صراع قطري سعودي لكسب ودّ الصهاينة

صراع قطري سعودي لكسب ودّ الصهاينة

في أواخر شهر ماي 2012، نشرت مقالا تحت عنوان ”السعودية وقطر الراعيان الرسميان للإرهاب الدّولي”، كتبت فيه ما يلي: “ولم لا يمكن القول اليوم، ما دام أن شكل التفجيرات التي وقعت في سوريا، مُشابه تماما لشكل التفجير الذي أودى بحياة سعد الحريري في بيروت، بأن السعودية والقاعدة متورّطتان في عملية الإغتيال هذه !؟ وحتى وإن لم يثبت تورّط السعودية في اغتيال الحريري، فتورطها مع القاعدة في سوريا أصبح شبه محسوم ومؤكد، ما سيجعلها عرضة لابتزاز غير مسبوق من قبل أمريكا وإسرائيل”.

والظاهر اليوم، أنّ التورّط السعودي في دعم الإرهاب الدولي، بات أكثر وضوح من ذي قبل، خاصة مع العمليتين الإرهابيتين، اللتين استهدفتا السفارة الإيرانية ببيروت، وخلّفتا عشرات الضحايا والمُصابين، فالعمليتان تشبهان كذلك عملية اغتيال رفيق الحريري، من حيث حجم التدمير وعدد الضحايا، كما أن تبني كتائب عبدالله عزام، المرتبطة بتنظيم القاعدة، مسؤوليتها عن الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت يوم الثلاثاء 19 نوفمبر، قلّص بشكل كبير هامش الشبهات، وحصرها بشكل يكاد يكون مُباشرا، في كتائب الأمير الشيطان بندر بن سُلطان، الذي وضع المملكة السعودية تحت الإبتزاز الصهيوأمريكي، وإذ أقول ذلك، فمن منطلق أن أمراء آل سعود أصبحوا اليوم من أكبر الحُلفاء للصهاينة، ويتقاطعون معهم في المواقف، وبخاصة منها ما اتصل بالشأن السوري، والملف النووي الإيراني، فآل سعود وآل صهيون، أصبحوا مُتناغمين إلى أقصى الحدود، إلى درجة دفعت برئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي نتنياهو إلى التصريح إن “إسرائيل وبعض دول الخليج “الفارسي” تتحدث بصوت واحد في المشروع النووي الإيراني؛ لذلك يجب على الدول الكبرى الإصغاء لهذا الصوت”. فتصريح كهذا لا يمكن إلا أن يعكس مدى التنسيق بين الأعراب والصهاينة، وهو ما كشفته العديد من وسائل الإعلام، عندما تحدّثت عن زيارات قام بها بندر بن سلطان ومُعاونوه إلى إسرائيل، فالصهاينة إذن باتوا يتحكّمون في سياسة الأعراب، لأن القول بعكس ذلك هو ضرب من الجنون ليس إلا..

وما دام أن التفجير المزدوج الذي استهدف السفارة الإيرانية بقلب بيروت، قد تزامن وتسجيل تقدم كبير في المباحثات بين إيران ودول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فلا يمكن أن تقف وراءه سوى الجهات التي يُقلقها تقارب إيران مع الغرب، أمّا الإدعاء بأن تداعيات الحرب الكونية على سوريا هي ما أفرز هذا العدوان الإرهابي، فلا يُمكن الإعتداد بها على الإطلاق، لأن المصالح الإيرانية لم تُستهدف بهذا الشكل منذ انطلاق العدوان على سوريا، أي منذ أكثر من سنتين، وأكثر من ذلك كُلّه فإن واقع الحال يؤكّد بأن آلة الإرهاب لا تتحرّك إلا في الدول التي تكنّ لها السعودية عداء بائنا، كما هو الحال في العراق وسوريا، واليمن، أو في الدول التي تُقاول مملكة آل سعود فيها لصالح الأمريكيين بالدرجة الأولى، كباكستان.

