أخرى، بشرائه أو بالحصول عليه بأية طريقة ثانية، وبالتالي، أصبح للبنان الحق باعتبار استهداف السفينة اعتداءً على سيادته.

* في القانون الدولي

لا يحق لأي دولة أو طرف أو جهة، الاعتداء على سفينة تابعة لدولة أخرى، اذا لم تتجاوز الأخيرة القوانين الخاصة والعامة المتعلقة بالانتقال داخل المياه الاقليمية للدولة المعتدية ودون اذن من الاخيرة، أو اذا كانت قد التزمت بالقوانين الدولية المتعلقة بشروط الابحار في المياه الدولية أو أعالي البحار، ونقل المواد المسموحة والالتزام بمعايير التجارة الدولية.

ايضًا، لا يحق لأي دولة أو أكثر (تحالف دول) الاعتداء على سفينة لدولة أخرى، أو منعها من الابحار ونقل المواد، اذا لم يكن هناك قرار اممي وتكليف رسمي صادر عن مجلس الامن الدولي او عن اية مؤسسة اممية اخرى ذات صفة قانونية دولية، حتى لو كانت الدولة المعتدية أو التحالف المعتدي قد فرض عقوبات اقتصادية أو حصارًا على الدولة مالكة السفينة المعتدى عليها أو المزمع الاعتداء عليها.

من هنا، واستنادًا للأسس القانونية المذكورة أعلاه، لا يحق للأميركيين أو للاسرائيليين، أو لأية دولة أخرى ايضًا، منع أو عرقلة أو تأخير مسار سفينة متجهة الى السواحل اللبنانية، حتى لو كان هؤلاء قد فرضوا عقوبات اقتصادية أو حصار أو ما شابه على لبنان، وكل تجاوز لهذه المعطيات القانونية، يعتبر اعتداء على السيادة اللبنانية، ومخالفة للقوانين الدولية.

* في “قواعد الاشتباك”

الموضوع هنا واضح كالشمس، حيث الاعتداء على لبنانيين، عسكريين كانوا أو مدنيين أو مقاومين، أو على أرض لبنانية، اذا كانت بقعة جغرافية أو منشأة مدنية أو عسكرية أو سفينة لبنانية، يعتبر اعتداءً على سيادة لبنان، وبالتالي يدخل من ضمن عناصر وقواعد الاشتباك المحددة بين لبنان والدول الخارجية التي تعتدي، و”اسرائيل” بالتحديد، والتي هي أقرب الى امكانية الاعتداء على السفن المذكورة، وعليه، يشكّل هذا الاعتداء لو حصل، كسرًا لقواعد الاشتباك، وسيترتب عليه كل مفاعيل الرد المثبتة في هذه القواعد السارية المفعول بين لبنان والعدو الاسرائيلي.

* في “الحق بالحياة وبالعيش”

أن يتم الاعتداء على سفينة تنقل مشتقات نفطية الى لبنان، بعد أن أصبح الأخير بأمس الحاجة لهذه المواد الضرورية، وبعد أن أصبح فقدان هذه المشتقات أو وجودها بشكل نادر وغير كاف، بدأ يشكل خطرًا على معيشة وحياة اللبنانيين، وحيث أصبح هذا الأمر بمثابة خطر وجودي، بمعزل عما يقول القانون الدولي أو ماذا تقول قواعد الاشتباك، أو بمعزل عن سبب هذا الفقدان (سياسي أو مالي أو غير ذلك)، فإن للبنان، الدولة أو الجيش أو المقاومة، الحق بمواجهة هذا التعدي، وأيضًا، وهذا هو الأهم، على لبنان، الدولة أو الجيش أو المقاومة، واجب التصدي لهذا الاعتداء والعمل على ابعاده، بأية وسيلة ممكنة.

انطلاقًا من كل ذلك، فيما يرعاه القانون اللبناني والدولي، أو فيما تضبطه قواعد الاشتباك، أو فيما تحميه الشرائع الدولية وحقوق الإنسان بالعيش والحياة الكريمة، يحمل نقل النفط أو المشتقات النفطية الإيرانية إلى لبنان، كل الأطر القانونية والإنسانية والسياسية والسيادية، وكل عرقلة أو منع لذلك، يشكل اعتداء صارخًا على سيادة وحقوق لبنان، وعلى كل لبناني شريف ومخلص وواعٍ ومنطقي، أن يدعم موقف الأمين العام لحزب الله في هذه الخطوة، وكل من يصوب عليها ويحاول عرقلتها، عن حسن نية أو عن سوء نية، بدفع شخصي أو بدفع خارجي، يعتبر خائنًا وغير مخلص للبنان ولحقوقه الطبيعية ولأمنه القومي والغذائي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.