عرسال: تخوّف من صدام بين «الحر» و«النصرة»

 

عرسال

ـ الاخبار: 

أسامة القادري

تعيش بلدة عرسال حالاً من الخوف والقلق من صدام مسلح داخلها بين المجموعات السورية المسلحة، فيما تتفاقم الأزمة المعيشية فيها جراء كثافة النزوح السوري إليها. ارتدادات الصواريخ على اللبوة، وسيطرة الجيش السوري على مدينة يبرود، فضلاً عن كثافة النزوح السوري، كلها ترخي بظلالها على بلدة عرسال والقرى المجاورة. جرود البلدة تعرضت لقصف استهدف منصة الصواريخ التي ضربت بلدتي اللبوة والنبي عثمان أمس. ودفع القصف الفعاليات الى الطلب من الأهالي التخفيف من التجوال في البلدة التي تكاد تنفجر من شدّة الاكتظاظ. سقوط يبرود لا يرى فيه رئيس البلدية علي الحجيري إلا «تضييقاً على عرسال».

يقول الحجيري لـ«الأخبار» إن ما يحصل «مركب ومفبرك من قبل النظام السوري وحزب الله». ويضيف: «بدن يحاصروا عرسال ويدفعوها ثمن موقفها السياسي الى جانب المعارضة السورية»، نافياً أن يكون لعرسال أي دور سوى إيواء الجرحى والنازحين. وأوضح أنه خلال معركة يبرود، خصوصاً في اليومين الأخيرين، «وصل الى عرسال حوالى 400 عائلة سورية نازحة، ما يضعنا أمام مسؤولية أكبر»، وشدّد على أنه ليس بين هؤلاء مسلحون، مشيراً الى أن المسلحين «موجودون في الجرود، ولم يدخل أي مسلح البلدة. طلبنا ونطلب من الجيش أن ينشر قواته على الحدود، وأن يتعامل مع عرسال كما يتعامل مع باقي المناطق، وما هو ممنوع في عرسال يجب منعه في القرى الأخرى، لا أن يسمح لعناصر الحزب والشبيحة بالعبور في الاتجاهين بكامل أسلحتهم وعتادهم ويمنع على مناصري المعارضة هذا الأمر». وأضاف: «شو عرفنا مش هني اللي عم يجيبوا السيارات المفخخة. خلّي الدولة تتعامل مع الجميع سواسية، والتشدد ومنع عبور أي كان الى داخل الاراضي اللبنانية». وعن السيارات المفخخة، قال «إنها من صنيعة النظام السوري ولا علاقة لعرسال بها». وفي الواقع الانساني انعكس إقفال الطريق إلى البلدة في اللبوة، إثر سقوط صواريخ بين اللبوة والنبي عثمان، سلباً على الجرحى والمرضى، لنقص الادوية والمعدات الطبية، على ما قال الطبيب المعالج في المستشفى الميداني في الهيئة الطبية محمد الأحمد. وأكد أن «المأساة تزداد مع تزايد أعداد الجرحى، في ظل نقص الإمكانيات الطبية». وقال: «وصلنا 60 جريحاً وجريحة، و12 قتيلاً، بينهم طفلان وأربع نساء»، قضوا خلال الغارات في منطقة رأس المعرة أثناء انتقال النازحين من يبرود الى رنكوس. وأضاف «معاناتهم كبيرة جراء النقص في الادوية وجراء حالات مرضية تحتاج الى تحويلها الى مستشفيات البقاع، لعدم وجود إمكانيات في هذه المشافي الميدانية». وفي مستشفى «الرحمة» الميداني الذي وصل اليه عدد من الجرحى، لفت الأطباء الى حاجتهم للأدوية وإلى وجود حالات حرجة تستدعي نقلها الى مستشفيات أخرى. وتؤكّد مصادر في البلدة تحدثت اليها «الأخبار» أن بعض المواد الغذائية بدأ ينفد في بعض المحال والسوبرماركت جراء إقفال الطريق خلال فترات متلاحقة. وهذا ما أشار اليه حسين الحجيري، وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية، فيما تتفاقم مأساة النزوح مع قدوم كل عائلة الى البلدة. «أبو محمد الحمصي»، من القصير، يوضح أن «هناك عائلات نامت في السيارات والغالبية نزلوا في خيم تسكنها عائلات أخرى. أصبحت الخيمة الواحدة تؤوي عائلتين وثلاثاً». أهالي البلدة والنازحون السوريون اليها، على حدّ سواء، يتخوّفون من صراع بين «جبهة النصرة» و«الجيش الحر»، بعد اتهام «الجبهة» لقيادات في الأخير بـ«بيع يبرود»، وانسحاب العناصر الذين يأتمرون بإمرته من التلال المحيطة بها «ما أدى الى سقوطها بسرعة غير متوقعة»، بحسب ناشط مقرّب من «النصرة» في البلدة. أحد جرحى المعارك في يبرود قال لـ«الأخبار»: «لا نعرف ماذا حصل. كنا مسيطرين. كانت الأرض لنا والسماء لهم، فجأة سقطت تلة ريما، وبعدها كرّت السبحة. هناك قطبة مخفية في الأمر». يشير الرجل الى أن «تقديراتنا أن الحزب كان يخطط للسيطرة على التلال المواجهة ليبرود. وهذا يحتاج الى عملية حصار محكم على عرسال، لمدة شهرين، وذلك تفادياً لخسائر كبيرة كان سيمنى بها الحزب الذي كان يتخوف من أن معركة يبرود ستكبّده خسائر كبيرة تصل إلى نحو 1500 عنصر . لكن ما جرى كان عكس ذلك، وهذا ما يحتّم فرضية الخيانة الكبرى في صفوف الفصائل المقاتلة التي انسحبت فجأة عن التخوم، والأيام ستكشف المؤامرة التي تعرضنا لها». هذا الواقع الاجتماعي والإنساني في عرسال دفع بعض أهلها إلى رفع الصوت والمطالبة بانتشار الجيش على المرتفعات وفي الوديان منعاً لدخول مسلحين وقصف «القرى الشيعية»، على حدّ تعبير مروان الذي قال: «المسلحون يضربون اللبوة والهرمل ونحن نُحاصر. شي ما عاد ينحمل. لازم الدولة تعمل حل. يكفينا النازحون».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.