وما دام أنّ التحالف السعودي الإسرائيلي قد وصل إلى مراحل جدّ مُتقدّمة، فبطبيعة الحال أنّ ذلك لن يُرضي مشيخة قطر، التي كانت تُعتبر أكبر حليف للصهاينة قبل الإنقلاب الذي شهدته المشيخة والذي أطاح بالحمدين، فقطر اليوم، وبعكس ما يُروّج له خليجيا، من أن سبب الخلاف بينها وبين آل سعود مردُّه إختلاف مواقفهما بشأن ما هو حاصل في مصر، إلا أنني شخصيا أرى أنّ صُلب الخلاف يتمثل في إزاحة السعوديين للقطريين من دائرة التحالف مع إسرائيل، لأنّ مشايخ قطر فشلوا في تحقيق أهداف المُؤامرة على سوريا، والإطاحة بالدولة فيها، ما جعل آل سعود يتولّون هذه المُهمّة القذرة، والتي بدأت بوادر فشلها تلوح في الأفق، مع التقدم الكبير الذي يُحقّقه الجيش العربي السوري في الميدان، ما أصاب بندر بن سلطان وباقي أمراء الخيانة في السعودية بحالة هستيريا غير مسبوقة، فراحوا يحرقون الأخضر واليابس، لأنّهم أصبحوا على قناعة، بأن انتصار سوريا، وعودة الدفء إلى العلاقات الإيرانية الغربية، سيكون على حسابهم بالدرجة الأولى، كما أنه سيُعجّل بنهاية عصر العُبودية في بلاد الحجاز، ويُعيدها بدون آل سعود إلى جغرافيتها العربية والإسلامية.

أمّا فيما يتعلّق بمصر، فقد سبق أن حذّرت الإخوة المصريين من سيناريو المُؤامرة السعودية عليهم، في مقال نشرته يوم 05 سبتمبر “أيلول” 2013 تحت عنوان “حذارِ مصر من العسل السّعودي .. سوريا درعُك الواقي”، وأظن أن مصر بثقلها الحضاري، والتاريخي، لا يمكن أن تقع في فخّ المُتآمرين، وهو ما بتنا نلمسه، من خلال تعزيز علاقاتها مع روسيا الإتحادية، وبرأيي أن صمود مصر، سوف لن يُنجّيها هي فقط، بل سيُسهم في حماية دول الجوار وغالبية الدول العربية، وعلى رأسها ليبيا، التي بدأت موازين القوى تختل فيها، وتُسجّل تراجعا كبيرا ل “ثوار” الناتو، وأسيادهم من أمراء مشيخة قطر، الذين نفّذوا المُؤامرة ضدّ الشعب الليبي، فقطر لم يعُد باستطاعتها اليوم، أن تُسيّر ليبيا كما تشاء، برغم أن أبواقها الخبيثة وعلى رأسها قناة “الجزيرة” تعمل جاهدة لتشويه الحقائق، وتغليط الرأي العام الليبي بالأساس، لا لشيء سوى لأن سوريا قلبت الموازين، وتبعتها مصر، وستتبعها تونس، وإذاك، سيكتشف المُواطن العربي، أنّ مملكة آل سعود ومشيخة قطر، قد تآمرا على وطننا العربي، أكثر من تآمر الصهاينة، وما دام أنّنا بدأنا في استرجاع جغرافيتنا العربية، فلا أتصوّر أنه سيبقى هنالك مكان لأمراء الخيانة بيننا، وكجزائري عايش ويلات الإرهاب، لا أملك سوى أن أحذّر الأشقاء العرب، من أنّ أكبر عدوّ لنا هم الأعراب المُتصهينون، والذين كانوا يصبُّون الزيت على النار، عندما كانت الجزائر تكتوي بنار الإرهاب، فأئمة آل سعود كانوا يدعون من منبر الحرم المكّي المُحتلّ لنُصرة التكفيريين الوهابيين في الجزائر، لكنّ الجزائر ردّت عليهم سُمّهم، وانتصرت لوحدها آنذاك على أعدائها بفضل جيشها سليل جيش التحرير، وشعبها الذي يرفض دائما وأبدا أن تُهيمن عليه أية جهة خارجية أو مُستوردة، أو مُصنّعة محليا بأدوات التآمر على الجزائر.

زكرياء حبيبي – بانوراما الشرق الاوسط

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.