شتات المرتزقة لن يحول دون الحسم الروسي

وكالة أخبار الشرق الجديد-

غالب قنديل:

تسعى الولايات المتحدة ودول الغرب الأطلسية لتجميع وحشد المرتزقة في أوكرانيا وتوضيعهم على خطوط القتال ضد الجيوش الروسية، التي تتميز بتفوق كبير بفضل انسجامها التعبوي وتماسكها وصلابتها لاعتبارات قومية وثقافية تاريخية. وقد ساد وانتشر الوهم والتعميم الإيديولوجي عن هزيمة روسية مفترضة ومزعومة في إسقاط رغبوي منفصل عن الواقع، بينما تؤكد الوقائع العكس.

لم تكن القوات الروسية في نزهة يسيرة، ومن المبالغة تقليل حجم ما تلاقيه من عوائق نارية وقتالية في تقدمها خصوصا، حيث تتمركز وحدات فاشية. ولكن حجم الآلة العسكرية الروسية وخبراتها المتراكمة في ميادين وحروب متعددة مركبة الأنساق، تنعكس في مسرح العمليات بقدرة عالية في عزل العقد وتفكيكها وتخطّي العوائق.

طبيعة العدو الفاشي بالذات، ترجّح كفّة التفوق الروسي، وتمدّ الجيش الروسي بزخم تعبوي، يرفده احتضان شعبي يقلل من وطأة الخسائر وأثرها المعنوي. فشبح انبعاث الفاشية في الخاصرة، هو محفّز بالتوازي لنهضة روسية قتالية واسعة وانعاش لذاكرة الملاحم الغابرة، التي خاضها الروس في مقاومة النازية.

كانت البطولات السوفيتية الخالدة عنصرا رئيسيا في بناء ونسيج المجد الروسي خلال القرن العشرين، وما تزال ذكريات الحرب الوطنية خلال الحقبة السوفيتية مثار فخر شعبي، تتعدى شكليات التعبير عنها حدود تكريم أبطال الحرب الوطنية واحتفالات أعياد النصر.

هذه الذاكرة الوطنية الجمعية مكرّسة في مئات الروايات والأشرطة السينمائية، التي يتفاخر الروس باقتنائها، وتحظى بمكانة خاصة ومميزة في مكتباتهم وذكرياتهم وثقافتهم العامة. وتبدو يائسة رهانات الغرب على كسر القاعدة التاريخية بالاستناد إلى أدوات هجينة بلا جذور، هي ظواهر مخلعة وهياكل خاوية بالكاد تخدم البروباغندا السخيفة، التي ينظّمها الغرب بقيادة الولايات المتحدة.

يكتمل مشهد العجز الأميركي بإكراه واشنطن تحت ضغط التحولات على التواصل مع الصين والتودّد اليها. والأكيد أن معسول النفاق الكلامي لن يخدع بكين بما لديها من معلومات ووقائع عن السياسات الأميركية العدائية، التي تحتّم التلاقي الروسي الصيني، وإزاحة العوائق السياسية والثقافية، التي تراكمت أمام مصلحة استراتيجية واقتصادية براغماتية أقوى وأصلب من الخداع الأميركي في وعي القادة الروس والصينيين.

إن التطورات المتراكمة استراتيجيا واقتصاديا جبَّت ترسبات عقود مشحونة بذاكرة النزاع السوفيتي -الصيني، التي باتت جزءا من الماضي للدولتين، بعد التحولات التي شهدها البلدان العظيمان، وبينهما آفاق تكامل وتكتّل متاحة، تعد بالكثير.

تدرك كل من موسكو وبكين مصالحهما المشتركة في العمل معا بكلّ الوسائل المناسبة لصدّ الغطرسة الأميركية الغربية، وهي مصدر تهديد حقيقي، تستشعران مخاطره معا، ولاعتبارات متماثلة اقتصادية واستراتيجية في عالم متحوّل يغلي بالتغيير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.