شكراً لكل الأغبياء

beirut-street

موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:

شكراً لكم ، شكراً لكم .
فقضيتي انهزمت على أبواب قصوركم، شكراً لكم، فهويتي سقطت، في محافل ظلمكم. شكراً لكم، يا من أقمتم للعدالة مسرحاً، هو وطني، وفي وطني يكرم الجلاد، ويستمر جَلد الضحية.
شكراً لكم، القلب يهتفها لكم، والروح تهتفها لكم، ويداي تجمع غارها، تنثره فوق رؤوسكم.
وأهلل وأُكبر وأصلي وفق صلاتكم، واتبع صوت آذانكم، أرضى بجوعي لأجلكم، أرضى بفقري لأجلكم، ما عدت أدري لما الحياة… ففي وطني كل الحياة لأجلكم…
شكراً لكم يا سادتي…
فلقد رفعتم إسم بلادي عالياً، وحتى نشيد بلادنا، ذاك المزور قد أمسى أيضاً عالياً، قد نبذتم عنا كل التقاليد القديمة، كل العادات الرثّة البالية التي تتحدث عن العرض والشرف والنضال والكرامة، قد زرعتم فينا مفاهيم التطور والحضارة والتغيير والانفتاح. جميلة هي حضارتكم، هذه الحضارة التي ترى في أدهم خنجر لصاً وقاطع طريق، وفي ملحم قاسم مجرماً خارجاً عن القانون. جميلة هي هذه الحضارة التي علمتنا كيف نكرم المحتل (عفواً.. المنتدب)، وكيف نزيّن شوارعنا بأسماء من استعمرنا وأذلّنا وقتلنا. جميلة هي عاصمتنا التي تحمل عناوين ما أنزل الله بها من سلطان. ديغول حاضر بيننا وكليمنصو حاضر بيننا وغيرهم وغيرهم، وكأنه لا يوجد في وطني تاريخ للصبّاح فاستعضنا عنه بمدام كوري، أم أن جبران عار على الفكر فغيّبناه كي لا يطالنا عاره.
جميلة هي ثقافتكم، تلك التي لا تحمل إرث كرامتنا، تلك التي تخجل من أن تذكر في كتب التاريخ أن إسم لبنان ومجده لم يصنعه أبطال الساحات المسماة على أسمائهم، بل صنعه أولئك الشهداء الذين كتبوا بدمائهم عنوان الوطن في محافل البطولة.
لكم عذركم، فمن يسمي الشوارع على إسم شهيد وقد اعتاد الهزيمة، ومن يسمي الشوارع على إسم الأبطال وقد اعتاد الانكسار.
من الطبيعي أن تخجلوا من إطلاق أسماء الأبطال على شوارعكم، فكيف لدولة رُكّبت كما يريد المستعمر أن تسمي شوارعها على اسم من دحر المستعمر، وكيف لدولة تنكرت لمقاومتها أن تسمي شوارعها على أسماء مقاوميها…
ليس…. فلن يصلح العطار ما أفسد الدهر…
ولكن شكراً لكم…
شكراً لكم وأنتم اليوم تستعدون لتسجيل عار جديد على جبين تاريخنا، شكراً لكم وأنتم اليوم تمسحون دماءً أهرقت بلا سبب وتكرّمون جلاداً استحق عن جدارة لقب فخامة العميل.
شكراً لكم، أيها الذاهبون اليوم لتشهدوا أمام الملأ مسؤوليتكم عن دماء تل الزعتر، ودماء أهدن، والسبت الأسود الذي لم يأتِ يوم أشد منه سواداً إلا اليوم الذي تطلقون فيه اسم بشير الجميل على أحد شوارع العاصمة.
أيها المجتمعون اليوم من أصحاب الدولة،
ألا تيمموا وجوهكم شطر بيت الكتائب، من هنا خرج العميل وهنا خطط لكل جرائمه التي ارتكبها بحق الوطن، هنا وحّد بندقيته على حساب شهداء الجيش اللبناني، وهنا أصدر أمره بالذبح على الهوية، وهنا فقدنا أهلاً لنا وأحبة.
يا سادتي، لطفاً لا تخجلوا، نادوا على المحتفين ولا تخجلوا، اطلبوا منهم أن يرفعوا الصور التي جمعت بشير بشارون وضباطه من اليهود. ارفعوا صور مجزرة تل الزعتر، لا تخجلوا. ارفعوا صورة طوني فرنجية وزوجته وابنته، لا تخجلوا.
ولمَ الخجل ولقد تكرم قبله عملاء وعملاء؟
لمَ الخجل ودم رشيد كرامي تم بيعه بثلاثين من الفضة ومثله دم دوري شمعون؟
لا تخجلوا، فكرّموا وكرّموا وكرّموا ، فليست بعيدة عنكم ساحة الذي أعدم من أراد للوطن نهضة ورقياً.
كرّموا من شئتم وكما شئتم، ولكن لو تبقى لديكم ذرة من الأخلاق، هل تتكرمون علينا وتغطوا وجوه الأبطال الذين يقفون في ساحة الشهداء؟
غطوا وجوههم ولا تقتلوهم مرة أخرى وبنفس سلاح المستعمر.
تكرموا علينا وغطوا معالم لبنان النضالية الجهادية، غطوا وجه بيروت خالد علوان ورصاصات الحق في الوِمبي، غطوا وجه المتحف الذي شهد أعنف معارك التصدي بوجه العدو اليهودي، غطوا وجه ضاحية الله الجنوبية، ضاحية الحاج عماد، غطوا وجه جنوب بلال فحص، ووجه جمّول، غطوا وجه جبل ابتسام ووجدي وبقاع السيد عباس، غطوا شمال رشيد كرامي، غطوا لبنان الصدر واكشفوا فقط عن وجه جادتكم…
وهكذا لن يلحق العار إلا بكم، فلبنان المقاوم منكم براء، ولبنان الشهادة منكم براء، وكل الحق في وطني منكم براء…
شكراً لكم… شكراً لكم…
شكراً لكل الأغبياء …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.