سمير الشهداء

jaafar-sleem-kountar

موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم:
قبل 48 ساعة من اغتيال المناضل سمير القنطار، مساء السبت الواقع في 19\12\2015 أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراً لمواطنيها تطلب فيه عدم التوجه إلى الكيان الصهيوني. ومن المعروف أن مثل هذه التحذيرات عادة ما تصدر قبل تنفيذ أي عمل أمني يحصل في أنحاء العالم، إلا أن اللافت كان تسمية الكيان الصهيوني، وبالفعل حصل عمل إرهابي من دولة الإرهاب العالمي المستمر منذ تأسيسها في عام 1948.
إذاً، حصل الإغتيال عن بعد، من خلال أربعة صواريخ ذكية أُطلقت من الأجواء الفلسطينية باتجاه منطقة جرمانا، إحدى ضواحي ريف دمشق، والقريبة من منطقة بيت سحم، حيث يسيطر المسلحون على المنطقة، ومنها يُطلقون قذائف الغدر تجاه المدنيين.
المهم عند العدو الصهيوني ما قاله أحدهم: “أن العالم اليوم أفضل بعد تصفية القنطار”. والصهاينة أنفسهم يدركون أن العالم لن يكون أفضل ولا آمن، بسبب استمرار إحتلالهم لفلسطين وأراضٍ عربية في سورية ولبنان والسعودية، لذلك نجد أن القنطار ومن معه في مجموعته القتالية عندما نفذوا عملية تحمل اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في العام 1978، إنما كانوا يقومون بالحفاظ على ديمومة المقاومة الفلسطينية التي أطلقت رصاصتها الأولى في العام 1965 والتي هي أيضاً ضمن استمرار العمل المقاوم لتحرير فلسطين من الاحتلال الإنكليزي، ولاحقاً من الاحتلال الصهيوني.
في العام 2008 حرر القنطار بعد صراع طويل مع السجان الذي قال له “لن يخلق الله أحداً يستطيع إخراجك من السجن”.
ولكن رجال الله كانوا بالمرصاد، وخلق الله الرجل المناسب في الزمن المناسب، وأطلق الوعد الصادق لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، بالرغم من المعادلات الأمنية والإستراتيجية التي أطلقها رأس الهرم الأمني والسياسي في الكيان الصهيوني، وأطلقت المقاومة الاسلامية بدورها معادلات غير قابلة للكسر ومنها: “لا عملية تبادل أسرى لا تشمل عميد الأسرى سمير القنطار”، وهذا ما حدث، لا بل أضاف القنطار معادلة جديدة حيث قال بعد تحريره ووصوله إلى لبنان: “لم أعُد إلا لكي أعود إلى فلسطين”، وعاد إليها بروحه مستشهداً.
الحاجة أم جبر وشاح، والدة سمير القنطار بالرعاية، والتي واظبت على زيارته في السجون الصهيونية لسنوات طويلة، نظراً لمنع الزيارات عنه من أهله في لبنان، أسرّت قبل 3 أيام من استشهاد سمير لأولادها، وهم زملاء زنزانة له: “رأيت سمير شهيداً و قلبي وغوشني عليه وحابّة اطّمن وأشوفه واعبطه “.
بعد عشر ساعات من الاغتيال ولد طفل في غزة، وحمل اسم سميرالقنطار، وهذا بعض من وفاء أهل فلسطين تجاه سمير وإخوانه، إلا أن الوفاء الكبير يبقى عند رفاق سمير القدامى والجدد، ليستمروا في ذات النهج المقاوم لمواجهة العدو المحتل.
معادلة إغلاق الحساب يجب أن تسقط، فالحساب لم ولن يُغلق ما دامت هذه الغدة السرطانية تنهش بجسد الأمة العربية و الإسلامية.
معادلة أخرى يجب إسقاطها، وهي القصف عن بعد، التي بدأها العدو الصهيوني بحيث إنه يقول لحليف سوريا، الاتحاد الروسي إن مصالحك محفوظة وعليك الاستمرار بتفهّم مصالحنا، وهذا ليس جديداً على روسيا، إلا أن الجديد المتوقع حصوله هو ما ستفرضه المقاومة من خلال ردّها على الاغتيال. فالاتفاق مع الروسي على مواجهة التكفيري لا يمنع المقاومة من فرض معادلة جديدة تخترق فيها الحدود المصطنعة.
سمير القنطار، اللبناني الهوية، والفلسطيني الحب، وغيره الكثير من المناضلين العرب والأجانب، اخترقوا حدود سايكس – بيكو، قاتلوا وقُتلوا على طريق القدس، ومنهم من ووري الثرى فيها.
سمير القنطار وحّد بلاد الشام، حيث ولد في لبنان وعاش في فلسطين واستشهد في سوريا.
رفاق سمير سيواصلون حمل الشعلة التي ازدادت توهجاً اليوم بفضل دمائه الزكية، وسيرمونها بوجه العدو ومن معه.
لقد بذل العدو جهداً كبيراً لجعل القضية الفلسطينية كتلة من النار، كل ما اقترب منها أحد يشعر بحرارتها أكثر، وهذا ما جعل الكثير من المتخاذلين يفضلون الفرار والابتعاد، ولكن من وضع الله في قلبه، وسعى لنيل رضاه، يشعر بوجوب الاقتراب أكثر فأكثر للوصول إلى إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.