عدوان نيسان محطات في التاريخ اللبناني لا تنسى

24 سنة مرت على عدوان الكيان الصهيوني على لبنان، والذي عرف بعدوان نيسان أو كما أطلق عليه الكيان اسم “عناقيد الغضب”، وتوّجه بمجزرة كبيرة بحق المدنيين في بلدة قانا جنوب لبنان وأدى إلى استشهاد 100 مدني وسقوط مئات الجرحى.

 

عملية “عناقيد الغضب” كما سمّاها الكيان الإسرائيلي هو اعتداء حصل في نيسان أبريل من العام 1996، كان الهدف منه توجيه ضربة قوية لـ”حزب الله”، بضرب بنيته وتفكيك مؤسساته والقضاء على الرموز الأساسية وتدمير البنية العسكرية للمقاومة الإسلامية وضرب بطاريات صواريخ الكاتيوشا ومنع وصول الصواريخ إلى شمال فلسطين وإيجاد شرخ بين المقاومة والشعب وبين المقاومة والسلطة ومؤسساته، وأيضا فرض معادلة جديدة على المستوى العسكري لتحقيق أهداف معروفة منها إلغاء تفاهم تموز93 الذي جاء بعد سبعة أيام من العدوان بين 23 و31 تموز(يويليو) 1993 وشكّل محطة مهمة في مسيرة المقاومة الإسلامية الجهادية والسياسية، وكانت حرب الأيام السبعة، التي أطلقت عليها حكومة العدو آنذاك اسحاق رابين تسمية “تصفية الحساب” وكانت أهدافها كما لخّصها رابين: الضغط على حكومة لبنان عبر تهجير السكان من الجنوب، ودفعها للاصطدام بالمقاومة ونزع سلاح حزب الله ووقف عملياته العسكرية. لكن نتائج الحرب على المستوى السياسي جاءت كالتالي:

‏- الفشل في القضاء على حزب الله واستمرار المقاومة الاسلامية بقصف المستوطنات.‏

– تفكك الجبهة الإسرائيلية الداخلية وانفراط عقد الاجماع الوزاري الصهيوني على العدوان.‏

– تداعي ثقة الجمهور الإسرائيلي بحكومته وجيشه، والتشكيك في جدوى العدوان.‏

– التسليم بحق لبنان ومقاومته في تحرير الأرض اللبنانية المحتلة، حيث قضت المعادلة “الشفهية” في ما عرف بـ “تفاهم تموز”، بامتناع العدو عن الاعتداء على المدنيين، في مقابل وقف المقاومة استهداف المستوطنات، مع إطلاق يد المقاومة في الرد بدون أي إنذار في حال خرق التفاهم.

‏عملية “عناقيد الغضب” بدأت في 11 نيسان- ابريل واستمرت 16 يوماً، نفذت فيها الطائرات الإسرائيلية أكثر من 1100 غارة جوية وترافقت مع قصف شامل بأكثر من 25 ألف قذيفة، وفي المقابل نفذت المقاومة الاسلامية 639 عملية قصف صاروخي على المستوطنات الشمالية، فضلاً عن سيل من الهجمات والمواجهات ضد العدو وعملائه في المنطقة المحتلة.‏ استشهد أكثر من 200 لبناني وجرح المئات نتيجة العدوان، وارتكب العدو سلسلة مجازر مروّعة في قرى النبطية الفوقا وسحمر والجميجمة والمنصوري، وكان أفظعها في قرية قانا، حيث قضى 108 شهداء كانوا لجأوا إلى مركز لقوات الطوارئ العاملة في الجنوب، ظناً منهم أن الاعتداءات الإسرائيلية لن تستهدف مركزاً دولياً يشغله جنود يضعون قبعات زرقاء، ولكن ما جرى أنه تم تجميع المدنيين اللاجئين في “هنغارات” داخل حرم مركز الطوارئ، ما سهّل استهدافهم وقتلهم دفعة واحدة

وبعد أكثر من أسبوعين من الاعتداءات والرد الحاسم للمقاومة كان “تفاهم نيسان” في 26/4/1996 قد أنهى العمليّة العسكرية الإسرائيلية, كما أنهى محاولات شيمون بيريز لتوظيفها انتخابياً. فالتفاهم حظي آنذاك بدعم إقليمي ودولي كاملين, بدءاً بموقف الإدارة الأميركية التي التزمته أصلاً ومروراً بموقف قمة الدول السبع التي انعقدت في فرنسا في 27/6/1996 ووصولاً إلى قمّة القاهرة العربية التي انعقدت في الشهر ذاته. وكان الموقف الدولي والعربي يؤكدان على الاستقلال السياسي والوحدة الإقليمية للبنان ويدعمان تفاهم نيسان سبيلاً للتهدئة وتمهيداً لتطبيق القرار 425.

تفاهم تموز 1993 وتفاهم نيسان 1996 كانا اللبنة الأساس اللذين مهدا لتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي وانسحابه المذل في العام 2000.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.