سوريا .. ورقة الكيماوي في طريقها إلى الاحتراق

Syrian-Chemical-Weapon

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
الانتقاد الذي وجهته روسيا على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إلى نظيراتها الأعضاء في مجلس الأمن حول تمسكها بالأسطوانة المشروخة التي تزعم فيها استخدام الجيش العربي السوري الأسلحة الكيماوية، هو انتقاد له ما يبرره، ذلك أنه يأتي في الوقت الذي قدمت فيه موسكو الأدلة المؤكدة على قيام العصابات المسلحة باستخدام غاز السارين في خان العسل بريف حلب، ووضعت هذه الأدلة لدى الأمم المتحدة وزودت بها كلًّا من واشنطن ولندن وباريس، وامتعاض موسكو من عدم تجاوب هذه العواصم مع أدلتها بمسؤولية.
إنه من الطبيعي أن ترفض هذه العواصم الاعتراف باستخدام من تدعمها من العصابات المسلحة أسلحة كيماوية وتتمسك بروايتها، وأن تنسج “نظريات ساذجة” و”سيناريوهات غريبة” وتفبرك قصصًا مزعومة من قبيل أن “حادث خان العسل نتج من خطأ في إطلاق النار ارتكبه الجيش السوري بحيث أصاب جنوده”، مثلما دافعت من قبل وأقامت الدنيا ولم تقعدها على مجازر ارتكبتها تلك العصابات الإرهابية بحق الأبرياء السوريين لا لسبب سوى أنهم انتصروا لوطنهم سوريا، وأظهروا ولاءهم وانتماءهم لها، مؤكدين رفضهم أي مساس بها، فتمت معاقبتهم على النحو الذي شاهده الجميع بمجازر جماعية ورمي من النوافذ وغيرها، وصورت وأخرجت إلى العالم بتلك الصور الكاذبة المدلَّسة والمفبركة بأن الجيش العربي السوري هو من ارتكبها؛ لأن التسليم بالأدلة الروسية والاعتراف بالجرائم التي ترتكبها العصابات الإرهابية لا يعني سوى انهيار المشروع الصهيو ـ أميركي الذي أحد أهدافه الاستراتيجية تدمير سوريا، ذلك أن انفضاح كل الدعايات والشعارات الزائفة بإقامة “ركائز الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان” والتي ساقها معسكر تدمير سوريا أمام الرأي العام في الدول المكونة لهذا المعسكر، والتي تتستر بهذه الشعارات والدعايات وتتخذ منها مبررًا لتجنيد العصابات الإرهابية وتزويدها بالمال والسلاح، وبالتالي لم تكن حقيقة هذه الشعارات والدعايات الزائفة إلا عبارة عن ركائز الإرهاب والعنف والتدمير والتهجير.
على الجانب الآخر، وهذا هو الأهم، أن دول معسكر تدمير سوريا تدرك أن جميع الأوراق على الأرض أصبحت بيد الجيش العربي السوري الذي استطاع ـ بفضل الله والتفاف الشعب السوري وحكومته ـ أن يثبت أنه جيش وطني حامي حمى سوريا وشعبها، وقد مكنته عقيدته من كشف حبال المؤامرة وتقطيعها شيئًا فشيئًا، وبالتالي لم يعد هناك على الأرض ما يمكن لدول التخريب والتدمير أن تساوم أو تماطل به سوى الأسلحة الكيماوية واتهام الجيش العربي السوري باستخدامها، كما أن هذه الدول تدرك أن الروس لا يقدمون على خطوة من هذا النوع، وبحجم تقديم أدلة على استخدام العصابات الإرهابية غاز السارين إلا بعد يقين وتثبت ومن واقع خبرة طويلة وكبيرة، في الوقت الذي أصبحت فيه الكلمة للجيش العربي السوري وتراجع العصابات الإرهابية تحت ضرباته من ناحية، ومن ناحية أخرى ترسخ الوعي الوطني لدى الشعب السوري بالخطر الداهم الذي تمثله هذه العصابات الإرهابية من عنف وقتل وتدمير وإرهاب وحصار، والتفافه حول الجيش السوري وتنظيمه المظاهرات الحاشدة للتعبير عن عدم رغبته بهذه العصابات، وللتعبير عن رفضه لممارساتها الإرهابية، وما المظاهرات التي سيرها السوريون في بلدة منبج في محافظة حلب وهم يهتفون “برا، برا، برا، الدولة تطلع برا”، في دعوة مكشوفة لخروج ما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام” المرتبطة بتنظيم القاعدة من بلدتهم، إلا أحد النماذج على افتضاح المؤامرة ضد سوريا وانكشافها لدى الشعب السوري ولدى المدافعين عنه صدقًا وحقًّا.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستشهد الأيام القادمة عملية حسم تؤدي حول الأسلحة الكيماوية، خاصة بعد موافقة دمشق على استضافة خبراء أمميين للتمهيد في إمكانية إجراء تحقيق بشأن استخدامها وبما يضع حدًّا للأكاذيب التي تطلقها القوى الداعمة للإرهاب في سوريا، ويؤدي إلى احتراق هذه الورقة؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.